ملوك آشور كتاب يسلط الضوء على 117 قائداً أناروا قناديل الحضارة

الجميلي يتتبع سير الأولين ويرصد أعمالهم ومنجزاتهم

ملوك آشور كتاب يسلط الضوء على 117 قائداً أناروا قناديل الحضارة

سامر الياس سعيد

الموصل

في كتاب مهم يحمل عنوان (ملوك آشور )والصادر عن المركز الثقافي الآشوري  يتابع الدكتور محمد عجاج جرجيس الجميلي  العشرات ممن ملوك الحضارة الآشورية ممن أبرزتهم الحفريات والتنقيبات وتكلمت الألواح  عن ما قدموه خلال فترة حكمهم ويستهل الجميلي مؤلفه بإهداء الكتاب  الى الرعيل الأول  من حملة المعاول ( الحفارين الاثريين  الشرقاطيين ) وفي المقدمة يشير  الجميلي الى ان دراسته هذه دليل بسيط للتعرف على حكام اشور  وملوكها وسيرهم وفترات حكمهم وانجازاتهم  مضيفا بان الحفريات هي المرجع الأول  والأخير في هذه المعلومات  ويتابع المؤلف بأنه تناول في  موضوعة ملوك اشور  الاسم الصحيح للملك والتسلسل حسب التوالي الزمني  وإبراز حالات القوة والتوسع  وكذلك حالات الضعف والانكسار  وإعطاء كل ملك من الملوك حقه بموجب المتوفر من المعلومات وقد اشار الى ان موضوعة الكتاب طالما راودته  منذ عمله  في ميدان الاثار عام 1975..

 وفي المدخل التاريخي يصنف  المؤلف أربعة مجموعات  تضم كل مجموعة  عددا من الملوك ممن حكموا بلاد اشور  في منتصف الألف الثالث قبل الميلاد حسب الوثيقة التي  تعود بتاريخها للملك الآشوري شمشي ادد الأول (1813-1881ق.م) حيث ضمت المجموعة الأولى  سكان الخيم  وعددهم 17ملكا او حاكما  وصفتهم الوثيقة بأنهم عاشوا في الخيم وهذه الإشارة تؤكد  بان الآشوريين  كانوا قبيلة متجولة  استولت على المدينة  في زمن  ما  وتبدا المجموعة بالملك  توديا وتنتهي  بالملك ايباشال اما المجموعة الثانية فهي تضم الملوك الأجداد ويبلغ عددهم عشرة  حكام او ملوك  وتبدا هذه المجموعة  بالملك  هالي (خالي) الابن وتنتهي  بالملك سوليلي  اما المجموعة  الثالثة  فتضم الملوك الكبار  ويبلغ عددهم ستة  ملوك  وتبدا هذه المجموعة  بالملك او الحاكم  كيكيا وتنتهي  بالملك  ايريشوم الأول  اما المجموعة الرابعة  فتضم الملوك  الستة الذين عرفوا  بملوك  التكوين السياسي  وتبدا هذه المجموعة  بالملك  ايكو نوم  وتنتهي  بالملك شمشي ادد الأول صاحب  الوثيقة  التي ضمت هذه المجاميع ويضيف المؤلف بان الآشوريين  أقوام سامية  متنقلة اتخذوا  من شمال العراق موطنا  يسكنون فيه  وكان أمراؤهم يتحينون  الفرص للاستقلال بمدنهم  عن دول جنوب العراق  واستقلوا  بعض الوقت  ايام الحكم الكوتي  وخضعوا ثانية  لحكم سلالة  أور الثالثة ..

