مقارعة الإرهاب بالتاريخ والأسطورة والتجديد والحضور الأزلي – عمر علي حيدر

7+7 يجمع فناني العراق والإمارات في قاعة العويس بدولة الإمارات

مقارعة الإرهاب بالتاريخ والأسطورة والتجديد والحضور الأزلي – عمر علي حيدر

في أجواء إمارة دبي الجميلة بدولة الإمارات العربية المتحدة، التقى أربعة عشر فناناً من دولة الإمارات والعراق في معرض 7+7  الذي يقام على قاعة العويس الثقافية خلال الشهر الحالي، وحضر افتتاحه الكثير من الوجوه الفنية والثقافية والإعلامية والمهتمين بالفن التشكيلي العربي والعراقي.

وتضمنت قائمة الفنانين العراقيين المشاركين كلاً من: “د. عاصم الأمير، محمد فهمي، معتصم الكبيسي، ناطق الآلوسي، ا. د. مكي عمران، فراس البصري، فرح اليوسف، فيما شارك من دولة الإمارات العربية المتحدة كل من:” عبد القادر الريس، نجاة مكي، فاطمة لوتاه، سلمى المري، منى الخاجة، عبد الرحيم سالم، خلود الجابري”.

ولأول وهلة، يمكن ملاحظة موضوعات الهم العراقي التي تسكن أعمال الفنانين العراقيين المشاركين في المعرض، والتي راوحت بين الرد على الإرهاب، وقضايا الحرية، والتاريخ، والأسطورة، وهموم الواقع العراقي المعاصر، وتضمنت أعمالاً فنية مختلفة كالرسوم والأعمال النحتية المختلفة، ومن هناك كان للزمان هذه الجولة بين أرجاء المعرض واللقاء بالفنانين العراقيين المشاركين، الذين نستهلهم بالدكتور عاصم الأميرالناقد والاستاذ في كلية الفنون الجميلة جامعة بابل حيث قال:

” يقدم هذا المعرض صورة رائعة للفن المشترك بين دولة الإمارات العربية المتحدة والعراق، وأسعدني جداً أن ينضم تحت وحدة موضوعية واحدة على الرغم من اختلاف الأساليب والموضوعات الفنية المشاركة، ومن هنا يمكن أن يلعب الفن دوراً كبيراً في الحوار الثقافي وتنسيق العلاقات الثقافية المشتركة، ويوجه النظر في الوقت ذاته إلى أهمية قيام المؤسسة الثقافية العراقية برعاية الفن والفنانين العراقيين، وإيقاف حالة الإغتراب التي يعانيها الفنان العراقي بدءا من وطنه، ومع كل هذه التحديات استطاع الفنان العراقي أن يؤكد حضوره في المحافل الفنية لأن الفنان والفن العراقي لا يموتان”.

حدث مهم

الفنان محمد فهمي المقيم في دولة الإمارات العربية المتحدة، وأحد منظمي المعرض، قال:” هذا الحدث المهم عكس حالة متقدمة في مسيرة التشكيل العراقي والإماراتي وكذلك العربي، لأنه سلط الضوء على إمكانات كبيرة لنحو 14 فناناً كبيراً من العراق ودولة الإمارات، وهي تجربة نعمل على توسيعها لتكون نقطة ارتكاز في بناء مسيرة فنية جميلة للفن والفنان العراقي، تنتقل معه إلى بلاد عربية أخرى، وحتى عالمية”.

وعن أعماله المشاركة في المعرض اضاف فهمي:” راوحت أعمالي بين الرد على الإرهاب، وقضايا الهم والواقع العراقي الحالي، وموضعات فنية أخرى، وأطمح أن أرى الأسلوب الفني العراقي يتجول حول أنحاء العالم، لأنني ومن خلال خبراتي في هذا المجال وجدت الكثير من الحفاوة والإهتمام والبحث عن هذا الفن الذي لم يأت من فراغ، وإنما من أصول تعود إلى حضارات سبق لها أن غيرت وجه العالم، إضافة إلى الإبداع المعروف عن الفنان العراقي وآثاره البارزة في مسيرة التشكيل عالمياً”.

