عبيس يتألق في سماء البارأولمبية
مدرّب متعدد المواهب يؤهّل النجوم إلى منصات التتويج الدولية
بغداد -سلمى الجُميلي
مجال التدريب يحوي الكثيرين, لا سيما رياضة المعوقين.. منهم من اكتسب الخبرة بهذا المجال منذ أن كان لاعبا .. ومنهم من دفعه حب لعبة ما إلى الغوص في أساسياتها وإتقان خطواتها وصبها في وعاء الرياضي لتثقيفه ذهنيا وبدنيا .. كل مدرب نراه اليوم يقود دفة فعالية.. أو ربما اثنان.. لكن ماذا عن شاب يتولى تدريب خمس فعاليات في آن واحد..؟ وفي يوم واحد وبالتعاقب.. خمس فعاليات لا تمت صلة لبعضها من الألعاب الفردية والرقمية وحتى ألفرقيه.. استمد قوة كفاحه من أسطورة مدينته التي تفوح بعبق الجنائن المعلقة.. مثنى حسين عبيس من محافظة بابل مواليد 1972, متزوج وله ثلاث أبناء هم رنا ووسام وزيد.. تخرج من معهد المعلمين سنة 1993…. لم يكتفي بالدبلوم وارتأى إلى أكمال دراسته ليحصل على بكالوريوس التربية الرياضية سنة 2005- 2006, ليصبح معلما جامعيا.
تعدد المواهب
امتهن التدريب في رياضة الأسوياء سنة 1997….قضى فيها ثماني سنوات كمدرب لفريق السلة (درب منتخبات تربية بابل السلوي ومنتخبات محافظة بابل ومنتخب مديرية شباب ورياضة بابل) قبل أن يحط رحاله في ارض البارالمبية لرياضة المعوقين سنة 2004-2005 حيث يشرف على تدريب كل من فرق كرة السلة والسباحة والعاب القوى والمبارزة وكرة الجرس للمكفوفين, صقل موهبته بدخوله للعديد من الدورات التدريبية برياضة المعوقين لتطور إمكانياته وقابليته الفنية ليكون كفأ لمهنة التدريب.
صباح يومه يبتدئ بمدرسة العدنانية الابتدائية للبنين ثم يبدأ بالتمارين بالتسلسل مع فريق العاب القوى وبعدها المبارزة وهكذا بنفس اليوم … يرافقهم بكل حين ليكون لهم المشجع والمدرب بنفس الوقت. فضلا عن قيادته لدفة تدريب المركز التخصصي في بابل لكرة السلة للأسوياء في الوقت الحالي, ما يدل ويؤكد مدى حبه واعتزازه بما يحققه أبطال الرياضة العراقية من انجازات داخل وخارج القطر.
فأي حب يحمله هكذا شخص بداخله؟ اتخذ من الرياضة وسيلة يحقق بها غايته فكان كمدرسة تخرج منها أسماء رفعت اسم مدينته محليا.. فمن منا لم يلحظ كيف إن إعصار لاعبو مدينة الحلة قد اجتاح كافة فعاليات رياضة المعوقين حتى فرضوا أنفسهم بتفوق أدائهم وغرس وتدهم في صفوف الشباب والمتقدمين.. وفي البطولات المحلية أبوا إلا إن يكونوا ضمن المراكز المتقدمة بين أندية بغداد واللجان الفرعية..
تفوق واضح
أبطال مدينة الحلة لم يكتفوا بحجز مقاعد المراكز المتقدمة في البطولات المحلية فحسب، إنما الخارجية أيضا فأغلبهم قد أدرج اسمهم بأجندة المنتخبات الوطنية المتأهلة إلى منافسات المحافل الخارجية, فحين يكون العمل بدافع الحب والإخلاص حتما سيباركه الله وتثمر جهوده.. وهذا ما كان.. فها هم أبناء بابل قد أجتاح اسمهم عالم الرياضة وبـــاتوا ندا قوي ينافس أبطال العالم ، هذا ما أثبتوه حين تأهل منهم لبارالمبياد لندن اللاعبين ولدان نزار لاعب منتخب العاب القوى صاحب الوسام البرونزي بفعالية رمي الرمح وزميله السباح جــــــواد كاظم.. بالإضافة إلى نيل معظمهم للأوسمة العالمية في منافسات الشباب والمتقدمين بعروس الألعاب والسباحة وكرة السلة, بالرغم من إن اللجنة الفرعية في بابل لا تملك ملعبا خاصا بهم, فالعاب القوى والمبارزة يتلقون تدريباتهم في مركز تأهيل المصابين والجرحى, فيما يجري منتخب السلة تدريباته في قاعة حمزة نوري بينما تدريبات لاعبو كرة الهدف للمكـــــفوفين في مركز شــباب (أبي غرق)، وبين هذه المراكز الثلاث يتنقل الكابتن مثنى لإعطاء لاعبيه الجرعات التدريبية لرفع المســـــتوى البدني والحفاظ على مكانتهم بين صفوف اللاعبين.
نحن اليوم نفخر بوجود هكذا ملاك في رياضة المعوقين يصدق بعمله، ويحمل على عاتقه هكذا مسؤولية وسط ظروف تفتقر إلى ابسط حقوق الرياضي، فألف تحية إلى أعضاء اللجنة الفرعية في بابل, وتحية خاصة للكابتن مثنى دعيبس.. فهو حقا يستحق أن نقــــــف له، بل ونصفق له وبحرارة على ما يبذله من جهد، فما أحوجــــــــنا اليوم لهكذا جيل هـــمه فقط.. إعلاء أسم البلد.