توقيع
فاتح عبد السلام
العملية السياسية التي يتمسك بها سدنتها بوصفها الحل الوحيد الذي من دونه يتداعى العراق ، أصبحت منذ زمن طويل خارج الخدمة الفعلية ، حيث يتصرف أصحابها أنفسهم من خلال أطر ومجريات خارجها حتماً .
الجميع يظهرعليهم الشعور بأنّ الانقسامات التي تضرب في الأعماق بعيداً ، ستطيحهم عاجلاً أو آجلاً ، إطاحة لا تنتمي الى عالم -الديمقراطية -التزييني المغلف لحياتهم اليومية .
رئيس الحكومة في الشهور الاولى من حكمه أعلن أنه سيمضي بخطواته حتى لو تعرض للقتل . وكان السؤال الذي تركه الجميع من دون إجابة ، من القاتل المحتمل وماذا يريد بإزاحة هذا الرجل المنتمي للتشكيلات ذاتها تحت خيمة العملية السياسية مهزوزة الاوتاد.
اليوم ، وجدت بين السياسيين مَن يستهزيء بما أعلنه زعيم التيار الصدري ، مقتدى الصدر ، حول وصيته واحتمال تعرضه للإغتيال . والموقف لا يستدعي الاستهزاء أبداً ، ولا يمكن قراءته في سياق خط انتخابي لتيار يعرف الجميع حجمه المؤثر في الساحة ولا يتأثر في المعادلة الكلية اذا زاد له عضو أو نقص في البرلمان . الصدر يتحدث بوعي عال عن تحديات جدية ، وماعرض موضوعة اغتياله المتداولة إلا جزء من ملامح المرحلة المقبلة ،لما بعد الحرب على داعش وعودة المليشيات الى مواقع أخرى وتحت مظلات أكثر وضوحاً. وهنا يبرزصوت ملكي اكثر من الملك ، يطلقه رئيس الحكومة للدفاع عن الحشد الشعبي ، المسمى التشريعي للمليشيات ، مهدداً من يحاول النيل منه بالضرب بيد من حديد. ياترى أية يد ستضرب ، ومَن سيكون الضارب ومَن المضروب ، وأين ستحدث الواقعة ؟. انه ليس كلاماً مجازياً أو تهديداً معنوياً ، ثمّة اعلاء للصوت الى حد الصراخ ، بالرغم من ان القاعة فارغة أو صامتة ، ولا داعي للصراخ .
اعلم انهم لا يرسمون المرحلة لكنهم يستشعرون بقلق اضطرابها ومفاجآتها ، لذلك يتصرفون من موقع المنتظر ، حامل الحقيبة وعينه على القطار الآتي ، لكن المشكلة أن كثيراً من المنتظرين لا يعرفون انهم لا يحملون التذاكر، برغم من ان بعضهم يملكون ثمن شراءها.
رئيس التحرير
لندن