معارضون على طريقة إبن العاص – عبد الهادي البابي

معارضون على طريقة إبن العاص – عبد الهادي البابي

جاء في كتاب (الكامل في اللغة والأدب) للعلامة محمد بن يزيد المبّرد [ج1ص267 طبعة دار النهضة في مصر] أن عمرو بن العاص قال للسيدة عائشة بنت أبي بكر :

لوددتُ أنّكِ كنتِ قُتلتِ يوم معركة الجمل ، فقالت : ولِمَ ويحك ….لا أبا لك ؟ فقال: كنتِ تموتين بأجلك وتدخلين الجنة ، ونجعلكِ أكبر التشنيع على عليّ..!!

هكذا هم الإنتهازيون – في كل عصر- الذين يتمنون ( أن يُقتل)  حتى من يتوافق معهم بالموقف والرأي في سبيل أن يستثمروا بدمه ويشنعوا على من يعارضونه ولتحقيق مآربهم وغاياتهم وزرع الفتنة والفوضى في المجتمع وإضعاف الدولة ..

وهذا مانلاحظه هذه الأيام ..فكلما قُتل أو خُطف أو أختفى أي شخص بإرادته أو دون إرادته بصراع شخصي أو شجار عائلي أو نزاع عشائري ضجّت بعض الأصوات وأمتلأت الصفحات وأرتفع صراخ الصارخين بأتهام الحكومة وأجهزتها الأمنية والشرطة بإنها هي من قام (بفعل القتل) ..ثم تتبعها فضائيات الإرهاب العربية المغرضة وبعض الفضائيات العراقية المأجورة وهي تردد الخبر في نشراتها كل رأس ساعة وهي تستشهد وتستمد معلوماتها من بضعة ناشطين مغرضين ليس لهم غرض أو شغل سوى أرباك الوضع الأمني وتشويش السلم الأهلي في العراق وتعميق الشرخ بين الأجهزة الأمنية وبين أبناء الشعب حتى تتدهور الأوضاع الأمنية أكثر وتعم الفوضى والإنفلات وتدخل البلاد في دوامة من العنف والموت..!

هم كإبن العاص..يتمنون أن يُقتل الناس يومياً حتى يُضعفوا موقف الحكومة ويشنعوا عليها ويعملوا على إرباك الأوضاع ونشر الفوضى لغايات خبيثة ولئيمة قد قبضوا ثمنها من مشغليهم ..!

ونحن لانقول أنه لايجب إنتقاد الحكومة أو تحميل الأجهزة الأمنية المسؤولية في أي خرق أمني أو حادث قتل أو أختطاف نعم تلك مسؤولياتهم ..ولكن ليكن ذلك من باب المسؤولية والحرص وليكن ذلك في سبيل تصحيح المسار وتحقيق العدل والأمن ومؤازرة الدولة وأجهزتها …وليس من أجل التشويش والتخريب والتشنيع والتضليل وخلط الأوراق لحساب جهات عميلة وساقطة..!

ثم الشيء الغريب والعجيب في الموضوع أن بعض الناس لاتستمع لإفادات الشرطة وبيانات الأجهزة الأمنية الرسمية ولاتثق بمصادر التحقيق القضائي ولاتصدق بها حول ملابسات هذه الجرائم ..ولكنها تصدق بأخبار الناشطين والمغرضين وأصحاب الصفحات المشبوهة الذين يتمنون أن يسبح العراق ببحر من الدماء كل لحظة..!!

مايُخشى منه اليوم أن كل صوت معارض (يجاهر بمعارضته) وهو حق له كفله الدستور أصبح صيداً سهلاً لكل من يريد أن يخلط الأوراق ويربك المشهد الأمني والسياسي في البلاد ..ولانستبعد بإن هناك الكثير من الجهات الممولة خارجياً تقوم بعمليات القتل والتصفية لكل ناشط مدنى أو معارض سياسي حتى تخلط الأوراق على الحكومة وتثير القلاقل وتحقق غاياتها الخبيثة ..فهي لاتمتلك شرف الإنسانية ولا يهمها أن يكون المقتول ظالماً أو مظلوماً !

أما القول أن الحكومة وأجهزتها الأمنية هي من تقوم بالقتل فهذا أمر سخيف لإنه لافائدة للحكومة ولاأجهزتها الأمنية من قتل أي معارض أو ناشط مدني وليس لها مصلحة في ذلك بتاتاً بل العكس هو الصحيح …فالمؤكد أن  الأمور تنقلب على الحكومة وتضعف الدولة وتتشتت الأجهزة الأمنية وهذا مالايمكن أن تقوم به تلك الجهات الرسمية ضد نفسها ..!

فالحذر كل الحذر..لإن الفاعل هو المستفيد الأول من عمليات القتل والأغتيال …وهو إبن العاص وأشباهه ..وما أكثرهم اليوم ..!!

كربلاء

مشاركة