اما عن تسلسل الملوك فيتابع المؤلف الجميلي  بان  الفترة  الأولى التي  تحوي حكم الأمراء الأوائل  تضم بين فتراتها  سكان الخيم  وهم الأمراء  القبليين  الذين يعرفون في قبائلهم باسم امراء  او حكام وكانوا بناءا على هذا الأمر يمتلكون السلطة على القبيلة  وكان عدد هولاء الحكام 17 أميرا  او حاكما او ملكا ويبرز في مقدمتهم توديا  كونه أول ملك  او حاكم في اشور  وقد تم تحديد فترة حكمه  في منتصف  الألف الثالث  قبل الميلاد اعتمادا على النصوص المسمارية المكتشفة  في مدينة ايبلا  وفي هذه النصوص إشارة  الى ان الدولة الآشورية  تعود بتاريخها  الى بداية الألف  الثالث قبل الميلاد وان  أول ملوكها  كان يدعى  طوديا او  توديا  وهو الذي عقد معاهدة صداقة  مع ايبلا .. ويضيف المؤلف الى اسم الحاكم توديا ستة عشر اسما لحكام او ملوك  يعتبرون من أوائل من حكموا مدينة اشور  وهم كلا من  ادامو و يانكي وكتلامو وخرخارو ومندارو وامصو  وخرصو وددانو وخانو وزو-ابو ونو-ابو وابازو وبيلو  وازارح واشبيا  اما الأخير من هذه السلسلة فيدعى  ابياشل  ولم يعرف عنه الكثير سوى ورود اسمه في جداول الملوك  بينما يعبر المؤلف الى جانب أخر من سلسلة الملوك  فيتابع الملوك الأجداد  حيث نعتهم هكذا وفقا  بوثيقة  شمشي ادد الأول  ويتابع  الجميلي عن هولاء  الملوك بان كل ما ورد عنهم هو أسمائهم فقط  مضافا اليها بحكمهم  لمدينة اشور والحكام هم  هالي (خالي) و سمانو وحيانو(خيانو) وايلو مير  ويكميسي (جاكميسي) ويكميني  ويزكر -ايلو (جازكور- ايلو) وايلا كبكبي(ايلا كبكبو) وامينو  وسوليلي  والذي ورث حكمه عن والده امينو  بن ايلا كبكبي ويعد هذا الملك أول ملك اشوري  بعد الاستقلال  حيث استغل ضعف دول الجنوب  في نهاية  سلالة أور  وقد استطاع هذا الملك تأسيس دولة  مستقلة ذات كيان  سياسي مستقل  ويعتبر عهده بداية حكم اول سلالة اشورية..

