مكاتيب عراقية ـ ليس بعد ـ علي السوداني

مكاتيب عراقية ـ ليس بعد ـ علي السوداني
1
تتحدث الناس هذه الأيام ، عن معركة افتراضية منفوخة اسمها معركة بغداد . كلّ له أسبابه ، فمنهم من يناجي هوىً بقلبه ، ومنهم من نام خائفاً حاضناً عيالهُ وطعامهُ ، ناطراً مصيبة ليس غريباً أن تحدث ببلاد ما بين القهرين التي كانت ضيّعتْ بوصلتها وصارت مثل سكرانٍ مزروعٍ بخاصرة مائدة ، وإذ تحين ساعة فراق الجلاس والندامى والرحيل ، سيكون من العسير عليه أن يفرّق بين نعالهِ ونعال صاحبهِ . في المعركة الإعلامية والنفسية بين الدولة ودواعشها ، ليس من الصعب أن تكتشف أن الإثنين يكذبان . مانشيتات متشابهة ، وعملية تصنيع انتصارات وهمية مرة بالإستعانة بأنشودة وطنية تنطبخ على عجالة ، ومرة بالتكبير على منظر ذبحٍ رجيم . إنْ وقعتْ الواقعة ، فلن تُبقي ولن تدعْ . ستحترق دار السلام ويأكلُ بعضها بعضاً . ستصيرون فرجة مجانية لمواخير الغزاة . لن تنفعكم تكفيريات بن عبد الوهاب ، ولا طقطوقة ضلع الزهراء . لا عيونَ مها بين الرصافةِ والجسرِ ولا استكان شاي بمقهى الشابندر ، ولا صورة مشتهاة عند عتبة أبي الطيب المتنبي . ستمدّ نار الشيطان لسانها الطويل ، فتحمّصَ أبدان أطفالكم الأغضاض . نارٌ وقودها أنتم وحجارتكم وزرعكم وضرعكم . سيكرهكم ويحتقركم الله والرسل والنبيّون ، لأنكم قتلتم أعزّ مخلوقاته فوق أرضه ، إنه الإنسان أخو العقل والمنطق والرؤيا .
2
إنّ القضاء على داعش وأخواتها بالرضاعة ، يتمُّ تماماً عبر القضاء على مسببات ظهورها . الدواعش لا ينبتون في بلادٍ تقودها ثلة عادلة نزيهة شريفة عفيفة ، تحبّ رعيتها وتسهر على خدمتهم كلّهم . ألرئيس القاتل الحرامي الطائفيّ المتخلف ، ومثله الوزير والنائب ، ومثلهم الموظفون والعمال المرتشون ، والطبيب الذي يشتري وجع المريض ويبيّض جيبه من دنانير خبز العائلة ، والأديب الكاتب الذي ربط خراج حروفه بأثاث المعدة ، والمقاول الذي يبني اليوم مدرسةً لتسقط غداً على رؤوس أطفالها ، والذين حوّلوا دينهم الى دنانيرهم ، وأيضاً بائع الكباب الذي يشوي عافيتك فوق منقل الغفلة ، وآخرون الله ونحن نعرفهم ومنبتهم ، داعشيّون حتى من دون راية سوداء ، أو جملة مقلوبة معناها وفحواها بقلب الخطّاط .
3
جرَّبتُ البكاءَ باللغةِ السويدية ففشلتُ . ذهبتُ إلى الإنكليزية المكسّرة ، فلم تسقط في حجريَ دمعة . بكيتُ ونحتُ بالعربيّ الفصيح ، فاِنصنعَ قدّاميَ بحرٌ من دموعٍ ساخنات .
كمْ أنتَ كريمٌ يا ألله
4
هذا حلم أو كابوس يركب على قلبي كل نحو شهر .
واحد كلب ابن سطعش كلب ، يحمل مسدساً ويركض خلفي ويمسك بي ، ثم يضع فوهة المسدس لصقَ رأسي .
العجيب هو أنني وقبل أن يقوم هذا الوغد باِطلاق الرصاصة على صدغي ، أقول لنفسي بصوتٍ توهمتُ انه قد يكون مسموعاً
فِزْ يا عليّ ، فأفزّ وأنجو بعطشٍ شديد .
كونوا بخير أحبتي أجمعين وأجمعات .
AZP20
ALSO