معارض إيراني لـ (الزمان): مشكلة النووي ليست تقنية بل سياسية لحماية ولاية الفقيه والتقارب مع مصر والسعودية مناورة

‭ ‬اجرى‭ ‬الحوار‭ ‬من‭ ‬القاهرة‭- ‬مصطفى‭ ‬عمارة‭ ‬

عرض‭ ‬المعارض‭ ‬الايراني‭ ‬موسى‭ ‬أفشار‭ ‬عضو‭ ‬لجنة‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الوطني‭ ‬للمقاومة‭ ‬صورة‭ ‬عن‭ ‬الوضع‭ ‬السياشسي‭ ‬والداخلي‭ ‬في‭ ‬ايران‭ ‬بحسب‭ ‬المعلومات‭ ‬المتوافرة‭ ‬لدى‭ ‬المقاومة‭ ‬التي‭ ‬تتخذ‭ ‬من‭ ‬باريس‭ ‬مقرا‭ ‬سياسيا‭ ‬لها،‭ ‬وقال‭ ‬افشار‭ ‬ان‭ ‬المقاومة‭ ‬الإيرانية‭ ‬اول‭ ‬من‭ ‬كشف‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬عن‭ ‬المواقع‭ ‬النووية‭ ‬السرية‭ ‬في‭ ‬ايران‭ ‬،‭ ‬وأضاف‭ ‬افشار‭  ‬في‭ ‬حديثه‭ ‬للزمان‭ ‬ان‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬سيصنع‭ ‬ايران‭ ‬الجديدة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تهديد‭ ‬نووي‭ ‬وان‭ ‬تكون‭ ‬عامل‭ ‬استقرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭ .‬

‭ ‬فيما‭ ‬يرى‭ ‬المراقبون‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬لا‭ ‬تتيح‭ ‬الاطمئنان‭ ‬لدى‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬بعد‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬الحالي‭ ‬وان‭ ‬البديل‭ ‬ربما‭ ‬سيمارس‭ ‬‭ ‬بعض‭  ‬سلوكيات‭ ‬النفوذ‭ ‬للتأثير‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬نعرات‭ ‬قومية‭ ‬غالبة‭ ‬في‭ ‬الكتل‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬المعارضة‭ ‬تثير‭ ‬المخاوف‭ ‬لدى‭ ‬عرب‭ ‬الاحواز‭ ‬والاكراد‭ ‬أيضا‭  ‬بشأن‭ ‬حقوقهم‭ ‬المستقبلية‭ ‬،في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬المواقف‭ ‬الواضحة‭ ‬لبعض‭ ‬التنظيمات‭ ‬المعارضة‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬وسواها،‭ ‬وفي‭ ‬الاتي‭ ‬نص‭ ‬الحوار‭ : ‬

كيف‭ ‬ترى‭ ‬تأثير‭ ‬الضربات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والأمريكية‭ ‬على‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني؟

التحولات‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬أعادت‭ ‬ملفّ‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬إلى‭ ‬الواجهة،‭ ‬وطرحت‭ ‬بجدية‭ ‬سؤالًا‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬نظامٍ‭ ‬يستغل‭ ‬المشروع‭ ‬النووي‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬كوسيلة‭ ‬ردع،‭ ‬بل‭ ‬كسلاح‭ ‬سياسي‭ ‬لابتزاز‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭.‬

