في مقال سابق نشر في العدد 4670 وبتاريخ 30-11-2013 في صحيفة الزمان الغراء بعنوان (الاحصاء ضرورة علمية ) تطرقنا الى ضرورة وضع قاعدة بيانات كي يعود لها المسؤولين عن التخطيط والعمران للنهوض بهذ البلد من كبوته والتحاقه بركب الانسانية ومن المخجل والموسف له ان ينحدر هذا البلد صاحب الشعب العظيم الذي امتازت عقول ابناءه بالذكاء والمعرفة والتفوق على نسبة كبرى من العلماء في العالم في كل المجالات كما ان الهبة السماوية لهذه الارض المعطاء بكل ما حبا الله به الطبيعة من تضاريس مختلفة والمناخ الذي تحسدنا عليه الشعوب الاخرى اضافة الى الثروات الهائلة التي في باطن الارض وظاهرها وقد شخص الباحثين سبب التخلف هذه بأستيلاء العناصر الضالة من اصحاب الشهادات الترقيعية او المزورة او الانتهازيين واللصوص والدجالين الذين يمارسون عملية غسل ادمغة السواد العام ببدع واضاليل ما انزل الله بها من سلطان ففي الوقت الذي يهاجمون انظمة الغرب ويتهمونها بالكفر وامتهان الانسان نجد تلك الانظمة قد حرصت على الفرد والعائلة فوفرت السكن لمن لا يملك دار وخصصت رواتب للعاطلين عن العمل وامنت العلاج والتعليم والامن لمواطنيها وحينما يسرق اي مسؤول او يسيء الادب تقوم الدنيا ولا تقعد والامثلة كثيرة على ذلك فعلى سبيل الذكر ان وزيرا بريطانيا وجه كلمة نابية الى احد المنظفين اثناء عمله قامت ضجة كبرى اجبرت الوزير على الاعتذار والاستقاله من منصبه ونعود الى بلادنا فنجد التصفيات الجسدية للعقول النيرة او المضايقة واضطرارها الى ترك البلد لتتلفقهم البلدان الاخرى باعتبارهم هبة من السماء كما التمييز في اشغال المناصب منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة بسبب المذهب او الدين او القومية وبشكل خاص بعد 2003 كي يتسنى للعناصر المتخلفة والفاسدة والمزورة والغير الكفؤة للاستحواذ على ادارة الدولة والاستحواذ على خيرات الشعب لتلك الفئة الانتهازية التي لا تعرف غير مصالحها ولو قدر للكفاءات التي غادرت البلد من عشرات السنين وحتى الان لجعلوا من العراق قمة بين الدول والدليل على ذلك فترة حكم الزعيم المغدور عبد الكريم قاسم
الذي رغم قصر المدة التي ادار فيها دفة الحكم واعتماده على الشخصيات الوطنية الاختصاصية ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب حصلت نقله لازالت معالمها ظاهرة رغم التخريب الذي حصل خلال السنين المنصرمة …
لنعد الى مسألة التخطيط والعمران لنلاحظ الفوضى السائدة وتشابك الصلاحيات والمسؤوليات وعلى قول العراقي (هذا يجر بالطول وهذا يجر بالعرض) فعلى سبيل المثال نجد ان مؤسسة معينة ارادت ان تقوم بمشروع لمد كابل ارضي لغرض ما تقوم بالحفر وتضع الكابل وتترك اثار الحفر والله اعلم كم من الزمن تحتاج عملية الترميم للتخريب الذي حصل وبعد فترة تأتي مؤسسة اخرى في مشروع اخر وتعيد الحفر وكذلك بالنسبة لمجاري المياه القذرة او مياه الامطار او المياه النقية والخام التي تضخ الى المنازل وغيرها وغيرها والكل يعمل بلا تنسيق فيرى المتتبع كم مرة تدفع اجور الحفر وكم مرة تدفع اجور الاصلاح وكم من المواد الانشائية تنفق في التبليط واعادة التأهيل …
من خلال ما تقدم يتطلب انشاء مجلس اعلى للتخطيط والاعمار يضع الخطط الستراتيجية للبناء والاعمار من خلال العقول العراقية او الاستعانة بالخبرة الاجنبية لوضع التصاميم الاساسية لكل مدن العراق من بنى تحتية وعمرانية في المجاري المختلفة والكهرباء والاتصالات والمجمعات السكنية والمتنزهات والملاعب والاسواق والمصانع والمعامل والسدود والحقول والمزارع ومحطات تربية الحيوانات والاستثمار في كل المجالات…
ويتطلب ذلك ان يتكون المجلس من الوزارات الاساسية (التخطيط – الاسكان – البلديات – الاتصالات – النقل – امانة العاصمة – الزراعة – الصناعة – الكهرباء – النفط – الموارد المائية – التربية والتعليم – التعليم العالي – السياحة والاثار – الدفاع – الداخلية) وغيرها من المؤسسات ذات العلاقة بالمشاريع العامة في البناء والتطوير على ان 1- يمثل تلك الجهات خبراء ذوي اختصاص في تلك المؤسسات 2- تتكون ميزانية المجلس من ميزانية جميع تلك الجهات مطروحا منها النفقات الادارية لتلك المؤسسات 3- تنفذ مشاريع الجهات ذات الاعمال المشابهة دفعة واحدة مثل مد كابلات الاتصالات والكهرباء وغيرها وينسحب ذلك على مشاريع المجاري او الماء و كذلك بناء المساكن ومشاريع المجمعات السكنية والمتنزهات والملاعب والنوادي وغيرها 4- تكون من صلاحية المجلس الاستفادة من قانون الاستثمار او البنية التحتية والذي من الممكن الاتفاق مع الشركات المنفذة تسديد مستحقاتها بالنفط الخام بسعر السوق السائد حين الانتهاء من المشروع 5- تشكل لجنة رقابية عليا خاصة لمراقبة العقود والصرف وتنفيذ المشاريع وتأشير النواحي السلبية والخلل الذي ربما يحصل 6- الزام الشركات العالمية المنفذة للمشاريع بتدريب الكوادر العراقية وتشغيل نسبة من الايدي العاملة العراقية من اجل نقل الخبرة الاجنبية 7- يكون التخطيط والتنفيذ حصرا من صلاحية المجلس المذكور.
في الختام نأمل من الاختصاصيين والباحثين تناول هذا الموضوع واغناءه بالحجم الذي يستحقة من البحث والتطوير ومناشدة المسؤولين بالعمل على تحقيق الهدف المنشود على ارض الواقع لاسعاد شعبنا الذي لم يذق طعم السعـــــــادة وهو يطفو على بحر عملاق من الخيرات ومن اجل ان يبقى العراق (العراق) على مدى العصور والازمان.
خالد العاني – القاهرة