مشروع دستور إقليم كردستان ـ عبدالستار رمضان
اهتمام المواطنين في اقليم كردستان والعالم بموضوع انتخابات رئاسة اقليم كردستان المقرر اجراؤها في ايلول سبتمبر المقبل مستمر، وهو موضوع مهم يأخذ مسارات وتفاصيل عديدة لسنا بصدد بيانها او التطرق اليها، لاسيما وان هذا الاهتمام الكبير قد تناوله العديد من المسؤولين والاعلاميين في الاحزاب الكردية في الحكومة والمعارضة سواء في الاقليم او في بغداد، حيث كالعادة تعددت وجهات النظر حتى وصلت لمرحلة اصدار الاحكام اواصدار القرار من بعضهم في هذا الموضوع، الى جانب الاختلاف الواضح في وجهات نظر العديد من المسؤولين والكتاب، ووجود اهتمام وحراك شعبي بين الناس الذين يهمهم امر كردستان ويصرحون ويبينون وجهة نظرهم في الشخص المناسب لهذا المنصب.
ان وجود الخلاف في وجهات النظر امر طبيعي وايجابي، لكن يبقى لهذا الخلاف ضابط وحدود يجب ان لا يتعداها بحيث يصل الى الخلاف الشخصي او النظرة الاحادية التي لا ترى ابعد مما تراها أعينهم ولا تلتف الى المصالح العليا وموقع اقليم كردستان ضمن الخارطة العراقية، حيث تتضاعف المخاطر والازمات مع الحكومة الاتحادية التي تبدو كالغول الذي يحاول ان يسيطر ويستحوذ على كل شئ في العراق، الى جانب الوضع الاقليمي وازمات الدول المجاورة للعراق والتي توجد لكل منها مصالح واجندات تسعى الى تمريرها من خلال الاقليم.
الى ان اللافت للنظر ان يتم ربط موضوع انتخاب رئيس الاقليم بموضوع مشروع دستور اقليم كردستان، ويربط الكثيرون مع الاسف جهلاً ام عمداً بين الموضوعين بحيث يقدموا للراي العام مفاهيم ومعلومات خاطئة ومغرضة تتناقلها وسائل الاعلام باستمرار وتكرار، ما يجعلها تصل الى درجة يعتقد البعض انها صحيحة وحقيقية رغم زيفها وخطئها من الناحية القانونية والاعلامية على حد سواء.
وقد وجدنا من واجبنا ان نتناول هذا الموضوع بتجرد ومناقشة قانونية وعلمية بعيدة عن كل انواع الاحكام والتصورات المسبقة القائمة على الانتماء او الولاء الحزبي او الشخصي، وننطلق في هذا الامر كوننا احد الكتاب والصحفيين الملتزمين بقضايا شعبنا واحد الحقوقيين العاملين في مجال قضاء الادعاء العام الذي من اولى مهامه واولوياته حماية المشروعية والدفاع عن الحق العام ومصالح الشعب بكل صلابة ومنطق قانوني وفهم صحيح لمواد واحكام الدستور.
ومن خلال دراستنا وبحثنا الدائم في مشروع دستور اقليم كردستان وجدنا من المناسب تسجيل الحقائق التالية
الحقيقة الاولى
انه واضح من العنوان او التسمية مشروع دستور، مقترح والدستور لا يكون ملزما ونافذا الا من خلال الاحكام الواردة فيه بعد تاريخ الاستفتاء عليه، اي انه ما زال يحمل الى اليوم صفة وعنوان مشروع الذي لا يتحول الى واقع حقيقة الا بعد الاستفتاء عليه من قبل الشعب وهذا لم يحصل الى حد اليوم.
الحقيقة الثانية
ما ورد في الباب الثامن نفاذ الدستور وتفسيره وتعديله ونص المادة 115 التي تبين طريقة العمل بالتعديل الوارد على هذا الدستور، اي ان هذا الدستور ليس جامداً، اي نهائياً غير قابل للتعديل بل هو نتاج جهد بشري وانساني ومتى رأت الاطراف السياسية ان هناك ضرورة او حاجة لتعديله او تغييره فإن ذلك ممكن من خلال اتباع الآليات والطرق المحددة في الدستور وتعديل بعض مواده واحكامه.
الحقيقة الثالثة
نصت المادة 116 على تختص محكمة تمييز كردستان اضافة الى اختصاصاتها، بتفسير نصوص هذا الدستور والبت في الدفع بعدم دستورية القوانين ومشروعية القرارات والمراسيم والانظمة والتعليمات في الدعاوى المقامة امام القضاء لحين تشكيل المحكمة الدستورية في كردستان .
