منطقة الخميسية كانت همزة وصل بين غرب العراق وشرق نجد

منطقة الخميسية كانت همزة وصل بين غرب العراق وشرق نجد
سوق الشيوخ أنجبت عازف القانون سالم حسين ورواد الأغنية الريفية حضيري أبو عزيز وداخل حسن وناصر حكيم
إبراهيم الولي
الى شمال الصفاة تقع مخازن الحبوب السيف بكسر السين. وأشهرها سيف الذرب وسيف الدهش. وإذا ما تركت السيف وراءك فستكون قد وصلت الى مرآب كراج المدينة حيث تقف سيارات الأجرة لنقل الركاب الى الناصرية و ربما الى ما بعدها. والى شمال ذلك بمحاذاة نهر الفرات توجد علوة الأسماك حيث تعرض الأسماك التي تم إصطيادها من النهر أو من هور الحمّار القريب من المدينة.وكنا ونحن صغار نصطاد سمك الجرّي catfish بسهولة لوفرته، ثم نعيده الى النهر ذلك لأن جميع أهل سوق الشيوخ يعافون أكل هذا النوع من السمك. فهناك فئة من الناس ترى أكله مكروهأ أو محرمآ لأن جلده أملس دون حراشف. والبعض يعتقد أن هذا النوع من الأسماك قد عكٌر مياه النهر على الإمام علي إبن أبي طالب، عليه السلام. وأما الفئة الأخرى من المسلمين فكانت تمتنع عن أكله تضامنا مع الآخرين وليس عن إعتقاد بأسباب التحريم. وأعتقد أن هذا النوع صار أكله مرغوبا الآن لدى العراقيين بعد أن دفعتهم الحالة الإقتصادية لذلك بحكم رخص سعره، فهم يتلذذون بلحمه ويستخدمون جلده الأملس السميك نسبيا لصنع آلة الإيقاع الدنبك أو الطبلة. جدير بالذكر أن كميات كبيرة من هذا النوع كانت تصدٌرفي حينه من الناصرية الى فلسطين في سيارات مثلجة. تقع بعد هذه العلوة محلة النيايير النجارين الذين يصنعون البسيط من الأثاث من سعف وجريد النخيل كالكراسي وأسرة النوم ومهود الأطفال وأقفاص الطيور. الملاحظ أن سوق الشيوخ لم تكن مؤهلة لزيارة السياح سواء من العراقيين أو من غيرهم فهي تخلو من المطاعم والفنادق، عدا محلات الكباب ومسافرخانة إستخدمت كمدرسة أولية لبعض الوقت،وكان في المدينة خان العجم الذي يأوي اليه عمال ايرانيون وغيرهم من الحرفيين الذين لا سكن لهم ،على ان الإستثناء الوحيد تمثل في وصول قوافل البدو القادمين من البادية للتبضع من سوق المدينة من الحبوب والتمر. وكنا نشتري منهم المكل بتضخيم الكاف، وهو حليب الناقة المجفف وهو غذاء جيد يتميز بحموضة مستساغة.
وإضافة لهذا فهم يحملون معهم الحطب الصحراوي الجاف من الغضا،جذوع الشجيرات، والرمث بكسر الراء و الميم وهي الفروع الرفيعة من تلك الشجيرات الصحراوية و تكون سريعة الإشتعال. وكانت القافلة تستقر في منطقة البدعي الى أن ترحل بإبلها المثقلة بما إشترت من خام وطعام خصوصا الحبوب والتمور.
