مصدر لـ(الزمان):تركيا تتوسط لترطيب العلاقات بين مصر وسوريا

القاهرة‭ -‬مصطفى‭ ‬عمارة

بدأ‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬المصري‭ ‬بدر‭ ‬عبد‭ ‬العاطي‭ ‬اليوم‭ ‬زيارته‭ ‬لتركيا‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬دعوة‭ ‬من‭ ‬نظيره‭ ‬التركي،‭ ‬وأكد‭ ‬مصدر‭ ‬دبلوماسي‭ ‬مصري‭ ‬رفيع‭ ‬المستوى‭ ‬للزمان‭ ‬أن‭ ‬مباحثات‭ ‬الجانبين‭ ‬المصري‭ ‬والتركي‭ ‬ستتناول‭ ‬تنمية‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬مع‭ ‬بدء‭ ‬عام‭ ‬جديد‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬العلاقات‭ ‬تشهد‭ ‬نموا‭ ‬متزايدا‭ ‬وكذلك‭ ‬بحث‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتنسيق‭ ‬جهود‭ ‬البلدين‭ ‬في‭ ‬الملف‭ ‬الفلسطيني‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬وصول‭ ‬إدارة‭ ‬أمريكية‭ ‬جديدة‭ ‬برئاسة‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬ومحاولته‭ ‬فرض‭ ‬تهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬إلى‭ ‬غزة‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬ترفضه‭ ‬مصر‭ ‬وتركيا‭ ‬لأنه‭ ‬سوف‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تصفية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬سوف‭ ‬تحتل‭ ‬جزءً‭ ‬مهما‭ ‬في‭ ‬مباحثات‭ ‬الطرفين‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬وصول‭ ‬نظام‭ ‬جديد‭ ‬إلى‭ ‬إدارة‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬برئاسة‭ ‬احمد‭ ‬الشرع‭ ‬وهو‭ ‬النظام‭ ‬الذي‭ ‬تحفظت‭ ‬عليه‭ ‬مصر‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الاتصال‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬بين‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬المصري‭ ‬بنظيره‭ ‬السوري‭ ‬وتهنئة‭ ‬السيسي‭ ‬للشرع‭ ‬بتوليه‭ ‬الرئاسة‭.‬

‭ ‬وأوضح‭ ‬المصدر‭ ‬أن‭ ‬تحفظ‭ ‬مصر‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬الجديد‭ ‬نابع‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬عناصر‭ ‬مصرية‭ ‬معارضة‭ ‬للنظام‭ ‬المصري‭ ‬انخرطت‭ ‬في‭ ‬هيئة‭ ‬تحرير‭ ‬الشام‭ ‬أثناء‭ ‬حكم‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬مرسي‭ ‬وتم‭ ‬اختيار‭ ‬بعضها‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬العسكرية‭ ‬السورية‭ ‬وتطور‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬مهاجمة‭ ‬احمد‭ ‬منصور‭ ‬المعارض‭ ‬المصري‭ ‬للنظام‭ ‬وتشكيله‭ ‬حركة‭ ‬تحرير‭ ‬25‭ ‬يناير‭ ‬ودعوته‭ ‬عبر‭ ‬فيديو‭ ‬تم‭ ‬بثه‭ ‬من‭ ‬سوريا‭ ‬للإطاحة‭ ‬بنظام‭ ‬السيسي‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أثار‭ ‬استياء‭ ‬مصر‭ ‬كما‭ ‬رفضته‭ ‬إدارة‭ ‬الشرع،‭ ‬وأصدرت‭ ‬مصر‭  ‬قرارا‭ ‬بمنع‭ ‬دخول‭ ‬السوريين‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬إلى‭ ‬الأراضي‭ ‬المصرية‭ ‬والتشديد‭ ‬من‭ ‬إقامة‭ ‬السوريين‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬ومع‭ ‬تصاعد‭ ‬التوتر‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬دخلت‭ ‬تركيا‭ ‬على‭ ‬خط‭ ‬الأزمة‭ ‬لإزالة‭ ‬التوتر‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭. ‬

