ما جناه الأمس – نصوص – كريم جبار الناصري
يلزمني الصمت عن البوح بقضية كانت سببا في فناء إنسان ،دونت ما عرفته ،رايته وسمعته عنه لكون المرأة التي احتضنته فيما بعد كانت تسكن محلتنا تبنته أبنا لها. بعد وفاة زوجها لحقته بفترة قريبة بعد ان صارعت المرض . افتقد الحنان والرعاية لفقدانها ، هب يبحث عن حقيقة ضائعة بعد وشوشة دارت بين أناس كان يعرفهم – أهل وأقارب – ، خرج في الطرقات متمتما..
– غياهب الوهن تحجب رؤيا الأشياء في دروبي . أعيش توهان النفس، تمزقني صدى المفردات، ليس اهلك؟. أبن من أنت ؟ صراخي لا ينفع ، الإعصار الذي حل بي يزيل كياني ويقتلعني من الجذور .ولكن حين أبصر الأزهار تورق روحي وتحن إلى ماض لا أعرف عوالم طفولته لأني…
احتضنته تلك المرأة بعد إن تركته أمه رضيعا في المشفى . ولأن الرجل الذي زرعه في رحمها غادرها ولم يعترف بأبوته . يقف الصبي أمام مرأى بصري صارخا ..
– كيف أعرف تفسير هذا السر ؟ أ ينفع البكاء؟، الصراخ بوجه السماء ؟ لأني لم أجد ذاتي التي أريدها. أهو العالم الخفي الذي منحوني إياه ؟أم قذارة أشيائهم ؟ تائه أنا في الكون . لم أثبت وجودي . فقط ألمس حنان الأصوات التي مرت على مسامعي . أصوات أكرهها، امقتها، اقتلها في داخلي فأنها قتلتني مبكرا أني أكرهها.. فنصفي صورة من نطفة سليلة صلب هارب ورحم … ونصفي الاخرصورة من حنايا قلب قاس و صدر رحيم وما بينهما تيه كبير، نسف لذاتي أنا الإنسان ، الطين ، الروح ،الكائن الحي ، الحلم لذي لم يتحقق …
ذهب يطرق الأبواب للبحث عن أصوله بعد إن نطقت شفاه احدهم بمسامعه ،غيضا بالعائلة المتبنية له..
– اذهب أنهم ليس بأهلك أم والدتك في ذلك المكان..
وصل مقصده لم يجد جوابا شافيا .رفضت العجوز استقباله، نهرته..
– أرجع حيث ما كنت، لا نعرفك – همست لنفسها – أتريد جلب الفضيحة..
.وأوصدت الباب بوجهه. تاه في عوالم الصمت والغفلة التي عاشها صرخ ببابها ..
– من أكون أنا ؟ لم جعلتموني أنسا منسيا .أهو الكون لكم ؟ أم لله الذي خلقكم وخلقني…
يدور في دائرة مغلقة .. تطوق ذهنه، تتسع العتمة بفضائه ،يقلب صور ذاكرته، طفولة دون مضغة أولى ،في الصبا أصوات غريبة تئن برأسه .. تبعثرت أفكاره . يجود ،يغني ،يضحك ،يبكي، يهمس ،يصرخ ،يمزق أثوابه ويجري عاريا .. يصيح
أمنحوني فرصة لأكمل نفسي أو أحرقها. همسات أربكتني . تعلقني شاة للقربان .تفرض سكين القصاب إرادتها علي ،أرفضها. من يعرف مكنوني. لا احد يجيبني.. لم ينطق احد. التزم البعض الصمت ،وأخذت البعض الشفقة والعطف ..تداولت أصوات السباب على الجناة الذين شتتا هذه النفس التي أراها. نفس مستها عفاريت الجن يخرجها للعلن ..
– ضعوا بصمتكم على جبيني . أنا المتاح لكم وكما كونني ألهكم ..أخدمكم ،أعرفكم أهلي، بيتي ،ضعوها أيها الغافلون ،العارفون ،ارحموني قبل أن أرحمكم .. أني انطق ذاتي واعرفها أفضل منكم ..الإنسان المخلوق من نطفة في رحم.. وهما غريبان عني الان ،اقترفا جرمهما وهربا، جعلاني مخلوقاً ارجم كل مكونات لفتني، أرضعتني، جمعتني بهم رحمة.. لالالا الوأد ..لالالالا الكفر.. لالالالا الكذب .كلها سيان عندي ، حطب ونار، صارت جمرة تلسعني وجعلتني أخيرا دخان يتناثر هباءا. وقدرت لي تلك النطفة المبوؤة أن أكون بلا عنوان ، بلا ذات .. أريــد أن أكون كما أنتم ..كما أنتم ..
يبقى يلفظ بأسى كلماته الأخيرة دون انقطاع أينما حل وهو يجري في الطرقات يبحث عن زاوية تلفه . أترجم كلماته بداخلي، تشدني مغناطيسيتها أليه كطرف، اتفق بان اصرخ معه بوجه الكون . اكتم غيضي بجرعات شراب الحزن والنسيان .وانهمار أمطار سماء عيني . اكتب جملتي الأخيرة من مثل بابلي تذكرته “أنني شخصا من أولئك الذين قبل أن يتحدد مصيرهم قدر لي أن أكون ضالا “..
