ضعف دول

اما المرحلة التالية للملوك فتعد فترة الملوك الكبار  ويستهلها الملك كيكيا وقد كان  اميرا على قبيلته  واستغل فرصة  ضعف دول الجنوب  فأعلن استقلال اشور  وأعلن نفسه ملكا عليها أي ملكا  على بلاد اشور وقد قدم خلال فترة حكمه العديد من المآثر  أهمها  الأعمال العمرانية التي شهدتها اشور خلال هذه الفترة  ومن اهمها تسوير المدينة  وتحصينها  وعد بذلك اول ملك  بنى للمدينة سورا  ويعقبه  اكيا (زريقم) الذي لم يكن  ملكا اشوريا  بل حاكم سومرياً  معين من دول  الجنوب  يحكم المدينة  باسم سيدة مارسين  ومنح نفسه  لقب ملك اشور كما يضيف الجميلي لهذه السلسلة العديد  من الملوك ويسهب في الإشارة الى منجزاتهم  ومنهم بوزر  اشور الأول  الذي حكم البلاد في حدود عام 2000قبل الميلاد واعتبر عهده  بداية لتشكيل خط جديد في سلالات حكم البلاد وشالي اخوم الذي استلم الحكم بعد وفاة سلفه ويحتمل ان تكون فترة حكمه قصية حيث لم تسمح له بالعطاء  مع ان  المؤرخين حددوا فترة حكمه  بالعشرين عاما وقد امتدت ما بين 1945-1920قبل الميلاد حيث كانت الأخبار المتواردة عن انجازاته غائبة  ويليه  في سلالة الحكام  ايلو  شوما الأول  وقد اختلف مؤرخو الاثار  حول فترة حكمه  وقد عرف عن هذا الملك  البأس والقوة  من خلال قيامه بغزو بلاد شرق دجلة  مسيطرا  على مدينة الدير  وهي مدينة حدودية  تقع على حدود عيلام في النهاية الغربية  وتمر بها أهم الطرق التجارية  عبر إيران  ويعقب هذا الملك   ايرشيم  الأول  وقد اعتلى  العرش الآشوري  في أواخر القرن التاسع عشر قبل الميلاد وقد سار على نفس سياسة والده خصوصا بما يتعلق  بمجال تجارة المعادن  وتعقب فترة هولاء الحكام فترة أخرى يطلق عليها الجميلي  وصف  الملوك الستة وهم ملوك التكوين السياسي  ويأتي في مقدمتهم  ايكونوم الأول  وتبدو المعلومات عنه شحيحة باستثناء توليه  العرش بعد وفاة  والده ايرشيوم  الأول اما التالي فهو  الملك سرجون الاول  او شروكين  وقد ذكر عن فترة حكمه الكثير خصوصا  مع  ازدهار لبلاد في فترة حكمه من خلال فرض السيطرة  على كبادوكيا  كانش او  قانش المستعمرة  ويلي سرجون الاول  ابنه في الحكم ويدعى  بوزر اشور الثاني  ويليه نرام سين  ملك  دولة اشنونا  المجاورة لدولة اشور  الواقعة على  نهر ديالى  واشنونا كانت  مركز قوة ومؤهلة بالاستيلاء  على اشور  ويلي هذا الملك ايرشوم الثاني  وهو  اخر ملك من السلالة الاكدية  لينتقل عهده  الى سلالة امورية  قام بحكم البلاد لفترة طويلة  ويأتي بعد هذا الملك  شمشي ادد الاول  ويستطرد الجميلي في  ذكر ما يختص بهذا الملك خصوصا وان الأخير  قد ترك  لنا  وصفا للمراحل  التي وصل  بها الى العرش الاشوري  اما الفترة الأخرى التي يسلط  الجميلي الضوء عليها فهي فترة  حكم ملوك العصر القديم  او ما يعرف بالملوك الضعفاء  ويأتي في مقدمة هولاء الحكام  اشمي  دجان  وهو الابن الأكبر للملك  شمشي ادد الاول   وقد تولى  عرش إمبراطورية  مترامية الأطراف بعد ان تدرب  على يد والده المذكور  الذي كلفه بمسؤولية  إدارة منطقة  او إقليم بالكامل  وقد عرف عنه شكيمته  وخبرته لاسيما  بالأمور العسكرية والسياسية معا .. اما الملك الاخر فهو  اشور -دجل او (اشور-دوكل) وفي عهد هذا الملك دخلت  البلاد في طور الضعف  الذي استمر  طيلة حكم  20 ملكا  وهولاء لم يردنا حسب الجميلي سوى أسمائهم حيث كانت البلاد محكومة  لصالح دول أخرى والملوك الـ20 هم  اشور  ايلا ادي و نامر سين  وسين نامر  وابقي عشتار  واداد صلولو  واواوسي وبيلو باني (الابن) ولباي (شباي) لبايو وشرما  ادد الاول  وابترسن (جزل سن) وبزايو (زمزاي) ولولا لو (للايا) وشونتو (كيدنتو)كدن نينوى وشوما ادد الثاني (شرما  ادد الثاني) وايرشيوم الثالث و شمشي ادد الثاني واشمي  دجان الثاني  وشمشي ادد الثالث وتعقب الفترة التالية التي تعرف  بفترة حكم ملوك العصر الوسيط ويبدأ هذا العصر  من بداية اعتلاء  الملك اشور  نراري  الاول في عام 1508قبل الميلاد وينتهي  مع نهاية حكم  الملك اشور دان الثاني 911 قبل الميلاد حيث دامت هذه الفترة  بحدود ستة قرون  حكم خلالها 59 ملكا  وقد تميز هذا العصر بالقوة  الا انه لم يكن خاليا من فترات مرت بها البلاد بالضعف وكما ذكر الجميلي فان اول ملوك هذه الفترة هو الملك  اشور نراري  الاول  وقد بدأت الدولة الاشورية  الاستيقاظ من غفوتها  من خلال توليه العرش رغم