وبين الفنان معتصم الكبيسي الأستاذ في كلية الفنون بجامعة الشارقة إن الفن هو الوسيلة الأهم لتوثيق كل الحوادث التي تعترض الحياة الإنسانية، مؤكداً أنه اشترك بسبعة أعمال نحتية برونزية تستعرض الهم العراقي بطريقة معاصرة، تناول فيها موضوعات الحياة السياسية والإجتماعية والتاريخية للإنسان العراقي، وقال:” أتمنى للفن العراقي – وهو فن أصيل ومقتدر ومتجدد- أن يخرج من دوامة التكرار والدوران في فلك الفنانين العراقيين الراحلين من الرموز المعروفين، لأن الحركة التشكيلية متجددة وتفرض نفسها بقوة، ومواكبتها أمر حتمي لأي فنان يحب أن يكون له حضور في المسيرة الفنية لبلاده”.

ويقول الفنان ناطق الآلوسي المقيم في دولة الإمارات العربية المتحدة:” إن المعارض مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتق كل فنان لتقديم الجديد والمتنوع والبارز، وفتح الباب واسعاً للمتلقي في التفاعل مع منجزاته، وقد استعرضت أعمالي المشاركة جزءاً مهما من تاريخ العراق الأدبي القديم المتمثل بملحمة كلكامش باعتبارها (أول أسطورة، وأول ملحمة، وأول قانون) ومن هنا أتمنى أن يستمر الفنان العراقي في الإبداع، ويهتم بالجمال، ويخرج من بودقة الأزمات المحيطة به ليعطي فكرة عن عراق أجمل، لأنه يستحق أكثر من ذلك”.

من جانبه قال ا.د مكي عمران الأستاذ في جامعة بابل:” يشكل المعرض نقطة تحول ثفافية كبيرة وفرصة مهمة لتلاقح تجارب وأساليب فنية مختلفة لأنه جمع بين فناني العراق والإمارات، كما وفر فرصة للقاء بين فناني العراق المقيمين في العراق والإمارات ودول أخرى في العالم، وقد راوحت موضوعات أعمالي السبعة المشاركة بين استعراض الكثير من الصور التاريخية والأسطورية والفنية العراقية، وصياغتها في إطار مفهوم حرية المرأة التي ننطلق منها إلى مفهوم أوسع وأعمق يتضمن حرية الوطن باعتباره حاضن الجميع، اضافة لكونه موضع الآمال والطموحات والأحلام”.

قضايا الواقع

وقال الفنان فراس البصري:” شاركت في هذا المعرض بثمانية أعمال تناولت جميعها قضايا الواقع العراقي لاسيما قضايا المغترب العراقي، والمرأة العراقية، وكذلك الأمل بالشباب العراقي الجديد في التغيير نحو مستقبل مشرق للعراق، وهي نابعة لاشك من شغف الفنان العراقي بوطنه، وهو شغف ظل يرافقني على الرغم من مرور نحو 35 عاماً على اغترابي، وإقامتي الحالي في كندا، وأود الإشارة إلى أن المعاناة الكبيرة التي يعانيها العراق منذ عقود كانت فرصة لتوثيقها والتفاعل معها من قبل التشكيل العراقي، وذلك على الرغم من قلة الإمكانات المتاحة وفرص التلاقح الفني التي لا توافر لكثير من الفنانين العراقيين”.

واضاف البصري:” وأود أن أقول، أن الفن العراقي فن مرغوب عالمياً، وأن الفنان العراقي مطلوب في دول فنية عريقة لاسيما الولايات المتحدة، وإيطاليا، وفرنسا، وكندا، وباريس، وما يحتاجه اليوم هو اغتنام الفرصة كي يصل الى تلك المرافق الفنية التي لا تزال تبحث عن الفنان العراقي الذي استطاع بحق أن يؤكد حضوره ويديم التواصل بين الفن العراقي القديم والحديث، ويعيد الصورة والمكانة المعروفة للعراق في هذا المجال الحيوي المهم”.

وفي ختام الجولة بينت الفنانة التشكيلية فرح اليوسف المقيمة في دولة الإمارات العربية المتحدة أن أعمالها المشاركة في هذا المعرض هي جزء من مشروع كبير تعمل عليه منذ أعوام يتلخص بتوثيق الجانب التاريخي والتراثي والهوية لا سيما لمدينة الموصل في العراق، وتقول عن هذا المشروع أنه :”يأتي كرد مضاد على الإرهاب الذي ضرب هذه المدينة العريقة الموغلة في القدم، وبيان الكثير من تفاصيلها التي ضاعت نتيجة لذلك”، مؤكدة أن الفن العراقي يحتاج إلى المزيد من الاصوات الفنية التي تصدح بهمومه وآماله وتطلعاته، وقدرته على وضع بصمة يرتكز عليها الوطن ليعود من جديد إلى الواجهة الحضارية والمعاصرة التي يستحقها بين الدول المتقدمة”.

مشاركة