التركيب السكاني للمدينة
أهل سوق الشيوخ الطيبين خليط من أعراق عدة يشكل تجمعا بشريا هو حصيلة هجرات متعددة ومتنوعة إستقرت بدوافع إقتصادية بالدرجة الأساس منذ القرنين السابع عشر والثامن عشر. فكانت هذه البقعة من الأرض مركز جذب لهجرة ريف ــ مدينة تتسع بمرور الوقت.وقد ترى أن هجرات اخرى قد وقعت لكن مصدرها هده المرة من مدن الى مدن و إن كان الدافع إقتصادي أيضآ، فقد جاء من بغداد من إستقر في محلة البغادة، ومن الأحواز فكانت الحويزة، ومن العمارة فكانت محلة الصابئة، ومن الجزيرة العربية و من الخميسية المجاورة فكانت محلة النجادة و الإسماعيلية،ومن العشائر ومدن أخرى فكانت محلة الحضر، أن غالبية هؤلاء القوم عرب مسلمون ينتمون الى عشائرعربية قربت أو بعدت عن المنطقة، ربما كان عدد المحيطين بالمنطقة منها أضعاف سكان المدينة ممن ينتمون في غالبيتهم الى حجام وبني خيكان وتميم وبني ركاب والمنتفك وبني أسد والعساكرة وآل نجي وغيرهم. رجال هذه العشائر شجعان معتدٌون بأنفسهم، لدرجة أن أتباع الشيخ نجي العودة، شيخ المطيرات، عندما بادرته المنية، كانوا يهوسون يهتفون خارج البيت ويطلقون الأعيرة النارية مرددين ياموت إسترخص من شيخك أي إستأذنه، وكانٌي بهم وقد ورثوا تفاخر عمرو بن كلثوم بقوله في اخر معلقته إذا بلغ الفطام لنا صبي تخرٌ له الجبابر ساجدينا . أما الفئة الأخرى من أهل السوق فهم النجادة الذين إستوطنوا أول الأمر منطقة الخميسية على حافة البادية الجنوبية، الى الجنوب الغربي من السوق على بعد كم، ومنها إنتقلوا الى سوق الشيوخ، فهم أول من إستوطنها في رأي معظم المحققين، رغم حنينهم للخميسية فقد كانوا يرددون في رقصة الهلاي بتضخيم اللام، في المنابسات السعيدة، نعبر الهور ونسكن بالخميسية حتى سموها ديرة العز. والنجادة الطيبين المسالمين هم من هاجر من أرض نجد وقد حلٌ معظمهم في الخميسية اولاٌ قادمين من القصيم و بريدة ، أو من أقطار الخليج العربي المجاورة للعراق طلبا للرزق أو بدوافع أخرى، فهم في غالبيتهم يمارسون التجارة وفيهم أسر عريقة من الشيوخ والعوام.وقد تركز تواجد هذه الفئة في محلة واحدة هي محلة النجادة ولو أن سكان هذه المحلة ليسوا بالضرورة جميعم بالنجادة بل أن ما يجمعهم هو أنهم يتبعون مذاهب الأئمة إبن حنبل أو الشافعي أو المالكي او ابو حنيفة النعمان عليهم السلام، وغالبيتهم العظمى عرب ونحن منهم، وفيهم كما في المحلات الثلاث الأخرى، بعض من هو من أصل كردي أو تركي وآخرون سود البشرة من بقايا الزنج ممن جلبوا إلى جنوب العراق أيام الخلافة العباسية، عندما فتحت الدولة الإسلامية الساحل الشرقي لآفريقيا الممتد من تنجانيقا وزنجبار تنزانيا حاليآ الى كينيا والصومال. وقد استقر هؤلاء في حوض دلتا دجلة والفرات جنوب العراق وكانوا يعملون بالسخرة في ظروف عمل قاسية كالممالح جنوب البصرة وشق قنوات الري، الى ما شابه. تراكمت على هؤلاء القوم صعوبات الحياة حتى أعلنوا ثلاث ثورات على الحكومة، وكان عددهم حوالي المائة وسبعين ألفا، بين القرنين السابع والتاسع. إلا أن أعظم تلك الثورات الثلاث كانت بين الأعوام 868 ــ 883م، وهي فترة حكم الخلفاء العباسيين المعتز والمهتدي والمعتمد. ثم أخمدت في النهاية فإنتشر السكان الى جهات عدة من العراق والخليج العربي والجزيرة. وهكذا كان نصيب سوق الشيوخ بعض أسر من بقايا الزنج ـ هم عائلة الكبسو وكنيهر، وكريم وسلمان العبد وأبوقارم وعبد عويد وفاطمة العبيد، وهي التي تحيي طقوسآ في حفلات نسائية فيها رقص إيقاعي
الهيوة على نقر الدفوف وتسمى الحفلة الطك أي الضرب على الدفوف.

