تلك الكتب مجلات وإصدارات مع ان مجلة (الكلمة) التي صدرها الباحث والكاتب حميد المطبعي لم تكن ذات امكانات مادية كبيرة او متوسطة وكانت تعتمد على صاحبها المطبعي في ترتيب حروفها وطبعها وتوزيعها الا ان هذه المجلة المتواضعة الامكانات لم تقتصر على الصدور كمجلة فقط، وانما سارت الى جعل نفسها دارا للنشر واصدار روايات ومجموعات قصصية وشعرية تحت اسم منشورات دار الكلمة. ولم تكن الكلمة في هذا التوجه قد ابتدعت شيئا جديدا او ارادت ان تكون الرائدة في هذا المجال وانما اراد ان تكون مجلة ثقافية تجمع بين الصدور وبين الاصدار، بين الصدور كمجلة وبين اصدار كتب من تاليف وترجمة الادباء والباحثين الذين يمتلكون علاقة خاصة بها او من الذين يستطيعون رفدها بما هو جديد ومتميز ومضاف من الابحاث والدراسات، او من الاعمال الابداعية، كما ان مجلة (الكلمة) في هذا التوجه تقتدي بمجلات مصرية ولبنانية وسورية استطاعت ان تواصل الصدور وان تجعل من نفسها دورا للنشر وطبع ونشر ابحاث ودراسات واعمال ابداعية مهمة او متميزة او لاختيار بعض ما ينشر فيها لاصداره في كتاب معين. ويبدو ان نزوع المجلات الى الدار اصدار كتب معينة نزوعا راسخا، فمع ان بعض المجلات تصدر عن مؤسسات رسمية تقوم باصدار لسلسلة من المطبوعات، ومع ان هذه المؤسسات تتيح للمجلات وهيئات تحرير خدمية بها، الا ان هذه المجلات تقوم باصدار كتب، وبعضها يلجأ الى تضمين كل عدد من اعدادها كتابا يسمى كتاب العدد، وقد كانت مجلة (الثقافة الاجنبية) في العراق ومازالت تتضمن كل عدد من اعدادها كتابا تحت اسم كتاب العدد، ويحدث ذلك في الوقت الذي تواصل فيه دار الشؤون الثقافية العامة اصدار كتب مترجمة ضمن اصداراتها، كما تواصل دار المأمون للترجمة والنشر اصدار المترجمات الثقافية والعلمية والسياسية. وقد شهدت بعض المراحل، ولاسيما السبعينيات قيام جميع مجلات دار الشؤون الثقافية العامة: الاقلام، افاق عربية، المورد، الطليعة الادبية، التراث الشعبي، الثقافة الاجنبية باصدار كتب ضمن اختصاص كل مجلة، وحدث ذلك والمجلات تصدر كل شهر، ولا يوجد اي عائق امام صدورها الشهري المستمر، ويذكر المثقفون كتاب (جماليات المكان) الصادر عن مجلة الاعلام، وكتاب عن السيناريو صادر عن مجلة الثقافة الاجنبية، وكتب ترجمة اخرى صدرت عن هذه المجلة. وتحرص مراكز الابحاث والدراسات على اصدار مجلات فمع ان بيت الحكمة يصدر مجلة باسم (الحكمة) وهي مجلته المركزية، الا انه يدفع اقسامه الثمانية الى اصدار مجلات خاصة بها فهناك مجلة الدراسات الفلسفية وتصدر عن قسم الدراسات الفلسفية ومجلة دراسات اجتماعية وتصدر عن قسم الدراسات الاجتماعية ومجلة دراسات تاريخية وتصدر عن قسم الدراسات التاريخية ومجلة دراسات قانونية وتصدر عن قسم الدراسات القانونية ودراسات سياسية وتصدر عن قسم الدراسات السياسية ومجلة دراسات اقتصادية وتصدر عن قسم الدراسات الاقنصادية، وهناك مجلة تصدر عن قسم دراسات الاديان باسم دراسات الاديان ومجلة تصدر قسم دراسات الترجمة باسم دراسات الترجمة، ذلك ان المجلة بالنسبة لهذه الاقسام العلمية ومراكز الابحاث ضرورة اساسية بنفسها وادوارها وتفعيل هذه الادوار، ومن العناصر المهمة لا ستقطاب اوسع عدد من المختصين حولها، والكتابة عن الموضوعات ذات الصلة باختصاصها. والمجلات في اغلبها لكي تتطور وتزداد تاثيرا وفاعلية فانها مطالبة باصدار كتب عنها كان تقوم هذه الكتب على دراسات وابحاث نشرت فيها، او ان تقوم على دراسات وترجمات اعدت وكتبت لها، ولكنها تصلح ان تصدر على شكل كتاب ولذلك فانك عندما تسال هيئات تحرير المجلات عن مشاريعها المستقبلية، وافضل هذه المشاريع ياتيك الجواب بانها مشاريع اصدار كتب. ويحكم على المجلات بالتراجع عندما تطول مدد صدورها ويضمحل دورها في اصدار الكتب، ولذلك فان المجلات العراقية الثقافية هي في وضعها الحالي اقل تطورا وفاعلية لانها انتقلت من الصدور الشهري الى الصدور الفصلي ولانها لم تعد تصدر كتبا او ملاحق او ترجمات معينة. ان المجلات العراقية الثقافية بحاجة الى استعادة دورها في اصدار كتب معينة عنها، وذلك لتعزيز دورها في البحث العلمي الرصين، ودورها في تفعيل الحركة الثقافية والمساهمة في نشر النتاجات المبدعة والمتميزة وفي بروزها كمراكز استقطاب للمثقفين. وكان من الممكن ان تكون مناسبة الاحتفاء بغداد عاصمة للثقافة العربية مناسبة لاحياء مثل هذا التقليد الثقافي ولكن ذلك لم يحدث اذ جاءت المناسبة وانتهت وصدرت الكثير من الكتب ولم تكن للمجلات اي مساهمة فيها. ومازالت الفرصة قائمة لمثل هذا التقليد على ان تكون الكتب الصادرة عن المجلات ذات دور فاعل ومؤثر في مسيرتها، وان تحمل الاضافة والتجديد لهذه المسيرة، وان تكون مستمرة وذات مواعيد دقيقة، وبعيدة عن التسرع والارتجال والعلاقات الشخصية، وان تكون مختلفة عن اصدارات المؤسسات المصدرة للمجلات نفسها. رزاق ابراهيم حسن