منذ‭ ‬سنوات،‭ ‬كانت‭ ‬المقاومة‭ ‬الإيرانية‭ ‬أوّل‭ ‬من‭ ‬كشف‭ ‬النقاب‭ ‬عن‭ ‬المواقع‭ ‬النووية‭ ‬السرّية‭ ‬للنظام،‭ ‬وأكدت‭ ‬مرارًا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬ليس‭ ‬سلميًا،‭ ‬بل‭ ‬مشروع‭ ‬للهيمنة‭ ‬والقمع‭ ‬الداخلي‭ ‬والخارجي‭. ‬التحولات‭ ‬الأخيرة‭ ‬أثبتت‭ ‬هشاشة‭ ‬النظام‭ ‬أمام‭ ‬الضغوط‭ ‬السياسية‭ ‬والشعبية،‭ ‬لكنها‭ ‬أيضًا‭ ‬أثبتت‭ ‬أن‭ ‬الحلّ‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬المواجهة‭ ‬العسكرية‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬سیاسة‭ ‬المساومة‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬النظام،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬اقتلاع‭ ‬أصلالمشكلة،‭ ‬أي‭ ‬إسقاط‭ ‬نظام‭ ‬ولاية‭ ‬الفقيه‭.. ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬البیت‭ ‬القصید‭. ‬السيدة‭ ‬مريم‭ ‬رجوي‭ ‬أكدت‭ ‬في‭ ‬خطابها‭ ‬أن‭ ‬‮«‬المراهنة‭ ‬على‭ ‬الاعتدال‭ ‬داخل‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬سراب‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬أي‭ ‬تسوية‭ ‬معه‭ ‬تمنحه‭ ‬الوقت‭ ‬لمراكمة‭ ‬الخطر،‭ ‬لکنها‭ ‬حدثت‭ ‬ذلک‭ ‬بالفعل‭.‬‮ ‬‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق،‭ ‬تكرّر‭ ‬المقاومة‭ ‬التأكيد‭ ‬أن‭ ‬الحل‭ ‬الوحيد‭ ‬لوقف‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬هو‭ ‬تغيير‭ ‬النظام‭ ‬عبر‭ ‬انتفاضة‭ ‬شعبية‭ ‬ومقاومة‭ ‬منظمة،‭ ‬لا‭ ‬عبر‭ ‬حرب‭ ‬أو‭ ‬استرضاء‭. ‬إيران‭ ‬المستقبل،‭ ‬بحسب‭ ‬رؤية‭ ‬المعارضة‭ ‬الرئیسیة،‭ ‬ستكون‭ ‬غير‭ ‬نووية‭ ‬وملتزمة‭ ‬بالسلم‭ ‬والاستقرار،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬إنهاء‭ ‬التهديد‭ ‬النووي‭ ‬يمرّ‭ ‬حتمًا‭ ‬عبر‭ ‬إنهاء‭ ‬هذا‭ ‬النظام،‭ ‬لا‭ ‬عبر‭ ‬الاتفاقات‭ ‬التي‭ ‬أثبتت‭ ‬فشلها،‭ ‬ولا‭ ‬عبر‭ ‬الحروب‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحسم‭ ‬مصير‭ ‬الأنظمة‭ ‬القمعية‭.‬

‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬قدرة‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬عليه؟

رغم‭ ‬الضغوط‭ ‬التي‭ ‬تعرّض‭ ‬لها‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬مؤخرًا،‭ ‬فإن‭ ‬قدرة‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬على‭ ‬استعادة‭ ‬مشروعه‭ ‬النووي‭ ‬تبقى‭ ‬قائمة‭ ‬طالما‭ ‬بقيت‭ ‬البنية‭ ‬السياسية‭ ‬والأمنية‭ ‬نفسها‭. ‬ویجب‭ ‬التأکید‭ ‬بان‭ ‬ذلک‭ ‬لا‭ ‬یتعتبر‭ ‬”‭ ‬قدرة”‭ ‬للنظام‭ ‬بقدر‭ ‬انه‭ ‬مسروق‭ ‬من‭ ‬ثروات‭ ‬الشعب‭ ‬الإیرانی‭ ‬ومنهوب‭ ‬من‭ ‬موائده‭ ‬الفارغة‭.‬‮ ‬

المشكلة‭ ‬ليست‭ ‬تقنية‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬سياسية‭ ‬في‭ ‬جوهرها‭. ‬نظام‭ ‬ولاية‭ ‬الفقيه،‭ ‬كما‭ ‬أكدت‭ ‬السيدة‭ ‬مريم‭ ‬رجوي،‭ ‬لا‭ ‬يستخدم‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬لتأمين‭ ‬المصالح‭ ‬الوطنية،‭ ‬بل‭ ‬لتأمين‭ ‬بقائه‭ ‬عبر‭ ‬تهديد‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج‭.‬

