مبادرة كيمياوية لا مبادرة سياسية
فاتح عبدالسلام
الآن، هناك شيء جديد في ميدان الأزمة السورية.. هناك مبادرة كيمياوية وليست سياسية، مدعومة من موسكو ويعرضها الرئيس بشار الأسد في إطار الجهود لتفادي الضربة الأمريكية.
لا يستطيع أي مراقب أن يتجاهل ذلك الخيط الرابط بين تصريح وزير الخارجية الأمريكية جون كيري حول إمكانية تجنب الضربة فيما لو تخلى الأسد عن الكيمياوي خلال أسبوع وبين إعلان دمشق قبولها فوراً المقترح الروسي بتدمير المخزون الكيمياوي السوري بعد تسليمه إلى المجتمع الدولي. وربط ذلك كله مرتبط بالساعات الأربع والعشرين على موعد خطاب الرئيس باراك أوباما للأمة الأمريكية حول مبررات الرد على السلاح الكيمياوي بالتزامن مع بدء الكونغرس في النقاشات الخاصة بالتصويت على قرار يبيح الضربة. لكنه مجرد خيط وليس نظرية مؤامرة.
هل انتهت أزمة الحكم في سوريا مع أمريكا والغرب بالتخلي عن السلاح الكيمياوي؟ وهل تحقق إشباع لرضا إسرائيل في خلاصها الموعود من آخر سلاح كيمياوي قريب منها؟ بلا شك أن قرار الأسد تدمير سلاح ردعه لإسرائيل جاء في وقت تعاظمت فيه الأدلة على استخدام قواته سلاح الدمار الشامل ضد المدنيين، وموسكو التي نصحته بهذه المبادرة تعرف الحقائق قبل غيرها.
الضجة حول الكيمياوي في العالم، كانت مرتبطة بالعقاب الذي تراه واشنطن على استخدام السلاح في سوريا، وليست الضجة كانت لتقوم أصلاً حول موضوع آخر وهو نزع السلاح الكيمياوي من سوريا الذي قال نظامها إنه لا يملكه أصلاً، وتبين حسب مستشارة الأمن القومي الأمريكي إنه أكبر مخزون في العالم حالياً.
مَنْ الذي جرَّ الآخر إلى مكان الخداع، روسيا التي تصيدت كيري من كلامه فنصبت له فخاً لاحراج رئيسه وإفراغ مبررات الضربة، أم أن الولايات المتحدة ذهبت إلى هذا التصعيد الكبير لتحصل من دون إطلاق طلقة واحدة على نتيجة لا تحصل عليها سوى الدول المنتصرة من الدول المهزومة في الحروب الكبرى عادة؟
الاحتمالان قائمان، والوقت يسير سريعاً، وقتلى الكيمياوي أكثر من ألف وأربعمائة شخص، ليسوا أشباحاً ولا حجارة، كانوا بشراً معظمهم أطفال لهم أحلام وكلمات في الحياة لم يتح لهم غاز السارين الإرهابي أن يقولوها.
ما مصير العقاب الآن..؟ وليس ما مصير السلاح الكيمياوي..؟ هذا هو الإحراج الذي سيواجه الرئيس أوباما على نحو مباشر. إنها مبادرة كيمياوية قد يجري التوافق على تنفيذها لكن المبادرة السياسية لا وجود لها حتى الآن.
FASL