معضلة جوهرية ـ سعد عباس
… ثمة كثير من المسوّغات التي كان يدافع بها قادة في المعارضة العراقية قبل 2003 عن صيغة شيعة وسنّة وكرد ، لكنها مسوّغات مع الاحترام للمتحمسين لها لم ولن تتسقّ مع الأطر الرصينة لبناء الدولة الحديثة، أولاً، ولم ولن تتماشى مع أي نظرة موضوعية لطبيعة التنوع المجتمعي في بلد لا يمكن اختزاله في ضوء هذه الفكرة التي قد تبدو مغرية لبعض أفراده، لكنها تبدو كارثية لآخرين، ولا سيّما من يعي منهم الفارق النوعي بين احترام الحقوق الثقافية لمكونات المجتمع وخصوصيات كل مكوّن وبين الغرق في الهويات الفرعية الذي كان على الدوام بيئة مثالية للتعصب والشوفينية والاستعلاء والتصادم.
ثم إن هذه الصيغة تقفز على الواقع أو تفبرك واقعاُ موازياً للمجتمع العراقي، إذ يوجد على الصعيد القومي العرقي تركمان وشبك، وعلى الصعيد الديني مسيحيون وصابئة، ثم إن الصيغة ذاتها تنطوي على تناقض غير مفهوم بين المعيار القومي للكرد والمعيار الطائفي للعرب الشيعة والسنّة. وإلا فإن الكرد حالهم حال العرب متنوعون طائفياً. إنه أمر سيظلّ خارج أي سياق منطقي في أي اشتغال فكري رصين.
لهذا ولسواه من أسباب وجيهة، لم تحظّ هذه الصيغة بأيّ ودّ من جانب طيف واسع في المعارضة، ولم يستحسنها إلا الكرد وأحزاب الإسلام السياسي وآخرين ممن يدورون في فلك الطرف القويّ لبواعث انتهازية أو رضوخاً لأمر واقع أو لحسابات عاطفية أو لنقص في اللياقة الفكرية اللازمة لتدبّر أزمات الماضي والحاضر وصولاً الى مقاربات لصوغ المستقبل وتأثيث بنية تحتية رصينة له. والأخطر أن ساحة المعارضة كانت تتسّع للتوجهات القومية والطائفية والمناطقية وتضيق على التوجهات العابرة للطوائف والأعراق.
في أجواء الاختراق الطائفي تلك أطلقت ثلاث شخصيات معارضة إعلان شيعة العراق ، ونجحت في جمع توقيعات شخصيات كانت عصية على الاستدراج الى مناطق الألغام الطائفية، ولهذا لم تلبث أن أعلنت سحب توقيعاتها بعد أيام معدودة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.
كانت تلك فرصة مهمة للانتباه الى معضلة جوهرية تفسّر الى حدّ كبير ارتباك خطى العراقيين وتعذّر خروجهم من نفق الحِمى واجتيازهم عوائق الهويات الفرعية التي حالت على الدوام دون قيام دولة بمفهومها الرصين. وللحديث صلة.
سؤال بريء
ــ ما أبلغ من قول برتراند رسل نحن في الواقع نملك نوعين من الفضيلة يعيشان جنباً إلى جنب نوع ننصح به ولا نمارسه، وآخر نمارسه ونادراً ما ننصح به.
جواب جريء
ــ قوله درجة عاطفة الفرد ترتبط عكسياً بمعرفة الحقائق.
AZP02
SAAB