اجرى الحوار من القاهرة- مصطفى عمارة
عرض المعارض الايراني موسى أفشار عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الوطني للمقاومة صورة عن الوضع السياشسي والداخلي في ايران بحسب المعلومات المتوافرة لدى المقاومة التي تتخذ من باريس مقرا سياسيا لها، وقال افشار ان المقاومة الإيرانية اول من كشف قبل سنوات عن المواقع النووية السرية في ايران ، وأضاف افشار في حديثه للزمان ان الشعب الإيراني سيصنع ايران الجديدة من دون تهديد نووي وان تكون عامل استقرار في المنطقة والعالم .
فيما يرى المراقبون ان هناك عددا من العوامل لا تتيح الاطمئنان لدى دول المنطقة بعد النظام الإيراني الحالي وان البديل ربما سيمارس بعض سلوكيات النفوذ للتأثير على دول الخليج والشرق الأوسط ، كما ان هناك نعرات قومية غالبة في الكتل الكبيرة في المعارضة تثير المخاوف لدى عرب الاحواز والاكراد أيضا بشأن حقوقهم المستقبلية ،في ظل غياب المواقف الواضحة لبعض التنظيمات المعارضة في فرنسا وسواها، وفي الاتي نص الحوار :
كيف ترى تأثير الضربات الإسرائيلية والأمريكية على البرنامج النووي الإيراني؟
التحولات التي شهدتها المنطقة في الآونة الأخيرة أعادت ملفّ البرنامج النووي الإيراني إلى الواجهة، وطرحت بجدية سؤالًا حول كيفية التعامل مع نظامٍ يستغل المشروع النووي ليس فقط كوسيلة ردع، بل كسلاح سياسي لابتزاز المجتمع الدولي.
منذ سنوات، كانت المقاومة الإيرانية أوّل من كشف النقاب عن المواقع النووية السرّية للنظام، وأكدت مرارًا أن هذا البرنامج ليس سلميًا، بل مشروع للهيمنة والقمع الداخلي والخارجي. التحولات الأخيرة أثبتت هشاشة النظام أمام الضغوط السياسية والشعبية، لكنها أيضًا أثبتت أن الحلّ ليس في المواجهة العسكرية ولا في سیاسة المساومة مع هذا النظام، بل في اقتلاع أصلالمشكلة، أي إسقاط نظام ولاية الفقيه.. وهذا هو البیت القصید. السيدة مريم رجوي أكدت في خطابها أن «المراهنة على الاعتدال داخل هذا النظام سراب»، وأن أي تسوية معه تمنحه الوقت لمراكمة الخطر، لکنها حدثت ذلک بالفعل. من هذا المنطلق، تكرّر المقاومة التأكيد أن الحل الوحيد لوقف البرنامج النووي هو تغيير النظام عبر انتفاضة شعبية ومقاومة منظمة، لا عبر حرب أو استرضاء. إيران المستقبل، بحسب رؤية المعارضة الرئیسیة، ستكون غير نووية وملتزمة بالسلم والاستقرار، ما يعني أن إنهاء التهديد النووي يمرّ حتمًا عبر إنهاء هذا النظام، لا عبر الاتفاقات التي أثبتت فشلها، ولا عبر الحروب التي لا تحسم مصير الأنظمة القمعية.
ما هي قدرة إيران على إعادة هذا البرنامج إلى ما كان عليه؟
رغم الضغوط التي تعرّض لها النظام الإيراني مؤخرًا، فإن قدرة هذا النظام على استعادة مشروعه النووي تبقى قائمة طالما بقيت البنية السياسية والأمنية نفسها. ویجب التأکید بان ذلک لا یتعتبر ” قدرة” للنظام بقدر انه مسروق من ثروات الشعب الإیرانی ومنهوب من موائده الفارغة.
المشكلة ليست تقنية فقط، بل سياسية في جوهرها. نظام ولاية الفقيه، كما أكدت السيدة مريم رجوي، لا يستخدم البرنامج النووي لتأمين المصالح الوطنية، بل لتأمين بقائه عبر تهديد الداخل والخارج.
لذلك فإن إعادة البرنامج إلى ما كان عليه هي مسألة وقت وإرادة داخل النظام، ما لم يتم تفكيك هذه البنية السلطوية برمتها. المشروع النووي للنظام لا يمكن احتواؤه بالاتفاقيات، لأنه لا ينبع من حاجة علمية، ولامتطلبات اقتصادیة، بل من سياسة قائمة على التهديد والتوسّع.
ولهذا فإن أي مراجعة للبرنامج النووي دون تغيير النظام نفسه ستكون شكلية وعرضة للانتهاك عند أول فرصة.
هل استطاعت إيران كما تدعي إلى نقل اليورانيوم المخصب إلى أماكن أخرى قبل توجيه الضربة؟
لا توجد تأكيدات قاطعة على صحة ادعاء النظام بنقل مخزوناته من اليورانيوم قبل التطورات الأخيرة. النظام الإيراني يُعرف بإخفائه للحقائق وتلاعبه بالرقابة الدولية.
