مصيبتنا وعّاظ السلاطين – عبدالهادي البابي

مصيبتنا وعّاظ السلاطين – عبدالهادي البابي

لقد كان دور وعاظ السلاطين – على طول التاريخ – هو شرعنّة عمل السلطات وعمل الحكام  وتصرفاتهم المجنونة ، وقد  وصل بهم الأمر  إلى أن بعضهم قد أفتى بشرعية قتال الحسين (عليه السلام ) ووجوب قتله ، ثم قالوا بعد ذلك في فتاواهم : [ إن الحسين قُتل بسيف جدّه ] !! ..فإذا كانت مثل هذه الجريمة الفضيعة التي لم يشهد لها التاريخ الإسلامي مثيلاً ، ومع ذلك يعطوها الشرعية والمقبولية لدى الحكام والطواغيت  ، فكيف هي فتاواهم  مع من هم أقل شأناً وأدنى منزلة من سبط النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم !!؟ وهناك الكثير من نماذج الفقهاء وأهل العلم في زمانهم ممن ليس لديهم ورع أو تقوى حيث أغروا الحكام بقتل الأولياء وسفك دمائهم وأعطائهم الشرعية لأعمالهم المشينة  !!

هكذا كان وعاظ السلاطين ، وهذا بسبب حب الدنيا ، والتهالك على متعها الزائلة ، وقد حذرنا الإمام الصادق عليه السلام من ذلك بقوله : [إذا رأيتم العالم مكباً على دنياه فأتهموه بدينه ] ..فهذا الخطأ وهذا الأنحراف من علماء السوء أو كما سماهم الدكتور الوردي ب (وعاظ السلاطين ) والكثير من المصطلحات التي حذرنا فيها الأئمة عليهم السلام منهم ، وهذا ليس معناه بأن هناك تباين في المواقف حيث كان  الفقهاء في موقع الحق عندما لم تكن السلطة بأيديهم ، ولكن حينما أصبحت السلطة بأيديهم قاموا بنفس الأعمال التي كان يقوم بها وعاظ السلاطين من قبلهم مع رعيتهم ، وعملوا نفس العمل الذي كانوا يعملونه ، وأصبح المعممون يعطون الشرعية لكل عمل ولكل هذه المظالم التي تجري بأسم الدين وبأسم المرجعية ..أليس هكذا هو الحال اليوم !!؟؟

ونسمع من بعضهم يستنكر وينتقد في خُطبهِ الرنانة (التي تفلق الصخر وتغرق البحر ) السرقات والإختلاسات وتأخير عملية الإعمار  التي تجري في البلاد ، ويدّعي بأن العلماء ومراجع الدين لايرضون على هؤلاء الحكام والمسؤولين ولايلتقون بهم ولايجتمعون معهم ولايعطونهم الشرعية في ذلك !

ولكنهم في كل مؤتمر صحفي أو إجتماع تقيمه السلطات وأعوانهم يخرجون به على الناس بإن الفقهاء والعلماء معهم ، وفي كل أحتفال تقيمه الحكومة وأتباعها فان ممثلي المراجع يحظرونه ، ويجلسون في الصفوف الأولى مع الحكام الفاسدين الذين نهبوا ولازالوا ينهبون أموال الشعب العراقي يومياً ، وما قصص ومسلسلات الفساد الأداري التي حفلت بها أكثر المؤسسات الحكومية إلاّ صورة مزرية من صور الظلم والباطل الذي يلحقه هؤلاء  بالشعب العراقي  تحت مضلة شرعية علماء السوء ووعاظ السلاطين  .!!

 فأي شرعية أكبر من هذه  تُعطى إلى الحكام وإلى سياساتهم الظالمة !!؟ ومالفرق بينهم وبين أولئك الذي كانوا يعطون الشرعية للحكام الظلمة الذين كانوا من قبلهم ، من الذين نصفهم حتى اليوم بأنهم علماء السوء وأتباع الظلمة ؟؟

مشاركة