مملكة أنور عبد العزيز

مملكة أنور عبد العزيز
أحلام تغتسل بالضوء
فارس الغلب
عندما يتشيأ عنوان نص ما، حلما شفيفا يحركه بلبل حميم، فثمة ما يشعرك انت المتلقي انك تلبي نداءا يقودك من أهدابك، الى حيث بهجة إصغاء ساكن إلى ترنيمة نشوانة، ومجانية، تشحن فضاء اقتحام لوثة البياض بسواد أرتال نمل الكلم أو هذا ما شدني إلى حلم طفل استحق التربع على عرش مملكة أنور عبد العزيز في مجموعته القصصية الأخيرة حلم البلبل ذلك الحلم الفجاءة الشادي الذي شاخ مع القاص يبلي أسماله على سلم الزمان ويزدرد غصة تحقق عصية انه حلم بوذا القفص متبوعا بعناد طفل لا يتقبل سماع لا سمجة تتناسل علامات استفهامها على مساحات نصوص المجموعة كلها او كذلك أسئلة الكبير أنور عبد العزيز الثائرة على الدوام في وجه الوجود والموت والشيخوخة والظلم والعوز الانساني بمرادفات الأسئلة اليومية كلها حتى يخيل إليك انه يقمع نيتك عن طرح إي سؤال يعن لخلدك ويغنيك عن جرس فضول السؤال تلك الأسئلة الوجودية التي لا بد من أن الكثيرين منا خبروا مثيلاتها من رسومات بعثرها الحفر والطبشور او هي يوميات أجدادنا القدامى على جدران الكهوف لتروي حيرة وجودهم على هذا الكوكب في عصورهم الأولى وما تبعها من عصور دوخت البشرية باعتقادات انويه سيلت الدم قانيا ومدرارا فوق عتبات مذابح المعابد وساحات القتال وشوارع المدن جلها قرابين لا تشبع إجاباتها أسئلة الكهانة. احسب أنني وجدت ضالتي متأخرا لأطرق شغفي في الكتابة عن انور عبد العزيز ولو مضمضة لا تروي عطش المحاولة إكبارا وإجلالا يستحقه بعد السفر الكبير الذي قدمه للقصة بالأخص عندما تعيدني الذاكرة إلى ايام قريبة خلت قابلت فيها من اسمعني عن رغبة كاتب موصلي يروم تأليف كتاب عن انور عبدالعزيز ولا يدري هذا الكاتب او ربما يدري انني كتبت عن شخص أنور عبد العزيز أكثر منه عن نصه او كذا جرى اتهامي في حينها عندما كتبت عن مقاعد حجرية في عمودي الأسبوعي على طرف اللسان ربما حوت تلك التهمة ما يجافي الصواب ولأجل ذلك اسمحوا لي انا المصاب برهاب الشطآن خوف الغرق حتى في مخيالي اسمحوا أن أعوم عكس التيار صوب مرفأ قناعتكم لأترك لكم الحكم على ما قيل من ترهات لم تبلغ أذني الوسطى لأنني في النهاية لست ناقدا يتدرع بمجن نظريات النقد وإنما اكتب عما أراه من سياق ونسق فأن جازت المحاولة فذلك هدف أصبو اليه وان عازت فان ارضي مائلة لا تري ما وراء أكمة النقد لكن العبرة تبقى في صف توصيله وما يثيره في فهم المتلقي ولن اكتفي بالقول أن مقالي الأسبوعي كان له ما يسوغه في كونه خطابا أسبوعيا لصحيفة محلية يروم وصف الواقع المعاش لذاته ويبث وعيا تنشده الأمم اكثر منه ركوب موجة النقد في هيجان بحر لا يمت بصلة قرابة من الدرجة الأولى لمن لا يجيد العوم، ثم هل ان انور عبد العزيز لا يستحق من تلميذ له وفاء صادقا يلهج الإشادة بما عرفه عنه من أوصاف تسكن روض قيم موجب؟ مرة أخرى اسمحوا لى بإفساد فضاءاتكم بالتكرار مثلما يفعل صباح مساء منادوا كارت ابو الخمسة بخمسة بأن اعيد ما كنبته عنه وعن مقاعده الحجرية ..
مقاعد حجرية النص
أنور عبد العزيز، ضرس ملح المحار، شيخ قصاصي هذه المدينة، أيها التلميذ المواظب حتى بعد منتصف السبعين. أتعبتَ الطواف بين الرحيق والعسل، وأنت لمّا تغادر فردوس الكتب الحميم.. أصبت الدوار بالطنين الأبدي، يحشو راسك بالحروف الضاجّة بالصراخ، في فوضى مصاطب مقاهي العبث، ورتابة طوابير رحلات الصفوف البكماء، ذبت أمام طلبتك كطبشور على اللوح، حدّ غدوت تسمع بعينيك، تحكي بعينيك.. ألقيت واردك في جمة الحياة، فامتلأ دلوك من الترحال، ومن شجن الكتابة، تريقهُ على صفحات مجاميعك القصصية، تلك التي تبصمها بصورتك الشخصية على الغلاف الأخير، التي تطابق صورة يوسف عمر..
أتحفت المكان من عبق المدينة، بصور تنشدّ إلى روائع مراد الداغستاني، بسلك موسلين.. هنا صورة الجسر العتيق، تتأود قضبانه بالرقص الشرقي، فوق زرد صفحة دجلة، المعتل من النسيم، وهناك زورق يرمي شباك الصيد الى السماء، وشارع غائم يرشّه الرذاذ، في ثورة العربات والخيول الطافحة..