الخميسية
لم يكتب كثيرا عن ثورة الزنج سوى بعض البحوث التاريخية. وبهذه المناسبة أذكر أن الدكتور فيصل جرىء السامر، الباحث العراقي كان قد حصل على الماجستير من جامعة فؤاد الأول في القاهرة في نهاية أربعينات القرن الماضي على رسالته ثورة الزنج وكنت حاضرا مناقشتها حين كنت طالبا أدرس الفلسفة وعلم الإجتماع في تلك الجامعة في ذلك الحين. أعود للحديث عن الخميسية، لاهميتها في كل مناحي الحياة في سوق الشيوخ، فقد ظهرت الخميسية للوجود في اواخر ثمانينات القرن التاسع عشر علي يد مؤسسها عبد الله محمد الخميس الذي اعطاها اسمه، والذي اتاها قادماً من بريدة في نجد وقد شجعه شيوخ السعدون على هذا المشروع فانتعشت الخميسية خصوصاً في فترات فيضانات عظيمة عزلت سوق الشيوخ عن طرق المواصلات التجارية، فاصبحت مركزاً مهماً وهمزة وصل بين غرب العراق وشرق نجد مما شجع العديد من العوائل النجدية من منطقة القصيم على الاستقرارفي االخميسية، على ان هذا قد تراجع بسرعة بسبب استعادة السوق لدوره في التجارة بعد انحسار مياه الفيضان عنه وحلول بريطانيا محل العثمانيين في نهاية الحرب العالمية الاولى الامر الذي حمل معظم الاسر النجدية على الانتقال بمالهم وخبراتهم الى سوق الشيوخ التي اصبحت منطقة جذب لهم، وهكذا بدأت الخميسية المزدهرة تذبل و تتراجع بعد ان كانت المقر الحربي لآل السعدون وقد ضمٌت مدرسة دينية مشهورة لتعليم فقه الامام احمد ابن حنبل. لقد كنت محظوظاً عندما رافقت خالي المرحوم الحاج علي الملا عارف في زيارة الخميسية في عام بدعوة من اصدقائنا عائلة الشمالي ركبنا مع اخرين البلم من منطقة الصلبة حتى وصلنا الخميسية عبر هور نجي فبقينا فيها ثلاثة ايام غادرناها على ظهور الحمير الى تل اللحم وقد سارت بنا الحمير في ظلام دامس بضعة كيلومترات حيث اخذنا القطار الى الناصرية ومنها العودة الى السوق، كان رفيقي اسماعيل العبد الرزاق الشمالي الذي دلٌني على معالم المدينة الآفلة نصف الخربة، كما اخذني خارج المدينة ليريني حفرة كبيرة تحرق فيها الحامية العسكرية البريطانية المتمركزة في تل اللحم المهملات وبقايا الاطعمة المجففة والاوراق، وهكذا كتب لي ان اشهد ذبول تلك المدينة العزيزة مع الاسف. فإذن نجد أن المسلمين الإثني عشرية، أتباع الإمام جعفر الصادق عليه السلام ، بصرف النظر عن العرق، قد تمركزوا في ثلاثة أحياء من المدينة، هي محلة الحويزة ومحلة الحضر و بعض من محلة البغادٌة.. أما المسلمون السنٌة، بصرف النظر عن العرق، فقد تمركزوا في محلة النجادة. وبعد بدء توسع المدينة نشأ حي جديد هو الإسماعيلية. وسكانه مسلمون من جميع المذاهب الإسلامية، فهو لم يخضع للفصل المذهبي الطوعي الذي صبغ المحلات الأربع الأخرى.
