ما العمل .. رؤية إقتصادية ؟ – خليل ابراهيم العبيدي

ما العمل .. رؤية إقتصادية ؟ – خليل ابراهيم العبيدي

العمل ؛ هو المجهود الارادي الذي يبذله الإنسان لإشباع حاجاته ، أنه يعني خلق الانتفاع بالموارد الطبيعية بعد بذل ذلك الجهد للتعامل معها زراعيا وصناعيا ، والعمل وفق علم الاقتصاد هو اساس القيمة ، من هذا المنطلق بدأ الإنسان منذ أن تواجد على هذه الأرض يصارع الطبيعة لتأمين الحماية وخلق الحاجة ، أردنا بهذه المقدمة أن يدرك الانسان العراقي من أن العمل جوهر الحياة وأنه صانع المعجزات ، ولقد كان العمل منذ تأسيس الدولة عام 1921 ينال الأهمية المطلوبة على وفق قاعدة التطور التدريجي للقوى المنتجة ، وبرغم كل المعطيات القديمة فقد تم تشريع قانون للعمل في العهد الملكي يمنح العامل بموجبه هوية عمل وينظم له دفتر للضمان الاجتماعي . وقد صدر قانون العمل رقم 1 لسنة 1958 ، وجاء من بعده قانون العمل رقم 151 لسنة 1970 ، وتلاه قانون العمل رقم 71 لسنة 1987 ، وبعد السقوط تم تشريع قانون العمل رقم 37 لسنة 2015، هذه القوانين جاءت لتنظيم العمل وتضمن حقوق أطرافه ، والمراد منها التركيز على أهمية العمل في بناء الأمم ، غير أن ما حملته لنا الايام منذ العام 2003 ، ما يشير تماما إلى عكس ذلك ، فلقد توجه النظام الجديد نحو خزانة الدولة لاستحلاب ما فيها وما يردها تباعا لصالح رجاله على وفق قاعدة مكافأة المجاهدين ، وعلى وفق قاعدة تعويض خسارة المناضلين ، وجرت العملية بشكل غير منضبط مما جعل الكثير جدا من الناس يحصلون على التعويضات خارج المستحق المفترض ، مما أدى إلى تراكم الثروة بيد القلة وساعد على الاسترخاء والكسل ، وبطبيعة الحال توقف عجلة العمل ، يضاف إلى ما تقدم الإيقاف المتعمد لأكثر من 300 شركة عملاقة تعود للقطاع العام وقطاع التصنيع العسكري والتي كانت تدر مليارات الدولارات على خزينة الدولة اضافة إلى تقديمها السلع والخدمات العامة، وتم بالمقابل ايضا اتباع سياسة الباب المفتوح في مسألة الاستيراد المفتوح على دول الجوار ومناشئ العالم الاخرى دون قيود أو ضوابط تتعلق بقدرة الاستيعاب أو مطابقة المواصفات أو حتى التمسك باسط قواعد التجارة القاتمة على استيراد الأساسيات والكماليات المعقولة وترك السلع شبه الكمالية أو سلع الترف أو سلع العبث السلوكي ،

جيوش البطالة

إن فتح الاستيراد اخل بموازين العمل وترك جيوشا من البطالة ، وتسبب في تصاعد مناسيب الفقر ، مضافا إليها تراجع إنتاجية الورش اليدوية ومانيوفكتورات الصناعات التقليدية ، وتحولت بذلك مصانع جميلة العملاقة إلى مخازن للسلع المستوردة ، وتحول فنيوا تلك المصانع إلى عتالين للانتاج الأجنبي ، فأي اختلال اقتصادي يراد بهذا البلد. ؟

إن جهالة رؤوساء الكابينات الحكومية المتعاقبة بالاقتصاد ، وضألة عقول السياسيين بلا استثناء ، وتبعيتهم للأجنبي ومصالحه اسقط من كل الاعتبارات أهمية العمل في حياة العراقيين ، وأهمية الإنتاج في خلق فرص العمل والرفاه الاجتماعي ، وتحولت بخسة متناهية المصانع العراقية إلى مولات ، وتحولت عادات استهلاكنا إلى استهلاك المظاهر ، وتركنا العمل المثابر  ، وكان أيادي تريدنا شعبا كسولا خاملا تتعمد فيه الحكومات دون اسباب معقولة افتعال العطل ، وزيادة فرص الكسل ، والمتابع لكل نوايا الحكومات المتعاقبة يراها نوايا تشجع إيقاف العمل الحكومي تارة عن طريق تشجيع الإجازات طويلة الأمد وتارة تغض النظر عن البطالة فوق المقنعة وأخيرا استبشرت الحكومات خيرا بجائحة كورونا وغيرها من الأسباب لتقلل نسب العمل اليومي في الدوائر والمصانع وبنسب لا تتناسب وحجم الاخطار ، والغريب أن كل الوزراء دون استثناء يتعمدون إيقاف العمل ودوران عجلة الإنتاج الزراعي والصناعي والإنتاج الحربي ، ولأسباب معروفة والأغرب أن يتم ذلك دون خجل أو خشية من عذاب الضمير ، وأخيرا يصرح وزير المالبة علي علاوي ، أن الدولة ستسرح موظفيها إذا بقي الاقتصاد يعتمد على النفط ،  وهنا ينطبق عليك المثل العراقي القائل (أحسن مدكلهة كش اكسر رجلها) كان الأجدر بك قبل هذا التصريح المثبط للعزائم أن تمنح الأموال المطلوبة من فائض مبيعات النفط الأخيرة لإصلاح معامل الدولة ودفعها للانتاج وإلزام العامل بالدوام ثمان ساعات عمل لتجاوز أزمة البلد الاقتصادية ، لا أن ترفع سعر الدولار بنسبة 23 بالمئة ليزداد الفقر وتقليل فرص العمل ، وأخيرا نسأل السييد رئيس الوزراء ، لماذا عطلتم الدوام ليوم الاحد الموافق 26 من كانون الاول ؟واخيرا ايضا نسأل المحافظين لماذا الاسراف بمنح العطل وإيقاف عجلة العمل ، فوك الحمل اعلاوة ، ما دمتم في الحكم سيظل العراق سابحا بين قلة العمل وكثرة العطل ، والأمر كله لله عزوجل…..

مشاركة