«مرجعية» أم منظمة مجتمع مدني؟  – عبدالمنعم الاعسم

«مرجعية» أم منظمة مجتمع مدني؟  – عبدالمنعم الاعسم

في حرب غزة، وقبلها ايضا، كانت الامم المتحدة، واخصّ الجمعية العامة منها، مثل اي منظمة مجتمع مدني، انسانية، فضلها الوحيد انها سجلت نفسها كشاهد نبيل على ما يحدث، على الرغم من ان ميثاقها، واجب الالتزام، يتضمن اطفاء الحرائق بكل ما تعنيه هذه العبارة.

من زاوية، يبدو انه لا دور أبقاه النافذون، لهذه المرجعية الدولية في حل المشكلات الخطيرة التي تعصف في عالم ما بعد الحرب الباردة.

وفي هذا، احصى معهد غربي قبل فترة ما يزيد على مائة وستين مشكلة تعصف بالشرق الاوسط والدول الاعضاء في المنظمة الدولية مما تحسب على مسؤوليتها، لكنها وقفت وتقف عاجزة عن تقديم اية مساعدة لتلك الاقاليم والدول، إما لأنها لا تملك اموالا كافية، او ان احدا لم يطلب منها التدخل، او ان اطراف الازمات لا يسمعون ما تقوله ويفضلون تدخل اعضاء اكثر هيبة وتأثيرا و»فلوسا» أو ان اطرافا «مؤثرة» لا ترغب في اشراك اطراف منافسة في التدخل.

والحق انه لم يسبق للامم المتحدة، منذ امينها العام الاول النرويجي تريغف هالفان لي (1946) ان وقفت متفرجة على ما يحدث في العالم من كوارث وانشقاقات وحروب واعتداءات كما هي الان في عهد البرتغالي الطيّب «انتونيو مانويل دي أوليفيرا غوتيريش» الذي لا يتحمل، طبعا، وزر هذا المآل المؤسف للمرجعية الدولية، واغلب الظن، لا يتحمله اي امين عام سابق على تفاوت الجهود والطاقات والمحاولات التي بذلها اولئك الرجال الذين توالوا على هذا المنصب.

واللافت ان حماسة زعماء العالم لاستخدام منبر الامم المتحدة تراجع في غضون السنوات الاخيرة خلاف ما كان قبل انهيار القطبية الثنائية في مطلع التسعينيات، فمثلا، اضطر مندوبو الدول الأعضاء في سبتمبر من عام 1968 الجلوس على مقاعدهم أربع ساعات للاستماع الى خطيب واحد سمح له بالاستطراد كل هذا الوقت وسط ذهول مسؤولي الجلسة الذين لم يستطيعوا التدخل.

أيام غابرة

وكان الخطيب فيدل كاسترو الذي لا يمثل في الواقع بلداً مؤثراً على خارطة العالم وليس له ثقل عسكري أو اقتصادي ذا قيمة استراتيجية، غير انه في عام 1995، وفي الشهر نفسه، لم يسمح لكاسترو الا بسبع دقائق ليلقي خطابا لم يلفت نظر أحد، وتلاشى صوته الجهوري في قاعة خلت مقاعدها من كثير من المندوبين، وكان نفسه غير آسف على ذلك.

والحال، ثمة القليل من المتنبئين يتوقعون ان تنهض الامم المتحدة من سباتها، وكان الامين العام الاسبق كوفي عنان قد اضطر ان يقول  لبعض مندوبي الدول التي تطلب النجدة من منظمة الامم المتحدة قائلا: «لقد مضى ذلك الزمان» وكان بذلك يشير  الى تلك الأيام الغابرة للمنـــــــــــظمة الدولية، حيث كان خروتشوف يطرق بحذائه منصة الخطابة بمواجهة اكثر من مائة وعشرين مندوبا.. من دون عقاب.

مشاركة