تميزت هذه المحلة بحداثة عهدها فكانت شوارعها عريضة متوازية ليست كمثل المحلات الأربع في مركز المدينة التي نسميها الديرة والتي ترتفع عن الإسماعيلية وهي ذات أزقٌة ضيقة درابين توحي للمرء بأن مصممها كان يفترض وقوع هجمات على المدينة بقصد الغزو مما يسهل حمايتها من خلال تلك الأزقة الضيقة. ولقد وجدت ما يشبه الديرة في مدن عالمية كبرى، ففي مدينة ستوكهولم توجد المدينة القديمة Gammalstad وفي جنيف Vielle Ville والفكرة في التصاميم واحدة. والحق أن هاجس هذا المخطط قد تحقق حين هاجمت العشائر المدينة في ثورة سنة 1935، مما سيأتي ذكره عند الحديث عن هذه الثورة.
ولكي ما تكتمل صورة سكان سوق الشيوخ، نعبر الفرات الى الجانب الأيسر من المدينة الذي إعتدنا على تسميته صوب الصبّة يعني ضفة الصابئة المندائيين. وهم قوم مسالمون لهم طقوسهم الدينية الخاصة، خصوصا ما يتعلق منها بمراسم الزواج حيث كان العروسان يغمران في مياه نهر الفرات الى وسطهما ومعهما رجل الدين المكلف بإجراء مراسم الزواج.
الحالة الثقافية
لا أدري سبب إنتعاش الحركة الثقافية في مدينة صغيرة منعزلة نوعا ما كسوق الشيوخ. علماً بأن أول مكتبة أنشأت خلال الحرب العالمية الثانية. فلقد كثر فيها المثقفون من دبلوماسيين وأطباء و رجال قانون ومربين وفنانين وأدباء وشعراء، بل وحتى رواد حركات سياسية. فأنت تجد فيهم القومي والشيوعي وفيما بعد البعثي. ربما كان لبساطة الحياة وجمال الطبيعة حولها أثر بالغ في ذلك. لقد كان عبدالرقيب اليوسف وحمدي الحمدي ومجيد النجار وسلمان عبدالرحمن ومعن العجلي و إبراهيم عثمان و شاكر حيدر وغيرهم أدباء و شعراء و خطباء. كنت ترى لفيفا من هؤلاء الطيبين يجوبون محيط المدينة عصرا يتطارحون الشعر أو يلجون أبواب السياسة و الفلسفة، فما أشبههم بالمشٌائين من الفلاسفة اليونان أتباع أرسطو، وهم يقرأون كل ما تقع عليه اليد من نتاج أدبي عربي أو عالمي وبالأخص من الأدب المصري كمجلة الرسالة و تراجم المنفلوطي لعيون الأدب الأوروبي الرومانسي كروايات ماجدولين و سيرانو دوبرجراك و ألام فرتر.
أعطت مدينة سوق الشيوخ للعراق فنانين مثل الملحن عازف القانون الماهر سالم حسين. وكان حضيري أبو عزيز وداخل حسن وناصر حكيم وهم رواد الأغنية الريفية. و لفن التصوير باسم محمد عارف. ليس هذا حسب فقد كنا ونحن صبية نستمع إلى برامج الموسيقى الكلاسيكية من إذاعة لندن التي تبث باللغة العربية، وكنا نسميها الموسيقى الغربية، فكنا منجذبين اليها دون فهم، وكان فريق من أقراننا يسخرون منا وينعتوننا بالمتفرنجين وإعتقادي أن السبب هو تخلفهم عن تذوق هذا الفن العالمي الذي هو ملك للبشرية عبر المكان و الزمان. كما أن إذاعة بغداد كانت فيما بعد تذيع أمسيات يعزف فيها كل من ساندو ألبو على الكمان وجوليان هرتز على البيانو، وهما فنانان هنغاريان إنتدبا للتدريس في معهد الفنون الجميلة الذي كان يديره الشريف محي الدين حيدر، ومن هناك خرجت الفرقة السمفونية العراقية للوجود وأنجبت موسيقيين كبار في مقدمتهم بياتريس أوهانسيان وغيرها.