لذلك‭ ‬فإن‭ ‬إعادة‭ ‬البرنامج‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬هي‭ ‬مسألة‭ ‬وقت‭ ‬وإرادة‭ ‬داخل‭ ‬النظام،‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تفكيك‭ ‬هذه‭ ‬البنية‭ ‬السلطوية‭ ‬برمتها‭. ‬المشروع‭ ‬النووي‭ ‬للنظام‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬احتواؤه‭ ‬بالاتفاقيات،‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬ينبع‭ ‬من‭ ‬حاجة‭ ‬علمية،‭ ‬ولامتطلبات‭ ‬اقتصادیة،‮ ‬‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬سياسة‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬التهديد‭ ‬والتوسّع‭.‬

ولهذا‭ ‬فإن‭ ‬أي‭ ‬مراجعة‭ ‬للبرنامج‭ ‬النووي‭ ‬دون‭ ‬تغيير‭ ‬النظام‭ ‬نفسه‭ ‬ستكون‭ ‬شكلية‭ ‬وعرضة‭ ‬للانتهاك‭ ‬عند‭ ‬أول‭ ‬فرصة‭.‬‮ ‬

‭ ‬هل‭ ‬استطاعت‭ ‬إيران‭ ‬كما‭ ‬تدعي‭ ‬إلى‭ ‬نقل‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المخصب‭ ‬إلى‭ ‬أماكن‭ ‬أخرى‭ ‬قبل‭ ‬توجيه‭ ‬الضربة؟

لا‭ ‬توجد‭ ‬تأكيدات‭ ‬قاطعة‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬ادعاء‭ ‬النظام‭ ‬بنقل‭ ‬مخزوناته‭ ‬من‭ ‬اليورانيوم‭ ‬قبل‭ ‬التطورات‭ ‬الأخيرة‭. ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬يُعرف‭ ‬بإخفائه‭ ‬للحقائق‭ ‬وتلاعبه‭ ‬بالرقابة‭ ‬الدولية‭.‬

البقية‭ ‬على‭ ‬الموقع

‭ ‬السوابق‭ ‬كثيرة،‭ ‬أبرزها‭ ‬رفضه‭ ‬دخول‭ ‬مفتشي‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬إلى‭ ‬مواقع‭ ‬مشبوهة،‭ ‬وإخفاؤه‭ ‬لملفات‭ ‬سرّية‭ ‬تتعلق‭ ‬بأنشطته‭ ‬العسكرية‭. ‬علمْا‭ ‬بان‭ ‬للنظام‭ ‬اماکن‭ ‬سریة‭ ‬عدة‭ ‬لإخفاء‭ ‬مخضوبات‭ ‬الیورانیوم‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬انحاء‭ ‬إیران‭. ‬وقد‭ ‬کانت‭ ‬المقاومة‭ ‬الإيرانية،‭ ‬السبّاقة‭ ‬في‭ ‬كشف‭ ‬منشآت‭ ‬نطنز‭ ‬وأراك‭ ‬في‭ ‬2002،‭ ‬وهي‭ ‬اليوم‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬الخطورة‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬الموقع‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬نفسه،‭ ‬الذي‭ ‬يستخدم‭ ‬كل‭ ‬الموارد‭ ‬لتطوير‭ ‬مشروعه‭ ‬العدواني‭. ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تفكيك‭ ‬هذه‭ ‬السلطة،‭ ‬سيبقى‭ ‬دائمًا‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬التحايل‭ ‬والتخزين‭ ‬السري‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬تحت‭ ‬الأرض‭ ‬أو‭ ‬بين‭ ‬المنشآت‭ ‬المدنية‭.‬

كيف‭ ‬تفسّر‭ ‬قدرة‭ ‬المخابرات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬اختراق‭ ‬الداخل‭ ‬الإيراني‭ ‬واغتيال‭ ‬شخصيات‭ ‬مؤثرة؟

هذا‭ ‬الاختراق‭ ‬ليس‭ ‬مفاجئًا‭ ‬للمقاومة‭ ‬الإيرانية‭. ‬فمنذ‭ ‬سنوات‭ ‬ونحن‭ ‬نحذّر‭ ‬من‭ ‬اهتراء‭ ‬البنية‭ ‬الأمنية‭ ‬للنظام،‭ ‬نتيجة‭ ‬فساد‭ ‬داخلي،‭ ‬وصراع‭ ‬بين‭ ‬الأجنحة،‭ ‬وغضب‭ ‬شعبي‭ ‬متصاعد‭.‬

