مصر تواجه الانقسام ـ الكسندر جاديش

مصر تواجه الانقسام ـ الكسندر جاديش
أمام احتدام المشهد المصري، ووصفه بأنه بات مائعا ومفتوحا على كثير من الاحتمالات، يستدعي بعض من يدافع عن الرئيس مرسي الأحكام الشرعية السياسية لتوظيف الاسلام في الدفاع عن حاكم اسلامي تخلى عن تطبيق الاسلام، ويصفون ــ شرعيا ــ ما يجري من الطرف الآخر على أنه خروج على الحاكم يستوجب التصدي الحازم له، وهي فتوى أرادوها في خدمة مرسي، ولكنها في الحقيقة خطيرة عليه الى حد اراقة الدماء هذا المقال يعالج هذه المسألة سياسيا مستندا الى حكم الخروج على الحاكم شرعيا.
بداية، لا يمكن القفز على واقع نظام الحكم المصري ودمغه بالاسلام لمجرد أن رئيسه ملتح، وأنه مولود تمخض عن رحم حركة ترفع شعار الاسلام، فلا هو ادّعى أنه أقام نظاما اسلاميا، ولا الحركة التي أنجبته اعتبرت أن الظروف مواتية الآن لاقامة الخلافة.
قتل حوالي 200 ألف شخص خلال حرب أهلية دارت رحاها لعشر سنوات في الجزائر بعد ان رفض الجيش الاعتراف بنتيجة انتخابات أتت بالاسلاميين وهو مثال لا يغيب عن ذاكرة البعض في مصر بعد ان عزل الجيش الرئيس محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الاخوان المسلمين يوم الاربعاء.
لم يسمح للاسلاميين في الجزائر بالحكم قط لكن مرسي أدار مصر لعام وربما حال شعور واسع بأنه كان ضحية أخطائه دون حمل بعض انصاره السلاح دفاعا عنه.
لكن اسقاطه قد يؤدي الى انقسام الجماعات الاسلامية التي دخلت معترك السياسة المصرية بعد الانتفاضة التي اطاحت عام 2011 بحكم حسني مبارك الذي قمعهم لعقود.
وقد يفقد الاخوان المسلمون وحلفاؤهم السلفيون والجهاديون أنصارا خاصة في شريحة الشبان الذين باتوا يرون أن التجربة الديمقراطية قد فشلت وان النهج السلمي لن يؤدي بهم الى نتيجة.
وكتب عصام الحداد الذي كان مساعدا لمرسي في تدوينة على موقع فيسبوك الرسالة التي ستنتشر في العالم الاسلامي عالية واضحة ان الديمقراطية ليست للمسلمين .
والقت السلطات القبض على عدد من ابرز الشخصيات الاخوانية مما دعا محمد البلتاجي احد قادة الجماعة الى التحذير من الخطر القادم في اعتصام نظمه انصار الرئيس المعزول امام مسجد رابعة العدوية في القاهرة يوم الخميس.
وقال البلتاجي القضية الآن هي موقف العالم الحر الذي يدفع البلاد الى حالة من الفوضى ويدفع جماعات غير جماعة الاخوان المسلمين الى العودة الى فكرة التغيير بالقوة .
وتصاعدت نبرة الخطاب منذ اعلن الجيش أول مرة انه قد يتدخل بعد ان خرج ملايين المحتجين الى الشوارع للمطالبة برحيل مرسي.
وقال رجل في اعتصام رابعة العدوية هذا الأسبوع موجها كلامه الى وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي في مقطع مصور نشر على موقع يوتيوب لقد صنعت طالبان جديدة وقاعدة جديدة في مصر. وستكون هناك عمليات استشهادية… لو كل واحد من عشرة هنا فجر نفسه في مجموعة هاتكون انت السبب .
وقبل ساعات من الاطاحة بمرسي قال محمد نوفل وهو موظف يبلغ من العمر 44 عاما كان يقف في نفس الاعتصام انه متأكد من ان انصار مرسي سيعودون الى العنف اذا اجهض الجيش ما يعتبرونه عملية ديمقراطية شرعية.