نعود لحالنا نحن الصبية، فقد كنا الى جانب ما تقدم نحفظ ونقلد أغاني محمد عبد الوهاب حين كنا نمضي أمسيات الصيف جالسين على الجسر تتدلى أرجلنا في مياء الفرات المنعشة ونحن نتبارى بأغنية عندما يأتي المساء وغيرها يشهد علينا القمر من عليائه مضيئا صفحة النهر، ألا سقى الله تلك الأيام الجميلة التي مرت كحلم صيف. ظلت سوق الشيوخ أماً ولوداً لشخصيات ثقافية متميزة في خدمة العراق، فقد أعطت للسلك الدبلوماسي العراقي من السفراء كلا من السادة عبدالغني الدلٌي وعبدالجبار الهدٌاوي و إبراهيم ألولي ويعقوب الحمداني وجعفر العيد، ومن القضاة والمحامين السادة راجي يونس الهداوي وهداوي محمد الهداوي وحسن محمد الهداوي وكاظم يونس الهداوي وعبدالله محمد العرب وإبراهيم عثمان العثيم و عبود جايد العلوان وعبدالجبار الدلٌي وعبدالكريم الدلي ومحمد جواد حيدر ومجيد حمد النجار وطالب بدر و شاكر الحمداني . ومن الإقتصاديين والعلماء، كان السادة د.عبدالله أبا الخيل، رجل ألأعمال و عالم الفيزياء النووية، ود. محمد علي العبدالله أبا الخيل الإقتصادي المتميز الذي تولى وزارة المالية و الإقتصاد للمملكة العربية السعودية بكفاءة مشهودة لفترة ممتدة ود. محمد علي العيد ود. عبدالقادر اليوسف ود. جواد الهداوي ود. طالب العيدي، ود.عبد الفتاح المطلك ود عادل الشاهر. ومن المهندسين الإستشاريين السادة محمد علي العبد وعبدالكريم على الولي. ومن المربين الأفاضل كان السادة عبدالمنعم حسين وحسين حسن وسالم البراك ونعيم حداد الذي دخل فيما بعد معترك الحياة السياسية فكان وزيراً و رئيساً للبرلمان وقيادياً ومهدي راضي وراضي على العبد وعبدالعزيز عثمان وسلمان عبدالرحمن وحسين الراضي وحسين عبدالرزاق و ورد شجر و ورد عنبر و حامد الشنون و نوري جابر وغيرهم. ومعذرة فأنا أذكر بعض هذه الأسماء التي عايشتها في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي. ولست أشك في أن هذه الشجرة المباركة قد انتشرت فأثمرت حتى الآن بأكثر مما أنجبت قبلا. بالرغم من هذه الصورة المشرقة عن الحياة الثقافية في سوق الشيوخ إلا إأنها لم تكن لتخلو من السلبيات التي مردّها الجهل والتعصب، فلا بد من الإعتراف بأن المجتمع بغالبيته كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب. ولم يكن النظام التربوي المركزي للدولة قد عمّ البلاد فلم يكن لسوق الشيوخ وحتى لإخواتها المدن المماثلة سوى مدارس أولية، أي ذوات أربعة صفوف ثم نمت حتى إكتملت الى الستة صفوف. فقد كنا نذهب الى الملاّ حنتوش، رحمه الله، لنتعلم بطريقة لا منهجية بعض سور القرآن الكريم من الفاتحة حتى سورة الفجر، وهنا يقام لنا إحتفال بهذه الختمة. وحتى ذلك الحين لم تكن في سوق الشيوخ مدرسة متوسطة أو ثانوية، لهذا كان أهلنا يرسلوننا الى الناصرية لإكمال الدراسة المتوسطة والثانوية وكان ذلك يشكل عبئا ماليا كبيرا على العائلة. أذكر أني عندما إلتحقت بالمدرسة الأولية في الصف الأول، كان يقوم بتدريسنا السيد حسين خابط، فرٌاش المدرسة، الذي كلف بملىء الشاغر، إذ لم يكن هناك العدد الكافي من المعلمين لسد حاجة جميع الصفوف. ومن الإنصاف أن أذكر أن الرجل كان مربيا بالفطرة. علما بأن تدريس الصفوف الأولى في المدارس الإبتدائية والأولية هو من أصعب ما تطبقه طرق التدريس الحديثة مما يقتضي إعداد المعلم بصورة خاصة لهذا الواجب التربوي.
/6/2012 Issue 4217 – Date 4 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4217 التاريخ 4»6»2012
AZP07