ظلت مسألة الصراع من أجل حداثة المجتمع والنهوض به من براثن التخلف أمرأ عسيرا في ظل السير وراء المشيخة الملتحية الرجعية المتطرفة التي توكل نفسها حماة المعبد وحماة دين. وكم من لحية طالت على ذقن جاهل لا يختبئ وراءها إلا الحماقة والجهل، وها نحن اليوم نفاجئ بوسائل الاتصال الحديثة تزف لنا شرط فيديو يتضمن كلاما اشد خطورة من أي فعل جرمي، فيه كلام لمسمى الشيخ أبو النعيم، وأي نعيم هذا يكفر فيه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وكل رموز قادته وإباحة القتل لمن ينعــــــتهم بالزندقة والكفر بدعوى النهي عن المنكر والأمر بالمعروف، في هجوم انتحاري رمزي على ما جاء في كلمة الكاتب الأول لاتحاد الاشتراكي أثناء افتتاح المؤتمر النساء الاتحاديات حول نبذ الميز والعنف ضد النساء وفتح النقاش حول مواضع تعدد الزوجات والمساواة في الإرث والإجهاض…
قد نختلف حول الظرفية إطلاق هذا النقاش وقد نرجح كفة الحسابات السياسية العقلانية، لكن إذا كان موقف الاتحاد الاشتراكي من هذه القضايا الحساسة سيكون الشرارة التي أحرقت الشجرة التي تخفي غابة مسكوت عنه، من قيم التطرف والأفكار التكفيرية التي تهدد وحدة المجتمع المعتدل والمتسامح، فهي مطلوبة الآن ولابد من ضخ جرعات إضافية في هذا النقاش حتى نخرج الخفافيش من الكهوف ونخرج من ينخر عقول الشباب إلى العلن، لان مثل هؤلاء الذين لا نراهم لكن استفزازهم الفكري سيبرز جهالتهم للذين الإسلامي السمح.
إن الدلالات والمعاني التي يمكن فهمها من هذا الشريط المصور تعكس أن المغرب مهدد فعلا من التنظيمات المشيخة التكفيرية، فهذا الشيخ التكفيري لابد أن له شباباً وأناساً بسطاء مريدين يشكلون قنبلة بشرية مستعدة للانفجار في أي لحظة يعطي فيه الشيخ إشارة إلى الجهاد “النهي عن المنكر”.
وفي هذا السياق الإقليمي الذي يصدر فيه التكفيريون الشباب للقتال في كل من العراق وسوريا.. لا يمكن الفصل فيه بين كلام “الشيخ” وما جاء في التقرير الأخير لأعداد الكبيرة من المغاربة يقاتلون في سوريا، فهؤلاء الشباب هم من ثمار هذا الشيخ التكفيري الذي دنس عقولهم بأفكاره المتطرفة والملففة بجمالية الفوز بالحور العين في الجنة وتمتع بلذة الجنسية أكثر منها في دنيا، أصبح لا يخفى على احد أن هذا الإخطبوط التكفيري منغرس في بيئة يصعب استئصاله منها للشروط موضوعية يعرفها الجميع.
إبراهيم الصافي – المغرب