مكلمة – طالب سعدون

نبض القلم

مكلمة – طالب سعدون

الاحداث التي يشهدها العالم سواء بفعل الانسان او الطبيعة جددت الدعوات لاصلاح الامم المتحدة ومجلس أمنها وجعلت السؤال مشروعا عن جدوى وجودهما بعد ان عجزا عن المحافظة على الامن والسلم الدوليين ..

 قبل أيام عقدت الجمعية العامة للامم المتحدة دورتها الثامنة والسبعين بعناوين كبيرة كانت محورالكلمات والمناقشات واللقاءات على هامش الاجتماعات بين المسؤولين في العالم وربما تكون لها نتائج كبيرة على مستوى الكرة الارضية وبالذات على الدول النامية والفقيرة فيها لو تحققت أية نسبة من هذه العناوين ، مهما كانت صغيرة وفي مقدمتها حل الصراعات والحروب و تحقيق السلم والامن الدوليين والتنمية المستدامة والمناخ وتغيراته وتفرعاته والتامين الصحي والغذائي والقضاء على الجوع وسوء التغذية والطاقة المستدامة ووسائل الاتصالات والاستثمار والمراة وغيرها من العناوين البراقة التي تلامس الواقع وتستجيب لحاجاته لكن بشرط ان تتحول من كلمات وامنيات الى فعل على الارض..

ان نسبة التنمية والفقر والجوع والامراض والاوبئة والجفاف والمياه وخطر التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة وتوقعات ارتفاعها أكثر والنتائج الماساوية للزلازل والسيول والفيضانات كما حصل في تركيا وسوريا والمغرب وليبيا تعطي صورة دقيقة عن هذا الخطر والجهود المطلوبة من المنظمة الدولية في هذا المجال ومستوى المتحقق من هذه العناوين في الدورات السابقة خاصة وان معظمها كان محل بحث ودراسة متواصلة في الاجتماعات الاعتيادية على مدار العام .

لقد اخفقت المنظمة الدولية ومجلس أمنها في الحفاظ على السلم والامن الدوليين وهو هدف انشائها كما نص على ذلك دستورها عام 1945 .. فهل يُعمل حاليا بالدستور في حل الخلافات بالطرق السلمية واعتماد الدبلوماسية بدل الحروب والدماء والخراب ام اصبحت الدول تعتمد خياراتها الخاصة في الحرب والسلام دون الرجوع اليه والالتزام الشكلي فقط بمضمونه لاضفاء شرعية على تلك الاعمال التي كانت لها انعكاسات خطيرة على العالم مما اضر بمصداقية هذه المنظمة الدولية وجدوى استمرارها .

لقد برزت مؤشرات عن الاجتماعات الاخيرة للجمعية العامة للامم المتحدة ينبغي التوقف عندها تؤكد هذا التراجع للامم المتحدة وغياب التعددية واستمرار سيطرة الولايات المتحدة والقطبية الوحيدة والزعامة الرمزية والفعلية لها في العالم في مقدمتها : حضور الرئيس الامريكي فقط من بين الرؤساء الخمسة دائمي العضوية في مجلس الامن اصحاب ( حق النقض ) وغياب اخرين من الرؤساء يعدون الاكثر نفوذا سياسيا في العالم عن اكبر اجتماع دولي يمثل الحكومات وسط احداث دولية متسارعة وصراعات في اكثر من مكان في العالم في مقدمتها الحرب الروسية الاوكرانية والتنمية وتصاعد نسبة الفقر ومشكلة الجفاف والمناخ وهي قضايا مهمة تتطلب حلولا ومعالجات سريعة ..

ويرى مراقبون ان هذا التراجع للامم المتحدة واستمرار القطبية الامريكية الواحدة ربما لا يكون لصالحها بل لصالح تحالفات جديدة او قديمة قائمة وهي كثيرة وفي حالة توسع مثل بريكس ومجموعة العشرين والشراكة الاقتصادية لتاسيس خط الهند اوربا وغيرها من التجمعات .. فالدول ترى ان هذه التجمعات ستكون اكثر فائدة من تجمعات كبيرة مثل الامم المتحدة ومنظماتها بعد ان اصبحت اقل كفاءة خاصة في مجالات التنمية وهي الهدف المشترك للدول جميعا .

ان غياب رؤساء الفيتو عن إجتماعات الجمعية العامة في دورتها الاخيرة يعزز من صحة هذه الملاحظات وتحول هذا المنبر الى (مكلمة) فقط كما هو حال الجامعة العربية واجتماعاتها ..

ان سيطرة الفيتو على مجلس الامن يمنع أي ادانة تصدر عنه ضد اي انتهاك من قبل دول الفيتو وليس امام الدول الاخرى التي لا تتمتع بهذا الحق غير اجتماعات الجمعية العامة بديلا عن مجلس الامن لعرض قضاياها والمشاكل التي تواجه العالم في ظل الاحادية القطبية وفيتو الكبار ..

ان استمرار الحروب والنزاعات واخرها الحرب الروسية الاوكرانية جعلت اصلاح الامم المتحدة وخاصة مجلس الامن مطلبا ملحا ليمارس دوره في حفظ الامن والسلام من خلال توسيع العضوية والتشديد في حق الفيتو وتبريره باسباب توافق عليها عليها جميع الدول من خلال الجمعية العامة للامم المتحدة التي تمثل جميع حكومات العالم وهو طلب مشروع لكنه صعب التحقق .. وبخلافة تستمر الحال على وضعها في تحكم الكبار في هذه المنظمات وليس للصغارمن دور غير تبادل التحيات والكلمات التي لن تجد فرصتها في التطبيق .

كلام مفيد :

ستكون جاحدا لفضل معلمك اذا ظللت تلميذا طوال حياتك ..

مشاركة