معرض تشكيلي جماعي بالدار البيضاء**
الحروف تلون الحياة بالفرح**
فيصل عبد الحسن – الرباط
أفتتح المعرض الجماعي لمجموعة فناني الدار البيضاء في الملتقى الوطني الأول للفنون التشكيلية لمدينة الدار البيضاء بكاتدرائية القلب المقدس مؤخرا.
والمعرض ضم عدداً من اللوحات لعدد من الفنانين والفنانات من بينهم رقية بيلا، نادية الصقلي، بحمان حسن، عبد السلام القباج، وعبدالمالك بطومي، وجذب لزيارته الكثير من الزوار، الذين أدهشتهم اللوحات المعروضة، لتنوعها، وغناها اللوني.
ولما امتاز به أيضاً الفنانون من حرفية، ومقدرة على توظيف موضوعات كثيرة تهم الناس، وتبعث في نفوسهم الفضول لتتبع الجانب الجمالي، الذي طرحه كل فنان على حدة في كل لوحة شارك بها في المعرض الجماعي.
ميثلوجيا متوارية
ومن الفنانين البارزين، المشاركين في المعرض الجماعي الفنانة التشكيلية رقية بيلا، التي قدمت للمعرض ثلاث لوحات في غاية الأهمية لمسارها الفني، لسببين الأول لحجم اللوحات الكبير، فهي بقياس 1.8 متر في 9 متر و1.4 متر في 3. 0 متر.
والسبب الثاني يعود لتطوير الفنانة رقية بيلا لرؤيتها الفنية بطرحها أشكال جديدة للرسومات البدائية التي تعبر عن العقل الجمعي المتوارث عن الإنسان الحجري القديم.
الذي ترك لنا في الكهوف، والأماكن التي عاش فيها رسوماته البدائية، التي تمثل أشكال الحيوانات التي كان يصطادها ليعتاش على لحومها، ويستخدم فراءها وأصوافها وجلودها لصناعة ما يرتديه، لدرء البرد عنه أو تلك التي تعيش معه في كهفه، ويستخدمها في تدبير شؤونه المعاشية.
والميزة الجديدة التي أستخدمتها الفنانة بيلا تتمثل في أستخدامها للرموز ولصورتخطيطية لأشكال حشرات وحيوانات، مع وضع الصوف والجلد ومواد أخرى ضمن اللوحة، مما شكل نوعاً جديداً في عمليات الكولاج لم نجدها لدي أي رسام تشكيلي مغربي آخر.
ومما يبعث على التساؤل حقاً، هذا الأصرار من الفنانة على حشد كل تلك الرموز والإشارات في مستطيلات منعزلة، مما يوحي للرائي بأعمال السحر، ومحاولة الفنانة الأيحاء بوجود طبقة تحتية للوحة تحدثنا خطوطها وألوانها الصلصالية عن ميثلوجيا متوارية، لكنها تعلن عن نفسها بوضوح للمتتبع لمعارض هذه الفنانة.
لوحات حروفية
أما الفنان بحمان حسن، فقد عمل في لوحتيه بالمعرض الجماعي على مجموعة من الرموز والإشارات التراثية واللغوية، فتآخت في لوحته التشكيلية صور الحيوانات إلى جانب تخطيطات لكلمات، وجمل كاملة من التراث العربي والإسلامي.
وقد زواج في وحدة رؤيوية بين اللون الأصفر، وبقية الألوان من دون تنافر في اللوحة الواحدة بالرغم من هيمنة اللون الأصفر، وهذه المؤخاة بين لون واحد مهيمن، وألوان أخرى أخذت مساحة أقل من اللوحة، وأعطت سمة عُرفَ بها الفنان وصارت بصمة فنية خاصة به.
ومن مزايا هذا المعرض الجماعي أن فنانيه لم يكونوا من مدرسة فنية واحدة، فقد ضمت مجموعة اللوحات المعروضة لوحات مرسومة بطريقة انطباعية وأخرى تجريدية وأخرى واقعية، كما ضمت لوحات حروفية لعبد السلام قباج ونادية الصقلي.
