مندلي مدينة المليون نخلة تستغيث

مندلي مدينة المليون نخلة تستغيث

لا شك عندما نقلب صفحات التأريخ القديم والحديث ونطالع تأريخ المدن العراقية نجد هناك مدناً خلدها التأريخ ولها مواقف لا تنسى ولكن رغم تعاقب الحكومات العراقية على إدارة البلاد لذلك نرى أن قسماً من هذه المدن أهملت وهمشت وتكاد تكون طي النسيان ومن هذه المدن مدينة مندلي العراقية العربية الأصيلة أحدى مدن محافظة ديالى المهمة والتي لها تأريخ حافل في مجالات الأدب والعلم والمعرفة وفي مواقف أهلها الوطنية والتي سطرها التأريخ بأحرف من نور هذه المدينة كانت قضاء في العصر العباسي وتابعة إلى ولاية بغداد واليوم نجدها ناحية بائسة علماً بأنها قدمت عشرات العلماء والشعراء والأدباء والمؤرخين والقادة والباحثين أنها المدينة العراقية التي وقفت بوجه الغزو التتري للعراق بقيادة هولاكو ومنعته من دخولها بمقاومة أبنائها الشجعان هذه المدينة التي كثيراً ما قاومت الغزو الفارسي على مر العصور هذه المدينة التي وقفت شامخة بوجه العدوان الفارسي عام 1980 وذلك عندما بدأت الحرب العراقية الإيرانية كما أن أهلها الشجعان صدوا الهجوم الكبير الذي قام به الايرانيون في أيلول عام 1982 وكبدوا الفرس عشرات القتلى ومنعوهم من دخولها كما تحملت مدينة مندلي طيلة سنوات تلك الحرب الكثير من المآسي والتدمير عندما كانت تقصف يومياً من قبل الايرانيين بالمدافع الثقيلة ما أدى إلى تهديم عشرات البيوت وحرق نصف بساتينها وأستشهاد العشرات من أبنائها ومنهم تلك العروس التي أستشهدت بقذيفة مدفع يوم عرسها . هذه المدينة التي تحملت العطش منذ قيام ثورة 14 تموز 1958 عندما قام نظام الشاه بقطع المياه عنها ما تسبب بموت بساتينها العامرة وعطش أبناءها حيث أضطروا إلى الهجرة منها إلى باقي المدن العراقية وترك دورهم وبساتينهم . هذه المدينة التي أشتهرت بساتينها بأجود أنواع التمور التي تتعدى أكثر من مئة نوع وبرتقالها ورمانها الذي لا يوجد له شبيه في كل بساتين العراق . هذه المدينة التي يعيش أبناؤها في أجمل صورة التعاون والمحبة والتآلف حيث يوجد فيها الكرد والتركمان والغالبية من العرب وبقية أطياف العراق حيث اليوم هي أهدأ مدينة عراقية خالية من الجريمة والأرهاب بفضل أبنائها وتعاونهم وحبهم لمدينتهم ولوطنهم علماً بأن كل الحكومات التي توالت على الحكم في العراق منذ تأسيس الدولة العراقية وحتى الآن لم تنصفها مطلقاً فبقيت مهملة بشتى صنوف الأهمال لم تفتح فيها مشاريع ولم تبن فيها مدارس كافية لأبنائها ولم تشق وتبلط طرقها ولا يوجد فيها أي وسيلة ترفيهية نراها ليلاً تعيش في ظلام دامس لعدم وجود أضاءة في شوارعها مطلقاً بساتينها أهملت ولم يتم توفير الماء لها رغم وعود المسؤولين ما سبب هلاك ثلاثة أرباع بساتينها وقبل ثلاث سنوات أنشئ بقربها سد لغرض خزن مياه الأمطار ولكن هذا السد فاشل بتصاميمه وقلة مساحته حيث لم تستفد منه بساتين مندلي وبقيت تعاني العطش . هذه المدينة نراها اليوم أطلالاً وذلك لتهدم دورها وأسواقها ومحالها بسبب القصف الايراني لها يومياً طيلة سنوات الحرب ورغم إنتهاء الحرب منذ 26 عاما فأن يد الاعمار لم تصلها بل بقيت مهملة ومنسية وفي عام 1987 قام النظام السابق بأصدار قرار يتضمن ألغاءها من قضاء وجعلها ناحية وأستحداث ناحية بلدروز قضاء بدلاً عنها مما زاد في عزلتها وأهمالها ونسيانها .

أن أهالي هذه المدينة العريقة ووجهاءها وشيوخها كثيراً ما راجعوا المسؤولين وطالبوا بإنصاف هذه المدينة على مر السنين دون جدوى واليوم يناشدون مرة أخرى كافة المسؤولين وخاصة في الحكومة المركزية ومجلس محافظة ديالى أن يلتفتوا إلى مدينة مندلي وينصفوها من خلال تخصيص المبالغ اللازمة لأعمارها وأعادة الحياة إلى بساتينها وأحيائها من جديد وتخليصها من الهلاك وأنقراض أجود أنواع تمورها , أن أبناء هذه المدينة البطلة يطالبون بتوفير الكهرباء اللازمة لها وتنوير شوارعها ليلاً وأعادة فتح المكتبة العامة فيها وتجهيزها بكافة المستلزمات والكتب بعد أن أحرقت ونهبت كتبها من قبل العصابات الاجرامية والسراق في 9 / 4 / 2003 وبناء عدد من المدارس فيها وفي القرى التابعة لها وتوفير الماء اللازم لبساتينها حتى تستعيد نشاطها من خلال وضع معالجات علمية وناجحة لسد مندلي الذي لم يكن بالمستوى المطلوب ولم يحقق الهدف الذي أنشئ من أجله.

أن أعمار بساتينها يكون سبباً للحفاظ على أنواع تمورها النادرة كما يطالبون أبناء مندلي بالاسراع لاكمال المنفذ الحدودي مع أيران ليساهم ذلك في القضاء على البطالة وإنعاش المدينة أقتصادياً وتبليط ممر ثان لطريق مندلي بلدروز وأعادتها قضاء بدلاً من ناحية. أبناء مندلي يطالبون بفتح مشاريع فيها لأنقاذهم من البطالة والفقر والأمية التي تفشت في المدينة بعد 9 / 4 / 2003 وأعادة فتح مستشفى فيها بدلاً من المركز الصحي وذلك لبعدها عن مركز المحافظة علماً بأنها كان فيها مستشفى في ستينات القرن الماضي حيث أن المركز الصحي الموجود فيها لا يفي بالغرض المطلوب .

أهالي مندلي يطالبون بتخصيص مبالغ لبلديتها حتى تقوم البلدية بعملها بتبليط شوارع المدينة ومهامها الأخرى أسوة بباقي بلديات المحافظة وتقديم قروض لأبنائها لغرض أنشاء دور حديثة لهم بدلاً من الدور المهدمة وذلك ليس بالصعب على الحكومة كل ما ذكر أعلاه يجعل أهالي مندلي بأنهم جزء من أبناء ديالى بل جزء من أبناء العراق يستحقون الاهتمام وأخيراً نقول أنقذوا مندلي من الاهمال وأنقذوا بساتينها من الهلاك لأنها مدينة المليون نخلة وأن مندلي تستحق كل ذلك .

 خضير العزاوي

مشاركة