وكشف‭ ‬المصدر‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬أن‭ ‬تركيا‭ ‬نقلت‭ ‬للإدارة‭ ‬السورية‭ ‬الجديدة‭ ‬استياء‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬اتخاذ‭ ‬المعارضين‭ ‬المصريين‭ ‬للأراضي‭ ‬السورية‭ ‬ملاذا‭ ‬لتهديد‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬المصري‭ ‬وطلبها‭ ‬تسليم‭ ‬بعض‭ ‬المصريين‭ ‬الهاربين‭ ‬إلى‭ ‬سوريا‭ ‬والمنخرطين‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬العسكرية‭ ‬السورية‭ ‬والصادر‭ ‬ضدهم‭ ‬أحكام‭ ‬قضائية‭ ‬لمحاكمتهم‭ ‬في‭ ‬مصر‭. ‬وأوضح‭ ‬المصدر‭ ‬أن‭ ‬الإدارة‭ ‬السورية‭ ‬الجديدة‭ ‬تجاوبت‭ ‬مع‭ ‬الطلب‭ ‬المصري‭ ‬والقت‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬المعارض‭ ‬المصري‭ ‬احمد‭ ‬منصور‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬رفضت‭ ‬تسليم‭ ‬العناصر‭ ‬المصرية‭ ‬المطلوبة‭ ‬إلى‭ ‬مصر‭ ‬لمحاكمتهم‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تعهدت‭ ‬بأن‭ ‬لا‭ ‬يستخدم‭ ‬المعارضون‭ ‬للنظام‭ ‬المصري‭ ‬الأراضي‭ ‬السورية‭ ‬لمهاجمة‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬أو‭ ‬القيام‭ ‬بأعمال‭ ‬عدائية‭ ‬تهدد‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬المصري‭.  ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬بدأت‭ ‬مصر‭ ‬في‭ ‬التخفيف‭ ‬من‭ ‬القيود‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬دخول‭ ‬السوريين‭ ‬إلى‭ ‬مصر‭ ‬خاصة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للسوريين‭ ‬المتزوجين‭ ‬من‭ ‬مصريات‭ ‬أو‭ ‬العكس‭ ‬أو‭ ‬بالنسبة‭ ‬لرجال‭ ‬الأعمال‭ ‬السوريين‭ ‬أو‭ ‬الدارسين‭ ‬في‭ ‬المراحل‭ ‬الدراسية‭ ‬المختلفة‭.‬

ولم‭ ‬يستبعد‭ ‬المصدر‭ ‬أن‭ ‬تسعى‭ ‬تركيا‭ ‬إلى‭ ‬ترتيب‭ ‬لقاءات‭ ‬علنية‭ ‬أو‭ ‬سرية‭ ‬بين‭ ‬وزيري‭ ‬خارجية‭ ‬البلدين‭ ‬أثناء‭ ‬زيارة‭ ‬احمد‭ ‬الشرع‭ ‬ووزير‭ ‬خارجيته‭ ‬لتركيا‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬توقيت‭ ‬زيارة‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬المصري‭ ‬لتركيا‭.  ‬وكان‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬المصري‭ ‬في‭ ‬ندوته‭ ‬بمعرض‭ ‬الكتاب‭ ‬مساء‭ ‬أمس‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬منخرطة‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬السوري‭ ‬بحكم‭ ‬خصوصية‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬والتي‭ ‬وصفت‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬الفترات‭ ‬بوحدة‭ ‬البلدين‭ ‬في‭ ‬الجمهورية‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬إبان‭ ‬عبد‭ ‬الناصر‭ ‬وان‭ ‬هناك‭ ‬انخراطا‭ ‬مصريا‭ ‬واسعا‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الإدارة‭ ‬الانتقالية‭ ‬والمعارضة‭ ‬التي‭ ‬ناهضت‭ ‬نظام‭ ‬الأسد‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2011‭ ‬واضاف‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬لا‭ ‬تتدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬لسوريا‭ ‬وترحب‭ ‬باختيار‭ ‬الشعب‭ ‬السوري‭.  ‬وتعليقا‭ ‬على‭ ‬الوساطة‭ ‬التركية‭ ‬لإزالة‭ ‬التوتر‭ ‬بين‭ ‬مصر‭ ‬وسوريا‭ ‬أكد‭ ‬أيمن‭ ‬سلامة‭ ‬عضو‭ ‬المجلس‭ ‬المصري‭ ‬للشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬للزمان‭ ‬أن‭ ‬الوساطة‭ ‬الدولية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أداة‭ ‬فعالة‭ ‬في‭ ‬تقريب‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭.‬

واضاف‭ ‬سلامة‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬الانتقالية‭ ‬السورية‭ ‬تمثل‭ ‬أمل‭ ‬لسوريا‭ ‬الخارجة‭ ‬من‭ ‬حقبة‭ ‬الاستبداد‭ ‬لكنها‭ ‬تواجه‭ ‬تحديات‭ ‬معقدة‭ ‬تتطلب‭ ‬إرادة‭ ‬سياسية‭ ‬قوية‭ ‬ودعما‭ ‬داخليا‭ ‬وتعاونا‭ ‬دوليا‭ ‬فعالا‭ ‬وأن‭ ‬نجاح‭ ‬الإدارة‭ ‬الجديدة‭ ‬يتوقف‭ ‬على‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬تطلعات‭ ‬الشعب‭ ‬السوري‭ ‬ومصالح‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬فيما‭ ‬أكد‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬النشطاء‭ ‬السياسيين‭ ‬أن‭ ‬المشكلة‭ ‬الأساسية‭ ‬هي‭ ‬خشية‭ ‬النظام‭ ‬المصري‭ ‬في‭ ‬انتقال‭ ‬التجربة‭ ‬السورية‭ ‬إلى‭ ‬مصر‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الصدام‭ ‬الدامي‭ ‬والذي‭ ‬لا‭ ‬زال‭ ‬مستمرا‭ ‬بين‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬والنظام‭ ‬المصري‭ ‬وأنه‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬التغلب‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬المخاوف‭ ‬فإن‭ ‬العلاقات‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬طبيعتها‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬وقت‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الظروف‭ ‬الحالية‭ ‬سوف‭ ‬تفرض‭ ‬على‭ ‬النظامين‭ ‬التواصل‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬الشائكة‭ ‬التي‭ ‬تهم‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬كالقضية‭ ‬الفلسطينية‭.‬

مشاركة