البقية على الموقع
السوابق كثيرة، أبرزها رفضه دخول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى مواقع مشبوهة، وإخفاؤه لملفات سرّية تتعلق بأنشطته العسكرية. علمْا بان للنظام اماکن سریة عدة لإخفاء مخضوبات الیورانیوم في مختلف انحاء إیران. وقد کانت المقاومة الإيرانية، السبّاقة في كشف منشآت نطنز وأراك في 2002، وهي اليوم تؤكد أن الخطورة ليست في الموقع بل في النظام نفسه، الذي يستخدم كل الموارد لتطوير مشروعه العدواني. ما لم يتم تفكيك هذه السلطة، سيبقى دائمًا قادراً على التحايل والتخزين السري في مواقع تحت الأرض أو بين المنشآت المدنية.
كيف تفسّر قدرة المخابرات الإسرائيلية اختراق الداخل الإيراني واغتيال شخصيات مؤثرة؟
هذا الاختراق ليس مفاجئًا للمقاومة الإيرانية. فمنذ سنوات ونحن نحذّر من اهتراء البنية الأمنية للنظام، نتيجة فساد داخلي، وصراع بين الأجنحة، وغضب شعبي متصاعد.
نجاح أجهزة أجنبية في تنفيذ عمليات داخل عمق النظام دليل على الضعف البنيوي للمنظومة الاستخبارية، وغياب الحاضنة الشعبية التي تحمي الأنظمة المستقرة. النظام محاصر من الداخل قبل الخارج.
كما أن هذه الاختراقات لا تعكس فقط قوة الآخرين، بل ضعف الشرعية الداخلية، ما يجعل النظام مكشوفًا حتى من قبل أفراده. المقاومة الإيرانية أكدت دائمًا أن هذا النظام لا يحكم بالقوة الذاتية، بل بالخوف والإرهاب. واليوم، بدأ هذا الخوف ينقلب عليه.
هل ترون أن انسحاب إيران من المباحثات مع الولايات المتحدة أو من الوكالة الدولية للطاقة الذرية يعني أن إيران تخطط لإعادة إحياء برنامجها وإنتاج القنبلة النووية؟
نعم، هذا الانسحاب هو مؤشر واضح على أن النظام الإيراني يتجه نحو التصعيد النووي، لا التراجع. والسبب الرئیس یعود إلی الحاجة الماسة للتسلح النووي لا سیما بعد انهیار عمق النظام الستراتیجی في کل من لبنان ( حزب الله) وبشار الأسد في سوریا.
لقد أثبتت التجربة أن هذا النظام لا يرى في الاتفاقات الدولية سوى وسيلة لكسب الوقت. وخلال فترة الاتفاق النووي (2015–2018)، استمر في تطوير أبحاثه السرية ورفض عمليات التفتيش الشاملة. [ وطریف في هذا المجال هو اعتراف الملا حسن روحانی الرئیس الأسبق للنظام وکبیر المفاوضیین النوویین في کتاب ألفه هوبنفسه حول البرنامج النووی و صنوف الخدع المستخدمة من قبل النظام للتهرب من التزاماته]
البرنامج النووي هو جزء من استراتيجية النظام للبقاء والهيمنة. إنه ليس مشروعًا مدنيًا ولا اقتصاديًا، بل سياسي وأمني بالدرجة الأولى. انسحاب النظام من المفاوضات، وتقليصه التعاون مع الوكالة الدولية، هو بمثابة إعلان نوايا لتكثيف تخصيب اليورانيوم، والتقدّم نحو مرحلة تصنيع القنبلة.
وكما ورد في وثائق المقاومة الإيرانية، فإن النظام دائمًا ما سعى لإخفاء الأبعاد العسكرية من برنامجه، ولم يكن يومًا شفافًا أمام المؤسسات الدولية. وبالتالي، فإن الانسحاب يُعزز المخاوف من أن إيران تمضي قدمًا في مسار إنتاج سلاح نووي.
يرى البعض أن قرار الولايات المتحدة بوقف النار تم في إطار صفقة لتتخلى إيران عن برنامجها النووي مقابل عدم استهداف النظام؟
هذا التحليل لا يعكس الواقع. النظام الإيراني لا يتخلّى عن برامجه مقابل التهدئة، بل يستغل التهدئة لمراكمة قدراته. لقد رأينا في الاتفاقات السابقة أن كل فترة من التراجع الغربي تُقابلها خطوة تصعيدية من النظام، سواء في الملف النووي أو في تدخلاته الإقليمية. وفي هذا المجال اغتنم الفرصة لاسترعاء انتباه قراءکم الاعزاء بان المقاومة الإیرانیة وعلی لسان قائدها السید مسعود رجوي لطالما أکد باستمرار بان المقاومة الإیرانیة ترحب کل الترحیب بآن یقبل الوليالفقیه بالتخلي عن مشروعه النووي ویتجرع کأس السم الخاص بنزع الفتیل النووي للنظام.
