مرثية
عبد الوهاب إسماعيل
طيفُ أمّي
خلفَ ذاكَ البابْ ..
كيف مرَّتْ أوَّليّاتُ الليالي ؟..
كيف مَرَّتْ ؟
………..
لم يَعُدْ وهّابْ ..
…………………..
دثَّرَتْ أطفالَهُ خمساً
وعاذَتْ برؤاها ..
قرأتْ أورادَها
والصبرَ،
آلافَ التسابيحِ ،
وقد كلَّتْ خُطاها ..
ليتَها اليومَ تناديني
ويُشجيني نِداها ..
أوتُناجيني…
تأخَّرْتَ
وراح الليلُ يا حبَّابْ ..
………..
قد تأخرتَ كثيراً
لم يعُدْ في هذه العتمةِ
من ظلٍّ يلوحُ ..
……………..
قد تأخّرتَ كثيراً
لم يعُدْ في غربةِ الليلةِ
من ديكٍ يصيحُ ..
……….
………..
قد تأخَّرْتُ
تأخّرْتُ
وطال الليلُّ يا أمّاهُ ،
حتى شابْ ..
. . ……………
…………
شابَ ذاكَ السُكْرُ واللّغوُ
وشابَ الأنسُ
والأحبابْ ..
هَدَأَتْ ضجَّتُهم
واشتَعَلَ العمرُ
وأسرى بالليالي..
ومضى الصبرُ
وأمضانا مظاعينَ
سُكارى
بعذاباتِ عناقيدِ الدوالي..
إنَّها آخرةُ الشوطِ
تدافَعْنا على السوحِ
عبرْنا في تواليها
على ريحِ الغوالي ..
……………………
……………..
غرَّبَتْ أعتابُهم
واستأسَدَ الليلُ
مع الحرّاسِ
والأصحابْ ..
قد طواهم هاجِسُ الحلمِ
وناموا في سلامِ ..
أكلَ الرملُ سراياهم
وغابوا
وتهادى ركبُهم
وَسْطَ الزّحامِ ..
………
كنتِ لايُرضيكِ يا أماهُ
إيغالي بصولاتي
فكُفّي عن خِصامي ..
كنتِ لا يُرضيكِ إيغالي
فكفّي
لم يَعُدْ في غُربةِ الليلةِ
مايُغري سوى النومِ
فنامي ..
رضَعَ الأحفادُ
ماأبقيتِ من ذكرى
وماأمْرَيتِ
من ثدي الظلامِ ..
لم يَعُدْ في غربةِ الليلِ
سوى الظلمةِ والليلِ
سوى العُتْمةِ والحُلْكَةِ
والأغرابْ …
………….
أطرقُ البابَ غريباً …
…………..
أطْرُقُ البابَ
فلا ألقاكِ خلفَ البابْ ..