انه يعد اخر الملوك الضعفاء  الا انه  كان أفضل من سابقيه كما يورد المؤلف عن هذه الحقبة  حيث شهدت فترة حكمه  العديد من الأعمال العمرانية  ومنها بناء المعبد المزدوج  للإلهين سن  وشمش  في اشور  وياتي بعد هذا الملك  ابنه بوزر  اشور الثالث  وفي فترة  الملوك السبعة  وما يعرف  بملوك فترة الضعف  الاشوري فيتابع المؤلف  الإشارة  الى ان العصر الوسيط اتسم  بالتناقض  ما بين  ملوك  اقوياء ومملكة واسعة  ما تلبث  ان يعقبها ملوك ضعفاء  بالاسم فقط  ويعزو الجميلي هذا السبب  الى  النظام الوراثي  والملوك السبعة الذين تسيدوا  فترة الضعف الاشوري هم كلا من  انليل ناصر  الاول  ونور  ايلي و اشور  سدوني (اشور شدوني)  واشور رابي  الاول  واشور نادن  اخي الاول  وانيليل ناصر الثاني  واشور  نراري  الثاني  وبعد ضعف دام  سبعة وستون عاما  في عصر هولاء  الملوك  بدأت اشور تنهض من جديد وتسير بخطى سريعة نحو  الرقي والازدهار  حيث يعقب تلك الفترة  فترة ملوك عصر النهضة والبداية الجديدة  من خلال ملوك اقوياء  وهم كلا من اشور -بيل نشيشو  واشور  ريم نشيشو  واشور نادن-اخي الثاني  واريبا  ادد الاول والأخير اعطى  لمسالة الأسوار والتحصينات أهمية قصوى  خلال حكمه لاشور والذي امتد للفترة ما بين 1392-1366 قبل الميلاد وتعقب هذه الفترة فترة أخرى  هي لملوك عصر القوة  وملوك التوسع  والتحدي  ويقود هذه الفترة  اشور  ابلط الاول  الذي يشير اليه المؤلف  بأنه ما ان اعتلى  عرش البلاد حتى دخلت  عصرها الذهبي  وهو عصر  القوة والتحدي والزهو والعمران  ويعقب هذا الملك  الملك انليل  نراري  الثاني يليه الملك اريك-دين -ايلو  فيما تبدأ بعده  فترة عصر الملوك الثلاثة الأقوياء  وهم كلا من الملوك ادد نراري الاول والممتدة فترة حكمه  بين أعوام 1307-1275ق.م والثاني هو الملك شلمنصر  الاول (1274-1245ق.م)وتكلتي ننورتا  الاول (1244-1208ق.م)وادد-نراري الاول (1307-1275ق.م) ويسرد المؤلف حول هولاء الملوك  الكثير من الاعمال التي اقترنت بفترة حكمهم  حتى يليهم ملوك ضعفاء مما يسهم ببدايات الضعف والتبعية  وانحسار الحدود وقد تناوب على هذه الفترة ثمانية  ملوك كانت فيها  البلاد في حالة ضعف  وتدهور وانحلال سياسي وقد بدأت هذه الفترة  بالملك اشور  نادن  ايلي الذي اعتلى العرش  عام 1207ويسرد المؤلف العديد من أسماء الملوك لعل من ضمنهم الملكة سمير اميس ويرد اسمها بالتسمية الحقيقة وهي شمو رامات والتي تعنى محبوبة الحمام الا ان الاسم المتعارف عليه يبدو ما خوذا من المصادر الإغريقية  التي تناولت قصتها بشكل اسطوري  ويصف المؤلف في سياق الخاتمة  اشارته الى ان الكتاب عبارة عن  بحث متواضع لايعدو سوى ان يكون تعريفا  او دليلا شاملا  للتعريف بالحكام والملوك الذين حكموا  بلاد اشور لفترة زمنية  تقرب  من الفي سنة حولية  ويشير المؤلف  الى  الصعوبة التي تكمن في الإحاطة  بتغطية الحقبة الزمنية التي قاد هولاء الملوك من خلالها البلاد فضلا عن حاجتها  لمصادر اخرى من المعلومات تكفلها  معاول الحفار الاثري في الحواضر الاشورية الدائمية  والمؤقتة  وفي الحصون العسكرية وتعقب الخاتمة صور توثيقية لعدد من الملوك عبارة عن تخطيطات مأخوذة من المكتشفات التي تبين فترات حكم هولاء الملوك بالاضافة الى كم كبير من المصادر والمراجع التي استعان بها المؤلف  لاكمال جهده الكتابي ..لقد مثل الكتاب سياحة في الحواضر الاشورية وما عانته بسبب سياسات حكامها وملوكها فما بين فترات ازدهار ونهضة تعقبها  فترات تشهد فيها اشور فترة انطفاء تتمثل بالفتن والانقلابات التي كانت تسودها بالاضافة الى التبعية التي كانت تعاني منه هذه البلاد التي مثلت حضارتها اهم الحضارات التي انطلقت لتنقل الاشعاع الى العالم اجمع وقد عني الكتاب بان ينقل للعالم ما تركزت عليه حسن السياسة التي قادت لايراد اسماء ملوك توضحت بصماتهم  من خلال الاعمال العمرانية والبصمات التي خلدها التاريخ كما لايغفل التاريخ ذاته من إيراد ملوك وصفهم بالضعف  والانحلال السياسي مشيرا الى بصماتهم في اثارة الفتن والقلاقل ولكن الامر الذي يبرز من خلال ايراد هذا الكم الكبير من الملوك هو الحكمة التي كانت تحدد للملوك فترة حكمهم  والتي كانت في المقابل تزيد من الحنق والتمرد لدى اولياء العهد ممن كانوا يثيرون الانقلابات في سبيل تولي العرش حتى ولو وصفت فترة حكمهم بالفترة غير الشرعية ..

مشاركة