نجاح‭ ‬أجهزة‭ ‬أجنبية‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬عمليات‭ ‬داخل‭ ‬عمق‭ ‬النظام‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬الضعف‭ ‬البنيوي‭ ‬للمنظومة‭ ‬الاستخبارية،‭ ‬وغياب‭ ‬الحاضنة‭ ‬الشعبية‭ ‬التي‭ ‬تحمي‭ ‬الأنظمة‭ ‬المستقرة‭. ‬النظام‭ ‬محاصر‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬قبل‭ ‬الخارج‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الاختراقات‭ ‬لا‭ ‬تعكس‭ ‬فقط‭ ‬قوة‭ ‬الآخرين،‭ ‬بل‭ ‬ضعف‭ ‬الشرعية‭ ‬الداخلية،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬النظام‭ ‬مكشوفًا‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أفراده‭. ‬المقاومة‭ ‬الإيرانية‭ ‬أكدت‭ ‬دائمًا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬لا‭ ‬يحكم‭ ‬بالقوة‭ ‬الذاتية،‭ ‬بل‭ ‬بالخوف‭ ‬والإرهاب‭. ‬واليوم،‭ ‬بدأ‭ ‬هذا‭ ‬الخوف‭ ‬ينقلب‭ ‬عليه‭.‬

هل‭ ‬ترون‭ ‬أن‭ ‬انسحاب‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬المباحثات‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬تخطط‭ ‬لإعادة‭ ‬إحياء‭ ‬برنامجها‭ ‬وإنتاج‭ ‬القنبلة‭ ‬النووية؟

نعم،‭ ‬هذا‭ ‬الانسحاب‭ ‬هو‭ ‬مؤشر‭ ‬واضح‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬يتجه‭ ‬نحو‭ ‬التصعيد‭ ‬النووي،‭ ‬لا‭ ‬التراجع‭. ‬والسبب‭ ‬الرئیس‭ ‬یعود‭ ‬إلی‭ ‬الحاجة‭ ‬الماسة‭ ‬للتسلح‭ ‬النووي‌‭ ‬لا‭ ‬سیما‭ ‬بعد‭ ‬انهیار‭ ‬عمق‭ ‬النظام‭ ‬الستراتیجی‭ ‬في‭ ‬کل‭ ‬من‭ ‬لبنان‭ ( ‬حزب‭ ‬الله‭) ‬وبشار‭ ‬الأسد‭ ‬في‭ ‬سوریا‭.‬

لقد‭ ‬أثبتت‭ ‬التجربة‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬الاتفاقات‭ ‬الدولية‭ ‬سوى‭ ‬وسيلة‭ ‬لكسب‭ ‬الوقت‭. ‬وخلال‭ ‬فترة‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ (‬2015–2018‭)‬،‭ ‬استمر‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬أبحاثه‭ ‬السرية‭ ‬ورفض‭ ‬عمليات‭ ‬التفتيش‭ ‬الشاملة‭. [ ‬وطریف‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬هو‭ ‬اعتراف‭ ‬الملا‭ ‬حسن‭ ‬روحانی‭ ‬الرئیس‭ ‬الأسبق‭ ‬للنظام‭ ‬وکبیر‭ ‬المفاوضیین‭ ‬النوویین‭ ‬في‭ ‬کتاب‭ ‬ألفه‭ ‬هوبنفسه‭ ‬حول‭ ‬البرنامج‭ ‬النووی‭ ‬و‭ ‬صنوف‭ ‬الخدع‭ ‬المستخدمة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬النظام‭ ‬للتهرب‭ ‬من‭ ‬التزاماته‭]‬

البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬هو‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬استراتيجية‭ ‬النظام‭ ‬للبقاء‭ ‬والهيمنة‭. ‬إنه‭ ‬ليس‭ ‬مشروعًا‭ ‬مدنيًا‭ ‬ولا‭ ‬اقتصاديًا،‭ ‬بل‭ ‬سياسي‭ ‬وأمني‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭. ‬انسحاب‭ ‬النظام‭ ‬من‭ ‬المفاوضات،‭ ‬وتقليصه‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية،‭ ‬هو‭ ‬بمثابة‭ ‬إعلان‭ ‬نوايا‭ ‬لتكثيف‭ ‬تخصيب‭ ‬اليورانيوم،‭ ‬والتقدّم‭ ‬نحو‭ ‬مرحلة‭ ‬تصنيع‭ ‬القنبلة‭.‬

وكما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬وثائق‭ ‬المقاومة‭ ‬الإيرانية،‭ ‬فإن‭ ‬النظام‭ ‬دائمًا‭ ‬ما‭ ‬سعى‭ ‬لإخفاء‭ ‬الأبعاد‭ ‬العسكرية‭ ‬من‭ ‬برنامجه،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬يومًا‭ ‬شفافًا‭ ‬أمام‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدولية‭. ‬وبالتالي،‭ ‬فإن‭ ‬الانسحاب‭ ‬يُعزز‭ ‬المخاوف‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬تمضي‭ ‬قدمًا‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬إنتاج‭ ‬سلاح‭ ‬نووي‭.‬

يرى‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بوقف‭ ‬النار‭ ‬تم‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬صفقة‭ ‬لتتخلى‭ ‬إيران‭ ‬عن‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭ ‬مقابل‭ ‬عدم‭ ‬استهداف‭ ‬النظام؟

هذا‭ ‬التحليل‭ ‬لا‭ ‬يعكس‭ ‬الواقع‭. ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬لا‭ ‬يتخلّى‭ ‬عن‭ ‬برامجه‭ ‬مقابل‭ ‬التهدئة،‭ ‬بل‭ ‬يستغل‭ ‬التهدئة‭ ‬لمراكمة‭ ‬قدراته‭. ‬لقد‭ ‬رأينا‭ ‬في‭ ‬الاتفاقات‭ ‬السابقة‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬التراجع‭ ‬الغربي‭ ‬تُقابلها‭ ‬خطوة‭ ‬تصعيدية‭ ‬من‭ ‬النظام،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الملف‭ ‬النووي‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬تدخلاته‭ ‬الإقليمية‭.‬‮ ‬‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬اغتنم‭ ‬الفرصة‭ ‬لاسترعاء‭ ‬انتباه‭ ‬قراءکم‭ ‬الاعزاء‭ ‬بان‭ ‬المقاومة‭ ‬الإیرانیة‭ ‬وعلی‭ ‬لسان‭ ‬قائدها‭ ‬السید‭ ‬مسعود‭ ‬رجوي‌‭ ‬لطالما‭ ‬أکد‭ ‬باستمرار‭ ‬بان‭ ‬المقاومة‭ ‬الإیرانیة‭ ‬ترحب‭ ‬کل‭ ‬الترحیب‭ ‬بآن‭ ‬یقبل‭ ‬الولي‌الفقیه‭ ‬بالتخلي‌‭ ‬عن‭ ‬مشروعه‭ ‬النووي‭ ‬ویتجرع‭ ‬کأس‭ ‬السم‭ ‬الخاص‭ ‬بنزع‭ ‬الفتیل‭ ‬النووي‌‭ ‬للنظام‭.‬‮ ‬

سياسة‭ ‬الاسترضاء‭ ‬السابقة‭ ‬لم‭ ‬تُنتج‭ ‬سوى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬والتطرف‭. ‬والنظام‭ ‬لطالما‭ ‬استخدم‭ ‬“وقف‭ ‬النار”‭ ‬كغطاء‭ ‬لإعادة‭ ‬التمركز،‭ ‬لا‭ ‬كتنازل‭ ‬حقيقي‭. ‬والمقاومة‭ ‬الإيرانية‭ ‬تحذّر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬رهان‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬سلوك‭ ‬النظام‭ ‬من‭ ‬الداخل،‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬سوى‭ ‬لغة‭ ‬القوة‭.‬