وقال اذا حدث انقلاب عسكري فسيكون امام مصر خياران ان تتحول الى سوريا او ان تصبح مثل الجزائر في التسعينات. هذا هو البديل وسوف يحدث .
ويعتبر معظم انصار مرسي تدخل الجيش انقلابا عسكريا بينما تقول السلطات المصرية ان الجيش استجاب لمطالب الشعب.
وتوجد بمصر منذ عقود حركات اسلامية متشددة تصب عداءها على الحكومة.
واتهم الرؤساء المصريون الثلاثة الذين حكموا مصر بعد ثورة عام 1952 الاسلاميين بمحاولة اغتيالهم. ونجحت المحاولة مع الرئيس انور السادات.
وقاد الاسلاميون في التسعينات حملة دامية ضد قوات الامن في صعيد مصر.
وتخلت الجماعة الاسلامية التي نفذت بعضا من اعنف الهجمات عن العنف وشكلت حزبا سياسيا بعد سقوط مبارك.
لكن بعض اعضاء الجماعة اعلنوا انهم سيعودون الى حمل السلاح مرة اخرى دفاعا عن حكم مرسي وهو تهديد يحاول قادة الجماعة الان التهوين منه وهو مثار جدل بين صفوف الجماعة.
وقال محمد الامين 40 عاما العضو في الجماعة الاسلامية قبل ساعات من اعلان الجيش عزل مرسي اذا جرؤ الجيش على قتل الديمقراطية في مصر فسنقاتله وأشار الى الالاف من انصار مرسي المتجمعين بالقاهرة.
وقاطعه صبحي يوسف 45 عاما الذي كان يجلس الى جواره قائلا لا لا يا اخي. لن نحمل السلاح. ما سنحمله هو صبرنا وايماننا بالله .
وقال خليل العناني الخبير بالاسلام السياسي بجامعة دورهام في بريطانيا ان خطر وقوع اعمال عنف محدودة في مصر خطر قائم خاصة في شبه جزيرة سيناء التي غاب عنها القانون والنظام كثيرا منذ سقوط مبارك.
وأطلق مسلحون في شبه جزيرة سيناء في وقت مبكر الجمعة قذائف صاروخية على نقاط تفتيش للجيش والشرطة وقصفوا معسكرا لقوات الأمن ومطارا. وقال مصدر أمني ان جنديا قتل وأصيب آخران.
وقال العناني ان عزل مرسي يمكن ان يعزز ما تردده جماعات متشددة مثل القاعدة من أن الديمقراطية ليست هي السبيل.
وأضاف الان سيقولون انظروا. هذه هي الديمقراطية التي تقاتلون من اجلها .
وستعتمد صحة هذه المقولة على تصرفات الجيش خلال الفترة الانتقالية ومدى تماسك الاسلاميين الذين ساندوا خارطة الطريق التي وضعها.
وايد حزب النور السلفي وهو ثاني اكبر حزب سياسي اسلامي بعد جماعة الاخوان المسلمين خطة الجيش.
وقال حزب النور في بيان نشر يوم الخميس ان على كل من يقرر التضحية بنفسه دعما لموقف مرسي ان يفكر في انه ربما يخسر الأمرين معا.
لكن مشاركة اي جماعة اسلامية في خطة الجيش يمكن ان تنفر أعضاء بها.
وقال ياسر السري المتشدد السابق ومدير المرصد الاعلامي الاسلامي المقيم في لندن ان انقلاب الجيش على مرسي دفع مصر الى مرحلة خطيرة. وقال الشعب الان لم يعد مؤمنا بالعمل السلمي ولا يؤمن بأن التغيير يمكن ان يأتي عبر مسار سلمي. هذه هي المشكلة .
وأضاف ان مصر كان امامها فرصة لدمج الاسلاميين الشبان في اطار سياسي رسمي وجعلهم يعملون في العلن لكن ذلك هذا اصبح محل شك الان.
وقال ما لم يتم تصحيح الموقف باسرع ما يمكن سنعود الى الوراء مرة أخرى .
رويترز
AZP07