قصة قصيرة
معلمتي ..السراج
تنبهت بقصة وجيزة من الأيام التي رسمتها الحياة الجامعية ..استلهمت فيها اسطوانة الواقع الدراسي للأستاذة النبيلة في كلية الإعلام ..معلمتي شكرية السراج مدرسة مادة الصحافة المتخصصة في كلية كلكامش ..جامعة بغداد ..ارض الرافدين فما ان تطأ قدميها عتبة باب القاعة تبدأ حكاية المحاضرة ..بصباح الخير ياطلبة يرد الجميع وهم محملقين النظر صباح النور ياسراج..صديقها الذي يرافقها كوب القهوة ..تصطحبهُ من بائعة كنتها المعروفة فيها (أم عادل) شيخه هرمة في السن ..ذات الكرم والطيب في ضيافتها وتعد بمثابة قدوة حسنة في أخلاقها وكرم حسن نيتها للأساتذة والطلبة ..إذ تأخذ السراج كما هو معتاد عليه كوب القهوة حيث تتشبث به في يدها بين تارة وأخرى اثناء درس المحاضرة ..تنشع منه قليلا فتضعه على طاولة القاعة ..تنظر عن كثب إلى صومعة الطلبة يمينا وشمالا..ترنم لهم بنبرة صوت خافت مثقل بجزع البيت والأولاد في هامور الحياة الزوجية للواقع المعيشي .
ماهو تحضيركم اليوم يرد الطلبة بتأن من هنا التحضير يادكتورة ..من بعد ذلك تفتح شقيقها الذي طالما صاحبها أطوال الحياة الدراسية ..هو الكتاب لكن اي كتاب ليس من كتب المراحل البدائية المنصرمة ..انما هو كتاب مادة الصحافة المتخصصة لطلبة المرحلة الرابعة في قسم الصحافة .. وعلى حين غرة تداعب يداها وريقات الكتاب ..تقرأ المضمون..تقف لوهلة من ثم تتابع الشرح والتفسير لوريقات شقيق العمر الدراسي..تنهض فجأة من على كرسي مصنوع من مادة البلاستك موضوع على مقربة من طاولة القاعة ..أتمعن النظر فيها عن قرب وكأني لمست انها أصيبت بالملل..من صمت الطلبة المخيم على مضمار القاعة ..فلذا لايوجد من يساعدها ويعاونها وهي تستغيث الطلبة لمن يساهم على معونة الدرس إلا ثلة قليلة من الطلبة وتراوى لي وكأن عشعشت على رؤوسهم الطيور ..من كابوس صمت العقول لبعض الطلبة ..أحدق النظر بأستراق في ملامحها وجوهر كيانها من التكرار الروتيني للمحاضرات ..استئصلت خصال لذاتها فهي هادئ الروح ..طيبة النفس ..وارفة الظل ..خطاها على أديم الأرض ملاك ستوطن للعلم ..قد أكون مخطأ في الوصف ومن يدري ربما يكون الصواب بحد ذاته ..لم نشعر حتى يكاد يمضي وقت المحاضرة ..لم لأنها مدرسة الأجيال ..
ومستعطفة الحنان على أبنائها الطلبة ..حيث هلمت مسرعة نحو ظلفة الباب وفي حوزتها الرفيق كوب القهوة تحمله في الكف اليمنى بينما أنامل أصابعها لليد اليسرى تحمل مفتاح الغرفة وهو مربوط بسلسلة حديدية في أسفلة كرات متعددة الألوان احدها حمراء والأخرى زرقاء ومنها البيضاء والصفراء الى غير ذلك من الألوان اللامتناهية في كوشة السلسلة وتلوح فيه في الهواء الطلق يصدر منه صوت أزيز وقرقعة من ارتطام الكرات مع بعضها يعد بمثابة جرس إنذار لطلبة في الدخول والخروج الى منتجع القاعة ..وهي تقول انتهى ..انتهى وقت المحاضرة ..دخلت حجرتها الواقعة في أحدى ممرات الكلية ..استلقت على طاولة المكتب لتخفف أوجاع رأسها الذي صخبه بزمجرة إرهاصات الطلبة وإرهاق المحاضرة..وهكذا يكون هلوان الحياة الدراسية لمعلمتي ..السراج.
علي فاخر خضير السعيدي – بغداد