من أجل السلام – عبدالهادي البابي
إن العمل من أجل السلام ..أشد صعوبة وتعقيداً من الحرب …وللسلام تهفو أفئدتنا ..لأن الأمن والسلام هو حلمنا الجميل ، ورسالتنا الخالدة ، وهو جوهر ديننا ، والخطأ في السلام أبلغ خطراً من الخطأ في الحرب والقتال …!
وأكيد أن الله ليس مع الظلم والقهر والطغيان والتعصب ، فعندما تكون أرادتنا واحدة ، فبعون الله تعالى يتحول الضعف قوة والتفرق وحدة واليأس أملاً والتشاؤم تفاؤلاً ، فدمائنا ليست أرخص من دماء الشعوب الأخرى ، وبلدنا ليس أقل حصانة من الدول الأخرى ، وشعبنا ليس أقل وطنية وأرادة وتمسكاً بالحرية والسيادة من الشعوب الأخرى ..
كل الحضارات المندثرة كانت تتوق لفكرة الأمن والطمأنينة …هكذا تقول بطون الكتب وكراسات التاريخ ..فالسلام الحقيقي ..هو السلام الداخلي الذي لاعلاقة له بالظروف الخارجية ..القيم الإنسانية النبيلة ..السعادة البشرية ..وخلاصها على هذه الارض أجتمعت وتزاوجت مما جعلت همجية الشيطان تدلف من سقوف الشر لطفيء شموع المحبة وبذور الخير وقمح الحياة ..
السلام لاينبع إلاّ من داخل الإنسان ، وهو لايأتي من خارج النفس ، هو حسّ إنساني عميق ، وماتعانية البشرية من ويلات وحروب وكوارث أنما سببها هو نقص في هذه المحبة ، وتجسدت الويلات بسبب زراعة الحقد والكراهية ، فميلاد السيد المسيح وغيرها من المناسبات الإنسانية العظيمة هي بمثابة أسلحة تتوجه إلى الأعداء لأنها تزرع البذرة الطيبة ، فالذي يريد أن يزرع الحقد يريد أن يجد أرضاً خصبة مليئة بالحقد ليلقي بذرته المشوهة فيها ، فنحن يجب أن نربي أطفالنا وأجيالنا على تقبل السلام وتقبل المحبة ليكونوا عقبة قوية بوجه من يريد أن يزرع الحقد في أرضنا وربوعنا ..
نأمل – بعد وقت صعب وعام ثقيل- لدينا فرصة حقيقية أن نبحث عن فرح ونجده ، نبحث عن عن نور وعن تفاؤل ، وأكيد أننا سنجده هنا ، في أرض العراق ..!
هذا العراق ..أول أرض عمرها الإنسان ..معبر آدم ، ومولد إبراهيم ، وبشارة المسيح ، ونبوءة محمد ..وصوت الحسين ..!!
هنا العراق …تجّول بنظرك ..تعمّق ملياً ، تلك أرض مهبط الديانات ، وموئل الحضارات ، تلك أرض تحملت كل المسؤوليات…
هنا العراق …. أخلع نعليك وتطهر بالفرات ..سيُسمعك الحجر اليوم حثيث خطى الأقدمين ..وكل الذين مروأعليه من الرسل والقديسين ..
سيُسمعك الكلمات التي صُلبت ، وثمرة الدماء التي سالت من قلب الحسين ..!!
هنا العراق ، دار السلام …أرض النخل والماء والحناء ..مشكاة الشرق ، ومصباح الكون ..أهلاً بكم في القبس الإلهي النواراني الذي تجسد في أضرحته ومراقده وكنائسه ومساجده ..منه يصعد الكلم الطيب ، والصلواة للسماوات العلى ..لك وحدك ياعراق ، مباركة الرب في سرمدية البقاء ….