الحل‭ ‬لا‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬اتفاقيات‭ ‬ظرفية،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬شامل‭ ‬يقوده‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬ومقاومته،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالخيار‭ ‬الثالث‭.‬

بماذا‭ ‬تفسرون‭ ‬سعي‭ ‬إيران‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬مؤثرة‭ ‬مثل‭ ‬مصر‭ ‬والسعودية؟

هذا‭ ‬التوجه‭ ‬ليس‭ ‬نتاج‭ ‬مراجعة‭ ‬استراتيجية‭ ‬صادقة‭ ‬من‭ ‬النظام،‭ ‬بل‭ ‬مناورة‭ ‬لتجاوز‭ ‬عزلته‭ ‬الخانقة‭. ‬إيران‭ ‬اليوم‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬تراجع‭ ‬في‭ ‬نفوذها‭ ‬الإقليمي،‭ ‬وعقوبات‭ ‬اقتصادية‭ ‬قاسية،‭ ‬وضغوط‭ ‬داخلية‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة،‭ ‬لذلك‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬“فتح‭ ‬نوافذ‭ ‬تنفس”‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.‬

المقاومة‭ ‬الإيرانية‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الانفتاح‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬تكتيك‭ ‬مرحلي‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬تخفيف‭ ‬العزلة،‭ ‬وكسر‭ ‬طوق‭ ‬الضغط‭ ‬الدولي،‭ ‬وليس‭ ‬تحولًا‭ ‬استراتيجيًا‭ ‬حقيقيًا‭ ‬في‭ ‬سلوك‭ ‬النظام‭. ‬لربما‭ ‬توجیه‭ ‬النظام‭ ‬صواریخه‭ ‬إلی‭ ‬قطر‭ ‬هو‭ ‬مؤشر‭ ‬لا‭ ‬یختلف‭ ‬فیه‭ ‬الاثنان‭.‬

نحن‭ ‬نؤمن‭ ‬بأن‭ ‬مصر‭ ‬والسعودية،‭ ‬بما‭ ‬لهما‭ ‬من‭ ‬ثقل‭ ‬إقليمي،‭ ‬تدركان‭ ‬أن‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬لا‭ ‬يتحقق‭ ‬عبر‭ ‬المصالحة‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬النظام،‭ ‬بل‭ ‬عبر‭ ‬دعم‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬نضاله‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحرية‭ ‬والديمقراطية‭.‬

هل‭ ‬تؤثر‭ ‬الضربات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬لحلفاء‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬وسوريا‭ ‬واليمن‭ ‬على‭ ‬نفوذ‭ ‬طهران‭ ‬الإقليمي؟

بالتأكيد‭. ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬أذرعه‭ ‬الخارجية‭ ‬كوسيلة‭ ‬لفرض‭ ‬نفوذه،‭ ‬وتوسيع‭ ‬مجاله‭ ‬الحيوي‭. ‬أي‭ ‬إضعاف‭ ‬لهذه‭ ‬الأذرع،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ (‬حزب‭ ‬الله‭) ‬أو‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ (‬الحوثيون‭) ‬أو‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا،‭ ‬يعني‭ ‬إضعاف‭ ‬مباشر‭ ‬للنظام‭.‬

لكن‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬نفهم‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الضربات‭ ‬وحدها‭ ‬لا‭ ‬تكفي‭. ‬هي‭ ‬عنصر‭ ‬مساعد،‭ ‬لكنها‭ ‬لا‭ ‬تُسقط‭ ‬المشروع‭ ‬الإيراني‭ ‬من‭ ‬جذوره‭. ‬المطلوب‭ ‬هو‭ ‬تلاقي‭ ‬الضغط‭ ‬الخارجي‭ ‬مع‭ ‬الثورة‭ ‬الداخلية،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬وحدات‭ ‬المقاومة‭ ‬داخل‭ ‬إيران‭.‬

إضعاف‭ ‬النفوذ‭ ‬الإقليمي‭ ‬للنظام‭ ‬يمنحه‭ ‬قابلية‭ ‬أكبر‭ ‬للسقوط‭ ‬الداخلي،‭ ‬لكنه‭ ‬لا‭ ‬يُغني‭ ‬عن‭ ‬ضرورة‭ ‬دعم‭ ‬البديل‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬للمقاومة‭ ‬الإيرانية‭.‬

