مشهد تسونامي من الصور التاريخية المزيفة

‭ ‬باريس‭ (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭) – ‬تنتشر‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬عبر‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬صور‭ ‬قريبة‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬الواقع‭ ‬لكنّها‭ ‬أُنشئت‭ ‬باستخدام‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬منها‭ ‬مثلا‭ ‬ما‭ ‬يظهر‭ ‬أمّا‭ ‬وطفلها‭ ‬يبكيان‭ ‬خلال‭ ‬الكساد‭ ‬الكبير‭ ‬أو‭ ‬جنديا‭ ‬منهكا‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬فيتنام‭.‬

وتتم‭ ‬مشاركة‭ ‬صور‭ ‬بالأسود‭ ‬والأبيض‭ ‬يُزعم‭ ‬أنها‭ ‬تمثل‭ ‬مشاهد‭ ‬مألوفة‭ ‬من‭ ‬التاريخ،‭ ‬عبر‭ ‬صفحات‭ ‬ثقافية‭ ‬في‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬أو‭ ‬صفحات‭ ‬شخصية‭ ‬لمستخدمي‭ ‬الانترنت،‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يشكل‭ ‬تحريفا‭ ‬للتاريخ‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أشخاص‭ ‬غير‭ ‬معروفين،‭ ‬تُظهر‭ ‬هذه‭ ‬الصور‭ ‬أحيانا‭ ‬شخصيات‭ ‬بارزة‭ ‬مثل‭ ‬تيودور‭ ‬روزفلت‭ ‬عند‭ ‬مغادرته‭ ‬إلى‭ ‬كوبا‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬الحرب‭ ‬الإسبانية‭ ‬الأميركية‭ ‬عام‭ ‬1898،‭ ‬أو‭ ‬الأخوين‭ ‬رايت‭ ‬بعد‭ ‬أول‭ ‬تجربة‭ ‬طيران‭ ‬ناجحة‭ ‬لهما‭ ‬عام‭ ‬1903‭.‬

‭ ‬وتُظهر‭ ‬صورة‭ ‬أُنشئت‭ ‬بواسطة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬وتم‭ ‬التداول‭ ‬بها‭ ‬عبر‭ ‬فيسبوك،‭ ‬المهندسين‭ ‬الأميركيين‭ ‬وهما‭ ‬يبتسمان‭ ‬أمام‭ ‬طائرتهما،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنّ‭ ‬معظم‭ ‬الصور‭ ‬الأرشيفية‭ ‬الحقيقية‭ ‬للأخوين‭ ‬تظهرهما‭ ‬إما‭ ‬بهيئة‭ ‬جدية‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬صارم،‭ ‬أو‭ ‬ضمن‭ ‬صور‭ ‬ظلية‭ ‬على‭ ‬مسافة‭ ‬بعيدة‭ ‬وهما‭ ‬يعملان‭ ‬على‭ ‬نموذجهما‭ ‬الأولي‭.‬

‭ ‬لماذا‭ ‬أُنشئت‭ ‬هذه‭ ‬الصورة‭ ‬المزيفة؟‭ ‬لم‭ ‬تحصل‭ ‬وكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬على‭ ‬ردّ‭ ‬من‭ ‬الجهة‭ ‬التي‭ ‬نشرتها،‭ ‬لكن‭ ‬بحسب‭ ‬إحدى‭ ‬التعليمات‭ ‬الموجهة‭ ‬إلى‭ ‬برنامج‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬المستخدم‭ ‬والمرئية‭ ‬في‭ ‬أعلى‭ ‬الصورة،‭ ‬يتمثل‭ ‬الهدف‭ ‬في‭ ‬إبراز‭ ‬جو‭ “‬احتفالي‭”. 

‭ ‬بقية‭ ‬الخبر‭ ‬على‭ ‬الموقع

يقول‭ ‬المؤرخ‭ ‬الهولندي‭ ‬جو‭ ‬هيدفيغ‭ ‬تويسن‭ ‬الذي‭ ‬يرصد‭ ‬عبر‭ ‬شبكات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬تحت‭ ‬الاسم‭ ‬المستعار‭ “‬فايك‭ ‬هيستوري‭ ‬هانتر‭” (‬صائد‭ ‬التاريخ‭ ‬المزيف‭) ‬المنشورات‭ ‬المضللة‭ ‬المتمحورة‭ ‬على‭ ‬التاريخ،‭ “‬لقد‭ ‬تسبب‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬تسونامي‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ ‬المزيف،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الصور‭”.‬

‭ ‬

ويضيف‭ “‬في‭ ‬بعض‭ ‬الحالات،‭ ‬تكون‭ ‬الأعمال‭ ‬نسخا‭ ‬لصور‭ ‬أرشيفية‭ ‬موجودة‭ ‬بالفعل‭ ‬لكن‭ ‬مُعاد‭ ‬إنشاؤها‭ ‬بالذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬غريب‭ ‬خصوصا‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬النسخ‭ ‬الأصلية‭ ‬معروفة‭ ‬جدا‭”.‬

‭ ‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬الابتكارات‭ ‬المُبتكرة‭ ‬بواسطة‭ ‬برنامج‭ “‬ميدجورني‭” ‬Midjourney‭ ‬المتخصص‭ ‬بالذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬اللقطات‭ ‬المزيفة‭ ‬تعيد‭ ‬إنتاج‭ ‬الصور‭ ‬الشهيرة‭ ‬لعملية‭ ‬اغتيال‭ ‬لي‭ ‬هارفي‭ ‬أوزوالد،‭ ‬القاتل‭ ‬المزعوم‭ ‬لجون‭ ‬فيتزجيرالد‭ ‬كينيدي،‭ ‬على‭ ‬يدي‭ ‬جاك‭ ‬روبي‭ ‬في‭ ‬24‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭/‬نوفمبر‭ ‬1963‭ ‬في‭ ‬دالاس‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

