معاناة المتقاعدين .. المراجعة والرشا والواسطة
سعد القدسي
بغداد
وانا أتصفح مواضيع الفيس في هاتفي المحمول لفت انتباهي عنوان يقول نحتاج إلى مسلسل تلفزيوني ينقل معاناة المتقاعدين تحت نفس الاسم . وفي خبر ثان وفاة متقاعدين اثنين من كبار السن في السليمانية أثناء وقوفهم في طابور طويل بانتظار استلام الراتب . إلى متى تظل معاناة المتقاعد في العراق؟ فالحرية الزائفة التي جلبتها امريكا لنا بحجة القضاء على الاستبداد والدكتاتورية وأسلحة الدمار الشامل والتي ندم عليها معظم العراقيين بعد صدمتهم الكبيرة مما حل بنا بعد الغزو الجائر مما جعلهم يترحموا على ايام زمان وخصوصا العهد الملكي . نعود إلى مأساة المتقاعدين ويتلخص ذلك بما يلي :- الفوارق الكبيرة في الرواتب بغض النظر عن الشهادة والخدمة فلا يعقل أن يحصل موظف على راتب بعشرات الآلاف من الدنانير وغيره راتب لا يتجاوز اربعمائة ألف من الدنانير. ومثال ذلك شخصان تخرجا من الجامعة في نفس السنة واليوم أحدهما حالفه الحظ فكان عند بلوغه السن القانوني في إحدى الدوائر المهمة بنظر الدولة والتي حددت رواتبها ومخصصاتها بقرارات خاصة والثاني في أحد دوائر الدولة المهملة، فالاول يتقاضى تقاعداً أكثر من اربعة او خمسة ملايين دينار والثاني يتقاضى أقل من مليون دينار . المسالة الثانية وأمثالها كثيرة خريجان اثنان في نفس الكلية أحدهما بقى في العراق وقضى معظم حياته في الخدمة العسكرية كمكلف واحتياط والآخر استطاع الهرب خارج البلد وحصل على جنسية أحد البلدان وخدم في ذلك البلد وحينما التقيا بعد عشرات السنين يتكلم الاول بأنه خدم البلد بكل إخلاص وحاليا متقاعد وراتبه بحدود مليون دينار والثاني يضحك مستهزئاً منه اني زرت البلد واكملت معاملة التقاعد بعد حصولي على تأييد أحد الأحزاب وحصلت على راتب تقاعدي أكثر من مليوني دينار بدون جهد وتعب وعائد إلى عائلتي لأن العيشة صعبة في العراق. النوع الثالث الذي له خدمة سنة او سنتان في العراق وهرب خارج البلد وتعرف على أحد المعقبين والسماسرة وخصوصا في المحافظات وأكمل له معاملة تقاعدية واوصل خدمته إلى عشرين سنة بالتمام و الكمال ودون أن يدفع الاستقطاعات التقاعدية وسلمه هويته التقاعدية وكارت الماستر لقاء مبلغ عشرة ملايين وأكثر وعاد سالما غانما، داعيا إلى حكومتنا المجيدة بالثناء. نعود إلى معاناة المتقاعدين عند مراجعتهم إلى دوائر التقاعد فالموظف وجهه عابس ويريد أن يعبر عن انزعاجه في وجه المراجعين ومعظمهم من كبار السن وعبارة انتظر تتكرر وانت تشاهد من حظي بواسطة أو استطاع دفع المقسوم مرحبا به وتكمل معاملته بسرعة البرق .
معاملات المتقاعدين
نعود إلى معاملات المتقاعدين العراقيين خارج العراق ممن حصلوا على التقاعد بحق أو دون حق، فالمطلوب منهم شهادة حياة سنوية وتتطلب تصديق وزارة الخارجية وتسليمها إلى التقاعد وغير المتزوجه يتطلب منها إقرار وتعهد والغريب بالأمر أنها ترسل من السفارات مباشرة الى دائرة التقاعد ولكن يجب على الوكيل أن يراجع الدائرة ويسأل عن وصولها موظفاً بعد تقديم رقم وتاريخ كتاب السفارة وسواء كان واصلاً أو لا ستجد الجواب لم يصل وبعد إلحاح وتوسل يتكرم بالبحث عن الرقم ليجده ويقول لك راجع القسم المختص وتكون المراجعة عبر شباك صغير جدا يقف أمامه عشرات المراجعين ومثال ذلك حدثني أحد الاخوة بأنه راجع بعد أكثر من أسبوعين من وصول الكتاب إلى دائرة التقاعد وراجع الشعبة المختصة ولكن موظفة الاضابير جعلته ينتظر أكثر من ثلاث ساعات كاملة لتتكرم عليه الكتاب واصل وروح أنته احنه نكمل المعاملة واسال المسؤولين إلى يمكن أن يحفظ الكتاب في اضبارة المتقاعد وخصوصا أنه يحمل رقم الاضبارة دون معاناة المراجعة. والمعاناة الأكبر لكبار السن. المعوقين وخصوصا عند تكون معاملتهم في الطوابق العليا. الا يمكن أن تتطور وان تكون هناك دائرة استعلامات يجلس فيها موظف من كل قسم يستلم المعاملة ويرسلها إلى القسم المختص وعند وجود نقص يطلب من المرجع اكمال النقص ويسلم رقم المراجعة بعد توفير قاعة مكيفة للانتظار أو يتطلب دخول المراجع لحالات خاصة فنتخلص من المراجعة عند هذه الشبابيك الصغيرة ونحترم المراجع على أن يصدر أمر بعدم تأخير اي معاملة وتحديد وقت لإنجازها، وبهذا نعمل على عدم مراجعة المراجع للموظف مباشرة ونخلص من السماسرة والرشوة. تأخير صرف الرواتب وكأن لا وزارة المالية ولا التقاعد يعرفوا مواعيد صرف الرواتب والتي يجب أن تنجز قبل حلول الشهر ليتم الصرف في يوم من 1 من الشهر . سؤال اخير أننا نعلم أن صندوق التقاعد يحوي الاستقطاعات التي ترد من المتقاعدين شهريا ولكن يتم صرف الراتب التقاعدي لفئات متعددة لم يتم استلام استقطاعات منهم سابقا ويجب على الدولة ووزارة المالية أن تتحمل صرف رواتبهم لا صندوق التقاعد، كما لو تم تدقيق ذلك سنجد فئات كثيرة تم صرف الراتب لهم باطلا ويمكن محاسبتهم ومن زور لهم وإحالتهم إلى المحاكم . واخيرا أما حان الوقت لإعادة النظر بجميع الرواتب واستنادا إلى الخدمة والشهادة وبغض النظر عن القرارات الخاصه ليكون الجميع بمسطرة واحدة، بعيدا عن أي فوارق وامتيازات وتحسين الرواتب مما يجعلها تيسر عيشة كريمة.
هذا جزء يسير من المعاناة ولنا عودة أخرى .
{ كاتب راحل