مكاتيب عراقية ـ المجرم الاقتصادي ـ علي السوداني

مكاتيب عراقية ـ المجرم الاقتصادي ـ علي السوداني
ثمة مجرم حرب مسكوت عنه، لم تأتِ عليه الصحائف والمشوفات، ولا المذاييع والجلسات الحارّات منها والباردات. كتبنا وتحدثنا وأفتينا بهدر دم مجرم الحرب بوش الصغير، ابن مجرم الحرب بوش الكبير، وفعلنا نفس الأمر مع السَقَطة، توني بلير ورامسفيلد وبريمر وديك تشيني، وآخرين من ذات الصنف القذر. الليلة سنجتهد ونتكلم ونكتب وننعش ذاكرة الناس المقهورة، بتوصيف مجرم حرب، قد يكون أخطر وأحقر وأزنى وأخسّ، من الذين سطّرناهم في مفتتح مكتوبنا المبين . انه المجرم الاقتصادي. أصحاب شركات النفط العابرة للقارات، كانوا أوّل من وضعوا أكفّهم بظهر الأرعن بوش الصغير، ودفعه صوب بلاد ما بين القهرين، مالكة ثاني أو ثالث احتياطي من مادة الذهب الأسود، على سطح الأرض، ومثلهم فعل أقطاب وسماسرة معامل السلاح المفلسة. أهل النفط الأمريكان والانكليز، كانوا يشتغلون بهديٍ وايمان عظيم، برؤية أنَّ برميل النفط، لهو أغلى وأعزّ وأبرد على القلب، من برميل الديمقراطية، ومالك مصنع الصواريخ والاطلاقات، كان عندما يزور مصنعه ويرى الى بضاعته الكاسدة، ووجوه عمالته القلقة على خبزها، كان لسان حاله يقول لهم لا تحزنوا ولا تقلقوا ولا تهنوا ولا تضعفوا، لأنّ كلّ اطلاقة تنتجها سواعدكم القوية، ستنام بعد قليل، في رأس عراقيٍّ كريم. لقد تفننوا في الأمر وأبدعوا وابتكروا، بحيث صار منهم، ذلك الانكليزيّ المشهور الذي باع للعراقيين، أجهزة كشف عن كرات الغولف الضائعة، على أنها أجهزة كشّافة عظيمة، بمقدورها أن تشمّ رائحة البارود والمركوب المفخخ، حتى وان كان في الصين. أمريكا الوسخة سليلة الوسخ أباً عن جدّ، لم تبنِ في العراق المريض، مدرسة أو مشفى أو جسراً أو دار سكن أو مسرحاً . لم تبلط شارعاً، ولم تفكّ مجرى آسناً، ولم تنعش هوراً ولا نخلة، ولا محطة كهرباء عزيزة، وكانت في كلّ محاججة ممكنة معها، تتّكىء على طقطوقة الوضع الأمني الرديء والخطير، لكنها في ذات الزمان، أنجزت بناء أضخم سفارة لها على الاطلاق، وفي قلب بغداد العباسية التي كان أهلها والمدائن، منشغلين بكنس وتنظيف وتطهير البلاد من الوحوش الغزاة. أمريكا ومكناستها بريطانيا، نجحتا تماماً في تأمين حقول ومصافي وموانىء وبواخر وأنابيب النفط والغاز الممددة في طول البلاد وعرضها، والشركات وآلاف من عمالتها، لكنها الوغدة السافلة، لم تقدم لأهل البصرة التي تطفو بصرتهم فوق بحيرة نفط عملاقة، محطة أو مشروعاً صغيراً بسيطاً سهلاً ممكناً، لجعل الناس تشرب ماء صالحاً للبشر. من يبني سفارة كلفتها مثل كلفة سنة عيش رغيد، لدولة في الجوار، كان بمستطاعه لو رغب وأراد ونوى، أن يبني محطة كهربائية، تنير العراق من فوق زاخو حتى أخير الفاو. من يقدر على تأمين وحماية عملية تصدير ثلاثة ملايين برميل يومياً من نفط العراق المنهوب، يستطيع أن يؤمّن حدود البلاد وأجساد الناس من المفخخات والمحزمات والناسفات والكاتمات، وهذه كلها من مبتكراتهم ومرعياتهم، أبناء الزفرة وطوفان المواخير. أمريكا التي كانت تؤشّر، فيلتئم مجلس الأمن ويصدر سلة فرمانات وحشية، كان بمستطاعها أن تُنزلَ من فوق رأس العراق، مطرقة الفصل السابع، وأشياء اخرى وأخرى، تندى لها الجبائن والخشوم، الّا جبينك أيتها القحبة. سأظلّ أقصفك بهاونات الحروف وما تيسر من حولها، حتى يأتي عليك يومُ عودة منتظرة للآدمية، وأول علامات ذلك اليوم الموعود، هو الشعور بالذنب، وذنبكِ عظيم مبين ثقيل، فاغسليه وتوبي واستغفري لربّك، ساعتها ستجدين الأرض كلها، سنداً ومتكئاً عليه تتطهّرين وتتخفّفين.
AZP20

مشاركة