والصقلي في هذا المعرض أشتغلت على حروف عربية من بينها الواو والعين والهاء والميم، وتمتاز هذه الفنانة بقدرتها على تحويل فضاء اللوحة إلى ألوان مبهرة.
فنقلت الأنتباه إلى أعمالها من بعيد، ومن بين مجموعة كبيرة من اللوحات لحجم لوحتها المهم، ولما تضفيه ألوانها من فرح ومشاعر الأمل والحلم، فهي فنانة أستطاعت أن تضيف للمتطلعين للوحاتها أحساساً عميقاً بقدسية الحرف وأنتمائنا إلى أمة القرآن الكريم.
الدوائر المتموجة
الفنان عبد السلام القباج من مواليد 1958 وأكمل دراسته التشكيلية في مدرسة الفنون التشكيلية بالدار البيضاء عام 1996 وقد جرب الرسم بطرق تشكيلية عديدة من بينها الرسم التجريدي.
وقد أشتغل في مرحلته الفنية الأخيرة على رسم الدوائر المتموجة، التي تذكر بأشكال الطحالب المائية، وعلى الحرف العربي، الذي أخذ حيزاً مهماً من إحدى لوحات الفنان، لأنه يعكس من خلال رسمه أنفعالاته وأحساساته في وقت رسمه للوحة.
أما الفنان عبدالمالك بطومي، فقد أتصفت طريقته في الرسم، بأنها نوع من أنواع ملء الفراغات الهندسية كالمستطيل ومتوازي المستطيلات والشكل الهرمي.
والدائرة، والدوران الهرمي للشكل الهندسي، وفي لوحاته تندغم اللألوان المستخدمة في كل لوحة، مما أعطى أنطباعاً أن الفنان أستطاع أن يترجم أحساساته بما يدور حوله، في لوحاته من خلال مزايا الشكل الهندسي، فالخط المستقيم لديه في اللوحة دلالة على التوحد، وعزلة الروح عن محيطها الأجتماعي.
بينما تعني الدائرة لديه الأندماج بالناس والفرح بالحياة وأستقبال القضاء والقدر بنفس مطمئنة، والإيمان بالحب بين الناس، وأشاعة الفرح في قلوب مشاهدي لوحاته.
وأشتغل في أعماله التشكيلية على الكولاج من خلال قطع صور مربعات ولصقها، وأستخدم في التحضير للوحاته الورق والقماش.
الحروف والكلمات
أن ما يتيحه الشكل الهندسي من رؤى تخيليية عديدة للرائي يوفر للفنان التشكيلي مادة غنية للأشتغال، فالمخروط على سبيل المثال يوفر رؤيا عميقة للفراغ بين قمة المخروط، وقاعدته الدائرية كما يوفر الهرم رؤيا بانورامية للمستقيمات المتناقصة الطول كلما أرتفعنا إلى قمة الهرم.
أن عمل أي فنان تشكيلي على المساقط الهندسية، لأي شكل هندسي يحيله من مجرد فنان يبحث عن المتعة في الألوان، وتدرجاتها اللونية، وتداخلها لتعطينا ألواناً أضافية إلى فنان مفكر، ينقلنا من المشاعر إلى لغة العقل والحسابات الرياضية والعقلية.
وذلك ما نجح بأنجازه الفنان بطومي وغيره من فناني المعرض كرقية بيلا والصقلي وبحمان والقباج وغيرهم من الفنانين الذين لم يتسع المجال في هذا المقال لذكر أعمالهم جميعاً، والأشادة بها، والإشارة إلى تفوقها، وتحتاج إلى مقال خاص نتناول فيه كل عمل منها على حدة، لقد نجح بحق عدد من فناني المعرض بتحويل الحروف والكلمات إلى صور عكست فرحهم بالحياة.
/8/2013 Issue 4487 – Date 20 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4487 التاريخ 20»8»2013
AZP09