‭ ‬

ويتضمّن‭ ‬برنامج‭ “‬ميدجورني‭” ‬أيضا‭ ‬صورا‭ ‬يُزعم‭ ‬أنها‭ ‬تظهر‭ ‬انفجار‭ ‬قنبلة‭ ‬هيروشيما‭ ‬النووية‭ ‬في‭ ‬6‭ ‬آب‭/‬أغسطس‭ ‬1945،‭ ‬وأخرى‭ ‬لغزو‭ ‬قوات‭ ‬حلف‭ ‬وارسو‭ ‬لبراغ‭ ‬في‭ ‬آب‭/‬أغسطس‭ ‬1968،‭ ‬أو‭ ‬صورة‭ ‬تعبيرية‭ ‬للكولوسيوم‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬روما‭ ‬القديمة‭.‬

‭ ‬

ويثير‭ ‬ظهور‭ ‬هذه‭ ‬الأرشيفات‭ ‬الزائفة‭ ‬المُبتكرة‭ ‬بواسطة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬تساؤلات‭ ‬لدى‭ ‬مارينا‭ ‬أمارال،‭ ‬وهي‭ ‬فنانة‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬تلوين‭ ‬الصور‭ ‬القديمة‭. ‬وتبدي‭ ‬قلقها‭ ‬إزاء‭ ‬ظاهرة‭ ‬إبراز‭ “‬أحداث‭ ‬قديمة‭ ‬جدا‭ ‬لدرجة‭ ‬أنّ‭ ‬تصويرها‭ ‬كان‭ ‬غير‭ ‬ممكن‭” ‬أو‭ ‬لحظات‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ “‬غير‭ ‬موثقة‭ ‬إلا‭ ‬قليلا‭”.‬

‭ ‬

وتعتبر‭ ‬أن‭ “‬الخطر‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬اعتبار‭ ‬هذه‭ ‬الصور‭ ‬المزيفة‭ ‬حقيقية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيغير‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬فهمنا‭ ‬للتاريخ‭ ‬ويقلل‭ ‬ثقة‭ ‬الجمهور‭ ‬في‭ ‬الصور‭ ‬كمصدر‭ ‬موثوق‭ ‬لدراسة‭ ‬الماضي‭”.‬

‭ ‬

‭ ‬

يعتبر‭ ‬جو‭ ‬هيدويغ‭ ‬تيوويسن‭ ‬ومارينا‭ ‬أمارال‭ ‬أنهما‭ ‬لا‭ ‬يزالان‭ ‬قادرين‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬الصحيح‭ ‬والمزيف،‭ ‬وذلك‭ ‬بفضل‭ ‬خبراتهما‭ ‬وبعض‭ ‬إخفاقات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬كإضافة‭ ‬أصابع‭ ‬إلى‭ ‬اليد‭ ‬أو‭ ‬تفاصيل‭ ‬مفقودة‭ ‬في‭ ‬الصورة،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬العكس‭ ‬زيادة‭ ‬عناصر‭ ‬مثالية‭ ‬جدا‭.‬

‭ ‬

وعلى‭ ‬فيسبوك،‭ ‬تشير‭ ‬تعليقات‭ ‬كثيرة‭ ‬لمستخدمي‭ ‬الإنترنت‭ ‬بشكل‭ ‬ساخر‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬مروحة‭ ‬فوق‭ ‬طائرة‭ ‬الأخوين‭ ‬رايت،‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬أنشأها‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬وتظهرهما‭ ‬أمام‭ ‬طائرتهما‭.‬

‭ ‬

وتؤكد‭ ‬أمارال‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الابتكارات‭ ‬لا‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تتنافس‭ ‬مع‭ ‬سمات‭ ‬معينة‭ ‬مميزة‭ ‬للصور‭ ‬الحقيقية‭ ‬التي‭ ‬تُلتقط‭ ‬في‭ ‬لحظات‭ ‬تنطوي‭ ‬على‭ ‬مشاعر‭ ‬وترتبط‭ ‬بأشخاص‭ ‬معينين‭.‬

‭ ‬

وتضيف‭ “‬إنها‭ ‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬العنصر‭ ‬البشري‭ ‬والنية‭ ‬وسبب‭ ‬اختيارات‭ ‬المصور‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬ذات‭ ‬مصداقية‭ ‬بصرية‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الصور‭ ‬تظل‭ ‬فارغة‭”.‬

‭ ‬

ويشير‭ ‬جو‭ ‬هيدويغ‭ ‬تيوويسن‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ “‬الصور‭ ‬الحقيقية‭ ‬يلتقطها‭ ‬أشخاص،‭ ‬وثمة‭ ‬دائما‭ ‬عنصر‭ ‬غير‭ ‬واضح‭”.‬

‭ ‬

لكنّ‭ ‬أمارال‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬مجرد‭ “‬مسألة‭ ‬وقت‭” ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬الصور‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬يولدها‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬مُعتمدة‭ ‬كباقي‭ ‬الصور،‭ ‬بسبب‭ ‬الواقعية‭ ‬المتزايدة‭ ‬لهذه‭ ‬الصور‭ ‬الاصطناعية،‭ ‬وهو‭ ‬سيناريو‭ ‬تعتبره‭ “‬خطرا‭” ‬لأنه‭ ‬يوسّع‭ ‬التضليل‭ ‬الذي‭ ‬يتعرض‭ ‬له‭ ‬مستخدمو‭ ‬الإنترنت‭ ‬أصلا‭.‬

‭ ‬

‭ ‬

مشاركة