معالجة السلبيات

التربية والتشكيلة الجديدة

 

معالجة السلبيات

 

 

لعل الكثير يتفق معي ان بعض مفاصل الحياة تقبل القسمة على نفسها إلا العلم . لا تحركه المساومات ولا تتلاعب في مفرداته العلاقات لان ذلك يفقده جوهره الصحيح ويفرغ محتواه مما يحمله من دسومة العلم ولهذا فأن مراحل العلم في العراق بعد الأحداث أخذت لها مسارات بعضها إيجابية والكثير منها سلبية أثرت بشكل مباشر وغير مباشر على مسيرة التعلم والمستوى العلمي .

 

ففي السنوات الأخيرة عاش العلم متناقضات عديدة فكثرت حالات التزوير للشهادة العلمية والتي تحمل وزرها ضعفاء النفوس، وغيرهم من المتسلقين على أكتاف الشعب للوصول الى مأربهم الدنيئة ومساهمين بشكل فعال في أنهيار وتدهور المستوى العلمي لعدم الكفاءة والأهلية للمناصب التي تولوها.

 

فظهرت على السطح عدة ظواهر لاتغيب عن المتابعين والعاملين في صلب العملية التربوية ومن هذه الظواهر : التوسع الأفقي للمدارس والذي يبدو في الظاهر عملية إيجابية إلا إننا لو تناولنا الموضوع بحرص وأهتمام وعلى المستوى العلمي في العراق بلدنا الذي نرجو وصوله الى ما وصل إليه الكثير من البلدان من الحصانة العلمية والتقنية الرهيبة التي نعيشها ونخوض تفاصيلها ونمارسها في حياتنا العامة لوقفنا عند حقائق يَشيب لها الرأس .  فالمدارس الأهلية التي إنتشرت بشكل واسع وبمبالغ باهضة أثرت تأثيراً مباشراً على المدارس الحكومية حيث أستطاعت هذه المدارس سحب المدرسين الأكفاء منها ومنحهم رواتب مغرية مما ساهم بإفراغ المدارس الحكومية من الكفاءات العلمية فيها فهذه المدارس لم تكن عناصر تطور بل أصبحت عناصر هدم .

 

فلا بدَّ من الحد منها وتقليص وجودها أولاً ووضع آلية لمن يرغب في التدريس فيها كأن يكون للمتقاعدين من المعلمين  المدرسين وبهذا يستطيعوا أن يمنحوا المتقاعد فرصة أخرى للعطاء والأبداع للراغب في المواصلة في السلك التربوي وضرورة أهتمام مديريات التربية بالدروس المكثفة للصفوف المنتهية لتكون رادعاً لهذه الظاهرة ولظاهرة الدروس الخصوصية المتفشية بشكل واسع وعلني، وان لعدم إتخاذ وزارة التربية قرارات حازمة وفعالة للحد منها ساق العملية التربوية الى مالا يحمد عقباه في تردي التعليم .

 

كما وان دور الأشراف التربوي أصبح دوراً تقليدياً بمعنى تحصيل حاصل فالمشرف ركن الضمير على الرف العالي متناسياً شرف المهنة الحقيقي ورسالتها وبدأت تلعب العلاقات دوراً في تقويضة على حساب حق الطلبة في التزود بالعلم في صفوفهم الرسمية وأصبح المشرف درجة وظيفية يرنوا الوصول لها متناسياً دوره التوجيهي المهني لتقويم العملية التربوية. ان اللامبالاة من قبل المسؤولين المعنيين تجاه هذا الخرق العلمي كارثة مضافة وهي تتفرج دون ان تتخذ الأجراءات الكفيلة من رفع المستوى العلمي والمهني للمعلمين والمدرسين من خلال الورش التأهيلية والأيفادات المبنية على اساس الكفاءة لمواكبة طرق التدريس الحديثة أسوة بالدول المتقدمة علمياً وهنا لابد الأشارة الى قضية مهمة فالتربية قديماً ركزت على المعلم وجعلت منه العنصر الرئيسي في العملية التربوية دون النظر الى التلميذ المتلقي. أما التربية الحديثة فإنها تنادي بالتركيز على التلميذ وجعله المحور الأساسي والهدف الرئيسي التي تتركز عليه عملية التعلم فهي تهتم بخبرات التلميذ السابقة والمدركات الحسية التي يمر بها من واقع البيئة التي يعيش فيها فالتدريس نوع من التواصل أو التبادل الفكري بين المعلم و تلاميذه ويتم في الغالب للتلاميذ إدراك محتوى هذا الأتصال عن طريق الحواس، والهدف تحسين الموقف التعليمي الذي يعتبر التلميذ النقطة الأساسية فيه .

 

ان العلم منذ الأحتلال والى يومنا هذا يسير في اتجاهات غير صحيحة وغير دقيقة ولم يحقق أهداف البلد وإنما اضاعة للوقت والجهد والمال ..

 

فعلى الحكومة الجديدة بتشكيلاتها الجديدة أتخاذ الأجراءات المناسبة لمعالجتها والوقوف عند السلبيات التي أثرت على مسيرتها وتخطيها لنستطيع ان نأمل بمستقبل علمي باهر لطلابنا  تهيئة هيئات تعليمية وتدريسية علمية ذات كفاءة عالية قادرة على ان تدير العملية التربوية وتقودها الى المسار الصحيح خدمة للبلد والعلم على حدٍ سواء.

 

اننا نعقد الآمال على القادمون من الساسة في التشكيلة الوزارية الجديدة ان يكونوا أهلاً لهذه المسؤولية الجسيمة وان يكون الأختيار على اساس الشخص المناسب في المكان المناسب لنخطو خطوات واسعة في بناء غد أفضل في عراق جديد .

 

حـذام العبادي – بغداد

 

مشاركة