مصاعد مدينة الطب
ذهبت الى مدينة الطب لزيارة الجرحى الذين سقطوا ضحية واحدة من الانفجارات المتكررة التي سأمها وملَّ منها المواطن العراقي حتى بات يخاف يغادر بيته الا لعمل ضروري او الى عمله اليومي.
اقول ذهبت الى المستشفى العريقة وقد تفاجأت بوجود مصعد واحد يأتي كل نصف ساعة ليقل الزوار الى ذويهم الراقدين الى المستشفى وبما ان مريضي الذي اروم زيارته في الطابق العاشر وانا في عمر لا استطيع صعود السلالم فقد انتظرت طويلا حتى نزل المصعد من الطوابق العليا وعند النزول له فقد ازدحم الزوار على المصعد الواحد حتى كاد ان يطرحوني ارضاً لكن والحمد لله الزوار هم الذين رفعوني وفجأة وجدت نفسي في المصعد واقسم لولا انني اطول قامة من الذين صعدوا معي لما استطعت التنفس وأُغميَّ عليَّ لكن والحمدلله بقيت متماسكا حتى وصلت الطابق العاشر.
وبعد زيارتي للجريح رجعت ثانية الى المصعد لكن هذه المرة لم يحالفني الحظ فلم اجد هذا المصعد اليتيم لذا ارتضيت ان انزل من الطابق العاشر حت الطابق الارضي في السلالم وكل طابق انزله احمدالله واشكره اني انهيت طابقاً وعند نزولي الى الطابق الارضي وجدت نفسي متعباً منهكاً حتى جلست على احدى الكراسي الموجودة وبعد استراحة دامت نحو خمسة عشر دقيقة نهضت لاذهب الى جريح ثانٍ وهذه المرة في المستشفى المجاور الى مدينة الطب وهو مستشفى عدنان وقد تكررت المأساة ثانية فلم اجد سوى مصعد واحد يعمل وينتظره جمهور غفير من ذوي المرضى حتى جاء المصعد الواحد اليتيم ايضاً واقل هذه الجماهير الى الطوابق التي يرومونها ومنهم انا الذي صعدت الى الطابق العاشر ايضا لزيارة جريح اخر وبعد زيارتي للمريض وتمنياتي له بالشفاء العاجل رجعت الى المصعد وانا خائف ان تكرر مأساة النزول في السلالم كما حدث لي في مدينة الطب لكن هذه المرة حالفني الحظ وجاء المصعد فحمدت الله على ذلك وقال لي (سائق المصعد): حجي احنا صاعدين” اجبته “نعم انا صاعد وبقيت في المصعد حتى الطابق العشرين ثم ردَّ علية لِمَ لم تنزل قلت له انا انزل في الطابق الارضي فاجابني بإستهزاء لِمَ صعدت إذاً قلت له: حتى لا افقد المصعد فضحك وقال لي: سأرجع الى الطابق الارضي وهكذا انتهت معاناتي ونزلت الى الطابق الارضي.
وبعد هذه المعاناة واجهت معاناة اخرى حيث ان المرآب الذي اوقفت فيه عجلتي يبعد عن المستشفى نحو عشرين دقيقة سيراً على الاقدام وعندما وصلت الى سيارتي كنت منهكاً مرهقاً حتى اكاد لا استطيع قيادة عجلتي وهكذا اصبحت انا المريض واحتاج من يزورني.
اسألكم بالله هذه زيارة مريض او معاناة؟! واود ان اعمل مقارنة بسيطة بين ما كنت به قبل شهرين عندما كنت في رحلة علاجية الى الهند وقد عولجت في احدى المستشفيات هناك حيث وجدت نفسي ليس في مستشفى وانما في منتزه او مول راق حيث المصاعد وحيث المعاملة الجيدة من جميع العاملين في المستشفى ومنهم الاطباء.
وهنا لابد ان اشير الى ان تعداد نفوس الهند اكثر مليار ومئتي مليون نسمة ونشاهد هذا التطور ونحن تعدادنا نحو اربع وثلاثين مليون نسمة ونحن بلد نفطي ونمشي على حقول نفطية وبلد ذي سياحة نفطية ونجد انفسنا امام هذه المتاعب.
محمد الناصر