حملتْ بسالتك الباصات الصباحية، الصائلة على باب الطوب في هجومها الكبير، لتحرر أنت حذوة فرس، في المقهى الذهبي، ومقهى الأكابر، مقاعدك الحجرية أو في تخييل مقاعد حجرية حيث الصقيع والبرد، والنوارس البيض، بأحمر شفاهها من نجيع اسماكٍ، تروم الاختناق بتنشّق الهواء..
هل ابحث عنك في بستان ارض الفستق، لدى الفتى الهيمان بالنافذة الوحيدة، والستارة المواربة، التي تزيح غدائرها عن قمر ذلك الزمان، أو في مرارة الفستق الفج والحب المفترض، او في رعب علي العورة في حفلة الختان، او في شفرات سواطير القصابين المثقفة، في هيجان الثيران على الطريق إلى المسلخ ؟. أيُّ هوسٍ، أي وفاءٍ يدفع بك إلى هذا الجحيم، هذا الجنون. ها أنت تخشى من ورقة بيضاء تضمّها غرفتك، من قصاصات تسرق منك هناءة الرقاد، تخشى من كتاب معاند يمغنط الثريّا.. ماذا يجري لو تشارك قلمك مثوبة إحالتك على التقاعد، ما دمت لا ترحم جوارحك من هذا الأذى؟
يا أستاذي حتى هوميروس، قضم تفاحة الراحة بين الإلياذة والأوديسة، فما عادت الكلمة ذات بال في موات الضمير، غربة الضمير في عالم يختنق بأرقام البورصة، في عالم يخترق آفاق الفضاء بالتكنولوجيا، ويعمل بالخرافة، ليغزو يأجوج ومأجوج في ضواحي بابل، في عالم يستجدي طالعه من الإخطبوط بول ؟.
في سبعينيات القرن الماضي وأنا طالب في بغداد كثيرا ما عضضت أثواب اللهاث في الجري الى الملاعب وراء تشجيع احد فرق الدرجة الأولى بكرة القدم آنذاك كانت حقا نزوة شباب عابرة أو حمى سارية نجوت من هذيانها منذ أمد بعيد كنت أوانها أقف مبهورا بنادي الصناعة عندما ينزل إلى الملعب ويرفع لاعبوه أيديهم عاليا وهم يرددون شعارنا التعادل هذا المبدأ في قميص دعابة أوقفني متأملا ساحل سحيق أعاد فهمي في تفسير الأشياء حقا هذا ما صار قاموسا يزين لي الإقلاع عن تشجيع القطيع بالمطلق ويدفعني من أكتافي إلى أسى كافر يملك سلطان اللحظة بما يعادل وقع الصاعقة من خذلانا يلبس الغريم الخاسر
ربما كان هذا رأى خاطئ لدى الغالبية ولكنني ارى المسألة تمثل دأب كاتب وحسب الذي أريد قوله انني اشاطر استاذي في حياده المحير والتحفظ عن وصف أدران و تآليل تشوه وجه الادب الجميل وربما استل قلمه وصيره مجدافا يوصلهم في تيه ضباب الرؤيا الى الضفة الأخرى او كذلك يعامل الجميع ليفتح إمامهم بوابات الإبداع على مصاريعها حين لا يريد ان يفت من عضد احدهم مهما كانت واهنة لا تقوى على فعل الإدهاش الحقيقي
امر آخر أينع وحان قطاف ذكره فقد قرأت في منشور موصلي ان ثمة من أطلق على المبدع أنور عبد العزيز لقب شيخ القصاصين لقب أطلقته عليه أول مرة في متن شهادة قصصية تلوتها عام 2004 على ما اذكر في جامعة الموصل تحديدا في إحدى قاعات المكتبة المركزية لم اعترض على ما ورد في تلك الصفحة من الكتاب لان ليس ثمة براءة اختراع تجيز لى الرد بالصوت العالي واليد الواعدة بالقصاص كما أن السطو بات اكثر من عادي هذي الأيام ولا يستحق طبخ كلام لا طائل منه سوى التجشؤ والحرقة ولكنني هنا احتفظ بالحق العام كاملا أمانة للنقل ليس غير.
ليس غريبا ان يصدر انور عبد العزيز مجموعة جديدة مثلما لا نستغرب صدور رواية جديدة لباولو كويلو لكن الغريب ان انور عبد العزيز في هذه المجموعة يكتب انور عبد العزيز صورة طبق الاصل اكثر من ذي قبل بدءا من جلسته أمام فطوره الصباحي حتى آخر هزيع يرغمه على هجوع هانئ ومريح في انتظار يوم جديد وهو لما يرو ضما ذاكرة طفل قبالة مائدة الشيخوخة او منضدتها الترابية التي تمثل أولى استعدادات مشغله القصصي اليومي او هي ارضه الحرام حيث تشرع صولته اذا جاز التعبير.
كد يعتمر سعفة الإدهاش لا يتنازل عنه انور عبد العزيز ما عاش ولن يردعه عن ذلك العشق القدري حتى إهداء ذلك الأهوج الذي كتب ذات مرة على صدر كتاب أهداه الى استاذنا وتمادى فيه بالقول أما آن لك أن تتوقف إهداء بطعم العلقم يخدش جدار الروح قيل ان كاتب الاهداء حينها كان واقعا تحت تأثير الخمر او هذا ما سمعناه من انور عبد العزيز بشخصه بداية الألفية الثالثة أيام نواظب نحن أدباء المقهى الذهبي على الحضور اليومي في المقهى وهاهو استاذنا البوذا بثوب العافية والحمد لله يهد وبيده ود ليرد على أمثال خيبة طلب نشاز كهذا ويكتب بماء الذهب المجموعة تلو المجموعة
AZP09

مشاركة