هل‭ ‬تعتقدون‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬تُسهِم‭ ‬في‭ ‬قدرة‭ ‬المعارضة‭ ‬على‭ ‬إسقاط‭ ‬النظام؟‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬خططكم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد؟

نعم،‭ ‬دون‭ ‬شك‭. ‬النظام‭ ‬في‭ ‬أسوأ‭ ‬حالاته،‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬الصعد‭. ‬وهذا‭ ‬يُشكّل‭ ‬لحظة‭ ‬سياسية‭ ‬فريدة‭ ‬للمقاومة‭. ‬وحدات‭ ‬المقاومة‭ ‬داخل‭ ‬إيران‭ ‬نفّذت،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬وحده،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬3‭,‬000‭ ‬عملية‭ ‬ضد‭ ‬مراكز‭ ‬القمع،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬39‭,‬000‭ ‬عمل‭ ‬رمزي‭ ‬ونضالي‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭.‬

خطة‭ ‬المقاومة‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬تصعيد‭ ‬النضال‭ ‬الميداني‭ ‬داخل‭ ‬إيران،‭ ‬وتوسيع‭ ‬نطاق‭ ‬وحدات‭ ‬الانتفاضة،‭ ‬وتحشيد‭ ‬كافة‭ ‬القوى‭ ‬الاجتماعية‭ ‬—‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬والشباب،‭ ‬إلى‭ ‬العمال‭ ‬والطلاب‭ ‬—‭ ‬لتشكيل‭ ‬جبهة‭ ‬تغيير‭ ‬وطنية‭ ‬شاملة‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬مركز‭ ‬سياسي‭ ‬وتنظيمي‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬مثل‭ ‬أشرف‭ ‬3،‭ ‬يُشكل‭ ‬قاعدة‭ ‬دعم‭ ‬استراتيجية‭ ‬لهذا‭ ‬المشروع‭ ‬الثوري‭. ‬نحن‭ ‬نملك‭ ‬البديل،‭ ‬والرؤية،‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬قيادة‭ ‬المرحلة‭ ‬الانتقالية‭ ‬نحو‭ ‬إيران‭ ‬حرة‭.‬

ما‭ ‬هي‭ ‬مطالبكم‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬ومصر‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬؟

مطالبنا‭ ‬واضحة‭: ‬الاعتراف‭ ‬بشرعية‭ ‬نضال‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني،‭ ‬ورفض‭ ‬أي‭ ‬تطبيع‭ ‬أو‭ ‬تبرير‭ ‬لسلوك‭ ‬هذا‭ ‬النظام،‭ ‬وتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬السياسي‭ ‬والحقوقي‭ ‬للمقاومة‭.‬

نطالب‭ ‬بفتح‭ ‬منابر‭ ‬إعلامية‭ ‬ودبلوماسية‭ ‬للشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬كي‭ ‬يُسمِع‭ ‬صوته‭. ‬كما‭ ‬نؤكد‭ ‬أن‭ ‬مصر،‭ ‬بدورها‭ ‬التاريخي،‭ ‬يُمكن‭ ‬أن‭ ‬تلعب‭ ‬دورًا‭ ‬محوريًا‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬هذا‭ ‬التغيير،‭ ‬وتشكيل‭ ‬توازن‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬مبني‭ ‬على‭ ‬إرادة‭ ‬الشعوب،‭ ‬لا‭ ‬على‭ ‬أنظمة‭ ‬الاستبداد‭ ‬والطائفية‭.‬

نحن‭ ‬لا‭ ‬نطلب‭ ‬تدخّلًا‭ ‬عسكريًا‭ ‬ولا‭ ‬ماليًا،‭ ‬بل‭ ‬موقفًا‭ ‬سياسيًا‭ ‬وأخلاقيًا‭ ‬داعمًا‭ ‬لقضية‭ ‬عادلة،‭ ‬هي‭ ‬قضية‭ ‬شعب‭ ‬يريد‭ ‬الحياة‭ ‬والحرية

مشاركة