وهذا يعني ان الآراء التي تنشر وتعلو اصواتها بمناسبة وغير مناسبة حول هذا الدستور ودعواتهم لارجاعه الى البرلمان او تعديل بعض مواده قبل اجراء الاستفتاء المطلوب والواجب اجراؤه قبل اي اجراء، هي مجرد ابداء آراء غير قالبة للتحقيق لان النص اورد آلية وطريقة محددة في البت بدستورية القوانين ومشروعية القرارات من خلال اللجوء الى القضاء الممثل في اعلى جهة قضائية في الاقليم وهي محكمة تمييز اقليم كرودستان والتي تعتبر بمثاية المحكمة المحكمة العليا الى حين تشكيل المحكمة الدستور في الاقليم.
الحقيقية الرابعة
نصت المادة 118 على يعد هذا الدستور مصادقاً عليه بعد موافقة اغلبية المصوتين من شعب اقليم كردستان عليه في استفتاء عام .
وعليه فان الاستفتاء العام للدستور هو الذي سيمنح شهادة الولادة و يعطي الحياة لهذا الدستور، والاستفتاء حق وواجب في آن واحد، حق أصيل للمواطن في الاقليم في ان يقرر موافقته او رفضه لهذا المشروع الدستور ، وواجب على الحكومة والاطراف السياسية في الاقليم التي ادت دروها وناقشت وابدت رأيها في مشروع الدستور خلال السنوات الماضية وعليها اليوم ان تُعيد الحق الى الجماهير والمواطنين الذين لهم الحق وحدهم مباشرة ومن دون توكيل او تمثيل احد لهم ان يقولوا كلمتهم في الدستور وهذا باتفاق واجماع كل القانونيين والدستوريين يمثل الديمقراطية الحقيقية التي تحترم ارادة وقرار الاصيل والذين بحضورهم حضور الاصيل تسقط وكالة الوكيل .
الحقيقة الخامسة
نصت المادة 122 اولاً يعد هذا الدستور نافذاً بعد مضي ثلاثين يوماً من تاريخ الموافقة عليه في الاستفتاء العام، ويتولى رئيس اقليم كردستان نشره في الجريدة الرسمية وقائع كردستان خلال عشرة ايام من تاريخ الموافقة عليه في الاستفتاء العام.
ثانياً تبقى التشريعات النافذة في الاقليم معمولاً بها ما لم تُلغ او تعدل وفقاً لأحكام هذا الدستور.
وعليه فإن مشروع الدستور وحتى اذا تمت الموافقة عليه فان يتطلب مرور 30 يوماً من تاريخ الموافقة عليه ويتطلب وجود رئيس للاقليم يتولى نشره في الجريدة الرسمية حتى يكتسب صفة النفاذ والالزام.
وعليه واستناداً للحقائق التي اوردناها اعلاه فان العلاقة بين مشروع دستور الاقليم وانتخابات رئاسة الاقليم تحكمها المبادئ القانونية التالية
1 ــ ان مشروع الدستور ليس فيه قوة قانونية او نفاذ فيما يتعلق في موضوع ترشيح اي شخص لمنصب الرئيس المقبل لاقليم كردستان.
2 ــ ان المدة المتبقية من الآن شهر حزيران حتى 21 ايلول اي حوالي مدة مائة يوم لا تكفي ولا يمكن من الناحية العملية اكمال الدستور وانفاذه ونشره من قبل رئيس الاقليم بسبب ان الدستور يتناول مواضيع ومناطق هي ضمن مواد الدستور الاتحادي غير المطبق اصلاً.
3 ــ ان الوضع في اقليم كردستان مرتبط باستحقاق قانوني يتعلق بانتخاب برلمان كردستان وخشية حدوث فراغ تشريعي في حال تأخر الانتخابات لاننا سنكون حينها في حالة فراغ وانتهاء الولاية القانونية لكلا المؤسستين البرلمان والرئيس في اقليم كردستان.
4 ــ ان الاعتراضات الموجودة على الدستور الكثيرة والمتعددة سواء من بعض الاطراف في داخل الاقليم او حتى من خارج الاقليم، والجدال حول تعارضه او تعارض بعض مواده للدستور الاتحادي وموضوع واسع يتطلب وقتا طويلا ومناقشات وتوافقات داخل وخارج حدود الاقليم.
5 ــ واخيراً فإنه لا يوجد علاقة وارتباط بين موضوع مشروع دستور اقليم كردستان وموضوع انتخاب رئيس الاقليم لان السند او النص القانوني الذي يحدد منصب الرئيس وشروط تولي هذا المنصب وآليات وطريقة الانتخاب هي وفق قانون رئاسةاقليم كردستان رقم 1 لسنة 2005 والتعديلين اللذين جرى عليه، اما الدستور فلا بد وان يرجع موضوع اقراره واصداره الى الشعب من خلال الاستفتاء العام عليه لان الشعب وحده صاحب الكلمة والقرار الاول والاخير.
AZP07