سياسة الاسترضاء السابقة لم تُنتج سوى مزيد من العنف والتطرف. والنظام لطالما استخدم “وقف النار” كغطاء لإعادة التمركز، لا كتنازل حقيقي. والمقاومة الإيرانية تحذّر من أي رهان على تغيير سلوك النظام من الداخل، لأنه لا يعرف سوى لغة القوة.
الحل لا يكمن في اتفاقيات ظرفية، بل في تغيير شامل يقوده الشعب الإيراني ومقاومته، وهو ما يسمى بالخيار الثالث.
بماذا تفسرون سعي إيران إلى تحسين علاقاتها مع دول عربية مؤثرة مثل مصر والسعودية؟
هذا التوجه ليس نتاج مراجعة استراتيجية صادقة من النظام، بل مناورة لتجاوز عزلته الخانقة. إيران اليوم تعاني من تراجع في نفوذها الإقليمي، وعقوبات اقتصادية قاسية، وضغوط داخلية غير مسبوقة، لذلك تسعى إلى “فتح نوافذ تنفس” مع بعض الدول العربية.
المقاومة الإيرانية تنظر إلى هذا الانفتاح على أنه تكتيك مرحلي يهدف إلى تخفيف العزلة، وكسر طوق الضغط الدولي، وليس تحولًا استراتيجيًا حقيقيًا في سلوك النظام. لربما توجیه النظام صواریخه إلی قطر هو مؤشر لا یختلف فیه الاثنان.
نحن نؤمن بأن مصر والسعودية، بما لهما من ثقل إقليمي، تدركان أن الاستقرار في المنطقة لا يتحقق عبر المصالحة مع هذا النظام، بل عبر دعم الشعب الإيراني في نضاله من أجل الحرية والديمقراطية.
هل تؤثر الضربات الإسرائيلية لحلفاء إيران في لبنان وسوريا واليمن على نفوذ طهران الإقليمي؟
بالتأكيد. النظام الإيراني يعتمد على أذرعه الخارجية كوسيلة لفرض نفوذه، وتوسيع مجاله الحيوي. أي إضعاف لهذه الأذرع، سواء في لبنان (حزب الله) أو في اليمن (الحوثيون) أو في العراق وسوريا، يعني إضعاف مباشر للنظام.
لكن المهم أن نفهم أن هذه الضربات وحدها لا تكفي. هي عنصر مساعد، لكنها لا تُسقط المشروع الإيراني من جذوره. المطلوب هو تلاقي الضغط الخارجي مع الثورة الداخلية، وهذا هو ما تقوم به وحدات المقاومة داخل إيران.
إضعاف النفوذ الإقليمي للنظام يمنحه قابلية أكبر للسقوط الداخلي، لكنه لا يُغني عن ضرورة دعم البديل الديمقراطي، المتمثل في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.
هل تعتقدون أن هذه التطورات تُسهِم في قدرة المعارضة على إسقاط النظام؟ وما هي خططكم في هذا الصدد؟
نعم، دون شك. النظام في أسوأ حالاته، على كافة الصعد. وهذا يُشكّل لحظة سياسية فريدة للمقاومة. وحدات المقاومة داخل إيران نفّذت، في عام 2024 وحده، أكثر من 3,000 عملية ضد مراكز القمع، إضافة إلى 39,000 عمل رمزي ونضالي في الشوارع.
خطة المقاومة ترتكز على تصعيد النضال الميداني داخل إيران، وتوسيع نطاق وحدات الانتفاضة، وتحشيد كافة القوى الاجتماعية — من النساء والشباب، إلى العمال والطلاب — لتشكيل جبهة تغيير وطنية شاملة.
كما أن وجود مركز سياسي وتنظيمي في الخارج، مثل أشرف 3، يُشكل قاعدة دعم استراتيجية لهذا المشروع الثوري. نحن نملك البديل، والرؤية، والقدرة على قيادة المرحلة الانتقالية نحو إيران حرة.
ما هي مطالبكم من العالم العربي ومصر على وجه الخصوص ؟
مطالبنا واضحة: الاعتراف بشرعية نضال الشعب الإيراني، ورفض أي تطبيع أو تبرير لسلوك هذا النظام، وتقديم الدعم السياسي والحقوقي للمقاومة.
نطالب بفتح منابر إعلامية ودبلوماسية للشعب الإيراني كي يُسمِع صوته. كما نؤكد أن مصر، بدورها التاريخي، يُمكن أن تلعب دورًا محوريًا في دعم هذا التغيير، وتشكيل توازن جديد في المنطقة مبني على إرادة الشعوب، لا على أنظمة الاستبداد والطائفية.
نحن لا نطلب تدخّلًا عسكريًا ولا ماليًا، بل موقفًا سياسيًا وأخلاقيًا داعمًا لقضية عادلة، هي قضية شعب يريد الحياة والحرية