مكاتيب عراقية سيرة موت أصبع

مكاتيب عراقية سيرة موت أصبع
علي السوداني
حسناً يا أصدقاء. لقد حدث هذا بعد انتصاف الفلم. بطلة الفلم، حلوة وجميلة وطيّبة وحبّابة ومهيّجة. هي ليست من الصنف الذي يعجب الناس، لكنني ذبتُ في ثنياتها وخواصرها وملتقى نهرها النازل صوب السرّة. أظنني خرجت قليلاً عن جوهر النصّ الذي اشتهيت تدوينه الليلة. امسألة، لا عظيم ربط بينها وبين الجمال والولع. هو باب آخر، انفتح بوجهي منذ تلك اللقطة. أعني اللقطة التي شفتها بُعيد انتصاف الشريط. المرأة المذهلة، كانت تلبس تنّورة طويلة، تتسحسل زوائدها، فوق سجّادة حمراء. التنّورة سوداء. وجه البطلة أبيض. تشيل فوق يمينها، كأس ويسكي قحّ، طامسة في قعره، أربعة مكعبات ثلج، وتظهر فوق محيطه المفتول، زيتونة سوداء، محمولة على نبلة خشب، كأنها راية حزن مهيب. قطعة موسيقية معروفة، كانت تعزف. كنتُ أحفظ عنوانها وصاحبها قبل عشرين سنة، لكنني نسيت كل شيء الآن، بعد أن تقبّعت وتقمّطت ذاكرتي القوية، بانتحابات دامية، من داخل حسن وسعدي الحلي ونسيم عودة وسلمان المنكوب وعبادي العماري. كان بمقدوري أن أخدعكم وأكتب، أنّ هذه الموسيقى، هي من خلق بتهوفن، أو باخ، أو جايكوفسكي، لكن رغبتي بافساد علاقتي بكم، لم تكن على ما أروم. عليّ أن أعتذر الآن، بسبب هذه الزائدة الكلامية، وأعود فوراً الى حائط فلم السهرة. من دون مسوغات نفسية، ذهبت الكاميرا البديعة، الى عمق الصالة، وأتت معها بوجه نورانيّ وسيم. كان هذا وجه بطل الفلم، الذي حمل على شماله، كأس ويسكي، تماماً مثل ذلك المشيول بيمين البطلة. ألبطلة تتقدّم، والكاميرا تدور، فتقنص المرأة الجميلة، من دبر مُدبر، حتى صار ظهرها، شيّالة أثداء، وبقيا ورقة توت مفضوضة. أنا سعيد ومستنفر بهذه النقلة المهلكة. الكاميرا تمشي، فألهث خلفها، وحيث يكاد زوم الكاميرا الراسخ، يبوس زوم البطلة، يتبدل المشهد، وتجلس المرأة فوق كرسيّ لدن، بمواجهة خلقة البطل، التي أكلت اللحظة، كلّ عين الكاميرا، المهاجرة ثانية، صوب وجه البطلة الفائر، فوجدته دامعاً كئيباً مخرباً، كأنه ليمونة معصورة فوق سبعين ماعون وماعونة. وضعت البطلة ــ الآن ــ ساقاً على ساق، فتبيّنت خمستها. أقصد أصابع رجلها الخمس. في الواقع، لم تكن خمس أصابع، بل كانت أربع، مع جذر بائن، يشير الى اصبع مقطومة. تحسّر بطل الفلم وتدامع، وشفط نصف كأسه، وحار في تصنيع جملة عزاء ملائمة، لكنّ بطلتنا الفتّاكة ــ يا الله، كم أحببتها ــ قالت لبطلها، أخضر القلب والوجدان لا تحزن يا حبيبي، لانّني كنت اليوم، في زيارة أحد أشهر دكاكين العناية بالقدم. كانت فاتورة الحساب، رحيمة عطوفة عادلة، من دون اصبع خامسة. بصحّتك عزيزي.
سؤال هل يُعقل أو يجوز يا عليّ، أن تثلم يومنا بهذا المكتوب المنفّر، في زمان، تئنّ فيه البلد، ويتوجّع الولد، ويتصدع الجسد؟
جواب نعم، وثلاثمائة نعم.
صوت جمعيّ افتنا إذن، ولا تجعلنا في متاهة وريبة ومهانة؟
فتوى نعم يجوز، وسوف آتي على هذا، شرحاً وقدحاً، وغمزاً ولمزاً، في تمام خاصرة الأُسبوع الجاي، فصبر جميل يا جميل، ويا نوريّة
/4/2012 Issue 4176 – Date 17 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4176 التاريخ 17»4»2012
AZP20
ALSO

مشاركة