فاتح عبدالسلام
ثلاث جرائم شنيعة في خلال أيام قليلة تقع في الأوساط الجامعية في مصر والأردن والعراق، في مؤشر واضح لظاهرة بدأت تأخذ حيزها الكبير، وتحولت الى قضايا رأي عام شديدة الضغط والتأثير.
المحكمة المصرية كانت الأسرع في اصدار عقوبة الإعدام، فيما كانت الجريمة التي وقعت في أربيل الأكثر تفاعلاً وأثراً لأسباب منها كونها كانت ذات طبيعة هجومية مزدوجة، جرى فيها مهاجمة منزل سيدة أستاذة جامعية واقتحامه وقتل زوجها بدلاً عنها كونها لم تكن موجودة في ساعتها، ومن ثمّ التوجه نحو الحرم الجامعي لأعرق جامعات الإقليم الكردي وقتل عميد كلية هناك.
بعيداً عن تفاصيل الجرائم أو الأسماء والبلدان ونوع العقوبات، فإنّ الأوساط الشبابية ومنها الجامعية، تحتاج الى عناية فائقة من الحكومات لمواجهة التغذية العنيفة التي يتلقاها الشباب عبر مواقع سوشيال ميديا وشبكة الانترنت والدراما العربية التي أفرطت في عرض مشاهد القتل والدماء لاسيما تلك المسلسلات الخاصة التي تبثها منصات العرض ذات الدفع المسبق وغير الخاضعة لأية رقابة.
الجامعات وعاء كبير، وأول ساحة على مدرجة الحياة العملية بعد المدارس، تواجه فيها الفتيات والفتيان الواقع المعاش والصعب، سعياً وراء طموحات تحقيق الذوات. وهذه مرحلة خطيرة، لا توليها أهمية لائقة، الجامعات التي تنخرها الفوارق الاجتماعية وأمراض الطبقات الغنية والفقيرة معاً، أمام عناية محدودة وشبه معدومة من الهيئات والإدارات التعليمية للجامعات التي باتت تولي العناية لإنهاء المقررات الدراسية وتحصيل الأجور المالية للاشتراكات والاقساط، ليس اكثر .
هذا حيز اجتماعي يسبق الانفتاح على الحياة من أوسع أبوابها، ولابدّ من التدخل أحياناً عبر برامجيات اجتماعية من مختصين يوفرون التوسع في الأنشطة الجامعية الهادفة لاستيعاب طاقات الشباب في الرياضة والفن والثقافة والهوايات المختلفة وجلاء المواهب من اجل عدم ترك المجال لتسلل كثير من الآفات. كما انّ ادارات الكليات والهيئات التدريسية بها حاجة مستمرة للتوجيه من الجهات المسؤولة في ضرورة التعاطي الإيجابي مع القوانين والتعليمات، والتذكير بأنَّ المسؤولية التعليمية في الجامعات ليس منفصلة عن المجتمع ومشاكله المحيطة بالطلبة قبل الدخول الى الدوام كل يوم.
اعرف ان الجامعة ليست مكانا لحل المشكلات الاجتماعية، لكن من واجباتها أن تحمي أوساطها من تسلل تلك المشكلات او التخفيف من حدة أثرها في الحرم الجامعي.
حتى المؤتمرات المعنية بالجانب الاجتماعي والنفسي للطلبة باتت قليلة، وأحياناً غائبة في كثير من الجامعات، كما انّ مقررات الندوات في حال انعقادها والتعب على انضاجها تذهب أدراج الرياح لدى مكاتب رؤساء الجامعات ووزراء التعليم العالي.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية