مؤسسات الدولة والروتين
موظفون يحصلون على شهادات لا يعترف بها
معاناة الموظف في دوائر الدولة كثيرة وهمومه أكثر وتراه يروح و يجيء في دوام روتيني طويل و ممل لا يستطيع أن يواكب التطور رغم أنه يرى بعينه أين وصلت دول العالم في مجال العلم والتقنية فالعلم في كل عصر وفي أي مجتمع هو خلاصة معنى وجوهر وثمرة جهود نشاط الإنسان المعرفي والعلمي والعملي والمبدئي والاجتماعي والنفسي وفي كل جزيئات الحياة ويقيناً انه لو كان التأريخ سمع أصوات العلماء لكان طريق البشرية حتى اليوم اقل دماء وأسرع نضجا وأوسع معرفه وأكثر تحسباً للإنسان وظروفه . وحكاية الدراسة والتعلم والرقي بالشهادة في عراقنا الجديد حكاية حزينة وطويلة .
فالكثير من العراقيين أخذتهم هموم الحياة ومشاغلها وابتعدوا كل البعد عن الدراسة والاستسقاء من العلم والمعرفة وذهبوا ركضاً وراء لقمة العيش وكيف يحسنون دخلهم ليسدوا متطلبات الأسرة والحياة التي تزداد صعوبة وتعقيداً . ولا يغيب عن الكثير ما عانينا من ظروف قاسية ومريرة حالت دون وجهتنا الوجهة الصحيحة في البناء والتعلم والتقدم إلى أمام .إلا إننا مع كل هذه السحب التي تتجمع فوق سماءنا نرى نور الشمس ينفذ من خلالها باعثاً ضوءاً وإشعاعا يجعل المرور إلى المستقبل أكثر وضوحاً وهذا الوضوح لشريحة أخرى في مجتمعنا بات النبراس الذي يدلهم لطريق الرقي والتحصين والثقافة والإلمام بغذاء العقل والروح والتسلح بالعلم تراهم يتدافعون في طوابير عند الجامعات والكليات ليكونوا في صفوف طلاب العلم وطلب الشهادات العليا هؤلاء المجاميع الذين يتكبدون عناء المشقة ذهاباً وإيابا بكل ما تحمل من مخاطر ودفع أجور الكليات الذي يثقل كاهلهم يقتطعونه من قوتهم وقوت عيالهم لا لشيء فقط لأنهم يؤمنون كل الأيمان إن الحياة المقبلة والانفجار ألمعلوماتي والثقافي والعلمي الذي نعيشه لابد أن يستعدوا له في بناء إنسان الغد الذي يستطيع إن يواكب المرحلة المستقبلية الجديدة وبالتالي يؤثرون في اُسرهم التي سيرقون بها والتي هي النواة الأولى لبناء مجتمع صحي سليم ويؤثرون في دوائر عملهم الذي سيبدعون فيه وينتجون ويتمايزون ويبنون أساس لبناء دوله قادرة إن تجابه تيارات عنيفة من التقنيات العلمية والكفاءات المبدعة المعطاءة.
من هنا كان إحساسنا بهؤلاء كونهم مجموعة خطت لنفسها نهجاً صحيحاً لابد إن يلاقي كل الرعاية والاهتمام من دولته وحكومته ووطنه من اجل رؤيا للغد مبشرة بالخير والسلام والحب ومن هؤلاء مجموعه تعمل في مديرية تربية بغداد الكرخ الأولى اقتربنا منهم لنسمع ألامهم وما واجهوا من الصعوبات إلى إن حصلوا على اختصاصات يعلو بها الجبين وتقر بها العين .
هموم الوظيفة
وهذه واحدة من الكثير من مشاكل الموظف التي يتألم منها ويشعر أن حكومته بعيدة كل البعد عن همومه ووجعه فهو في واد وهي في واد آخر فالست (أحلام سرحان خضير) واحدة منهم تشغل درجة معاون مدير حسابات في المديرية وهي أرملة توفي زوجها تاركاً لها طفلين قاست في تربيتهم وتعليمهم الأمرين في الحياة التي تسحق برحاها الأخضر واليابس ومع هذا استطاعت إن تأخذ الشهادة الجامعية من الكلية التربوية المفتوحة واختصت بمادة الرياضيات ظناً منها إن هذا الاختصاص سيرقى بعملها و وظيفتها وبالتالي بإمكانها إن تبدع و تخلق وتتمايز من خلاله إلا إنها تفاجأت أن الشهادة لم تحتسب لها وقالت بهذا الصدد آنا لي خدمة في هذه الدائرة تبلغ تسعة عشر عاماً وفي سنة (2004- 2005) أعلن من وزارة التربية للراغبين في الدراسة فكنا أول وجبة من موظفي التربية ممن استلموا الاستمارات الخاصة بالتقديم لهذه الكلية من قسم الإشراف حينها …وخطونا الخطوة الأولى وكنا متلهفين وفرحين رغم كل الضغوط والصعوبات وكنا مصممين على الوصول وكان لنا ما أردنا.. وحصلنا على شهادة البكالوريوس سنة (2007 – 2008 ) وشعرنا بالاعتداد والثقة بالنفس ولكن سرعان ما انهار هذا الهرم الذي بنيناه حين علمنا إن شهادتنا لا تحتسب ولن يعادلوها لنا والعذر إننا لم نمارس اختصاصنا في حين أن القسم الذي تخصصت به لم يكن بعيداً عن الحسابات والأرقام .. ولو ذهبنا نمارس اختصاصاتنا مثلما يريدون من سيعمل في المديرية هل ستكتفي بالموظف حامل شهادة الإعدادية أو المتوسطة أو الابتدائية ؟!! وتسأل هل هذا هو تقدير وزارتنا للشهادات العليا والكفاءات ؟!! إما الست (عفراء جبوري صالح) وهي تشغل درجة معاون مدير ولها خدمة تبلغ عشرين عاماً في المديرية وهي أيضا خريجة الكلية التربوية المفتوحة لعام (2006- 2007) قسم التأريخ تقول أن هذا الموضوع يعصر قلبي ويبعث المرارة في النفس ويؤلمني الحديث فيه لأني أصبت بخيبة أمل بعد كل التعب والعناء في الدراسة وبالتالي الشهادة ركنت على الرف العالي لا فائدة منها.. ومثلها الأستاذ (فريق عطية حسن) ويشغل درجة مدير قسم الموارد البشرية وخريج نفس الكلية قسم التأريخ وله خدمة ست وثلاثين عاماً قضاها بين جدران مديرية التربية ويقول لو تحتسب لي الشهادة لكنت في الدرجة الأولى إلا إنني أراوح بالدرجة الرابعة فهل هذا يرضي أحدا وهل هذا التكريم الذي تمنحه وزارتنا لنا بعد هذا العمر وهذه الخدمة الطويلة ..
مرارة الحياة
والست (جنان حريجه سلمان) والتي تشغل درجة ملاحظ ولها خدمة تبلغ ثماني سنوات خريجة قسم الرياضيات من كلية التربية الجامعة المستنصرية تقول صرنا نضرب الراح بالراح ونتجرع المرّ مثل حياتنا المُرّة التي تعودنا على مضض إن نتقبلها ونتجرعها فالظلم بات معششاً على كل أشيائنا حتى التي تصورنا أنها جميلة وأضافت أنتم كأعلام أوصلوا صوتنا وألمنا مع الكثير ممن مثلنا لعل وزارتنا تلطف بحالنا وتجعلنا نرفع روؤسنا بشهادتنا ولسنا كالمثل السائر الذي يقول (كأنك يا زيد ما غزيت) ..إما السيد (فؤاد جواد محمد) وهو شاب في مقتبل العمر وله خدمة تبلغ ثماني سنوات ويشغل درجة ملاحظ في قسم الملاك وخريج كلية التربية الجامعة المستنصرية قسم اللغة العربية يقول وهل اختصاصي الذي يحتاجه كل قسم في الدائرة لا يحتسب لي؟! إلا إني لست كغيري فأنا لا استطيع التحمل أكثر فلي عائلة وتريد مني الكثير فأنا سأنقل خدماتي إلى التدريس لكي يعادلوا لي الشهادة وتحتسب لي فالمئات مثلي يقف في مكانه ينتظر لعل القوانين تتغير… فالكفاءات والشهادات العليا في بلدي حالها حال الكثير من مرافق الحياة مهمشة ولا تستطيع أن تأخذ دورها الريادي في البناء والتعمير والتقدم فهم بهذه الإجراءات والقوانين يريدون إن يراوح الموظف في مكانه لا يستطيع إن يطور نفسه أو يكون له طموح أو هدف يستطيع إن يكون من خلاله , وهل حامل الشهادة الابتدائية أو المتوسطة أو الإعدادية هذا الإنسان البسيط بالمعلومة يستطيع إن يُسير أمور مديرية ضخمة وكبيرة كمديريتنا ؟ !…وهذه (سلمى خير الله حسن) الموظفه بعنوان معاون ملاحظ في قسم التعليم العام تقول أن الوزارة بعثت بكتابها المرقم (106 بتاريخ 2012/12/27 ) أعتذاراً عن عدم منحي مخصصات الشهادة كون الكلية التربوية المفتوحة أسست للمعلمين فقط حسب قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (169 لسنة 1998) وتضيف بأنهم لم يبلغوها حين تقدمت للدراسة في الكلية انها بالتالي لا تمنحها المخصصات لكي نحيد بوجهتنا الى غير كلية أن كانت الحجة هي الكلية ؟ ! والاستاذ (مهند خالد محمد ) موظف في قسم محو الأمية في نفس المديرية وهو خريج معهد صحافة وأعلام/6 أكتوبر/القاهرة لم تحتسب شهادته وصدر أمره الوزاري بالتعين بشهادة السادس الأعدادي فيقول عانيت الكثير بالذهاب والمجيء والمتابعة في هيئة التعليم التقني في وزارة التعليم العالي لم يوضحوا لي شيئا عن السبب بعدم معادلتهم شهادتي علماً أن التصديقات من القنصلية والخارجية العراقية كاملة وذهبت مراراً لأقابل اللجنة المزعومة حسب قولهم انها تجلس لمعاينة مثل هذه الحالات مرة واحدة كل شهر وانا طوال أربعة أشهر لم اقابل هذه اللجنة رغم زياراتي المتكررة على الأقل لنعرف سبب عدم الرفض وعدم معادله شهاداتنا . . وهذه الست (هيام حمد حبيب ) تعلق قائلة حالي مثل زملائي لا يختلف ولا نعلم متى تلتفت إلينا حكومتنا وتشعر بنا وتسعفنا .. والكثير الكثير من مثل حالاتهم تتكرر . . .
يا حكومتنا الكريمة إلا يوجد فارس فيك يصنع هذه الثورة وهذا التغيير الذي ينتفض بهذا الدستور الذي لا يحمل بين طياته إلا الكثير من الخذلان والظلم والجور على شرائح شعبة المسكين نحن حالنا حال صرخة المظلوم في (كليلة ودمنة) حيث الخوف والجور والظلم من الحاكم الظالم جعل الكتبة والروائيين يقصون ألامهم ويستصرخون على السنة الحيوانات إما اليوم فوجوهنا مكشوفة وشخوصنا مكشوفة وتصرخ و تصرخ فهل من مجيب لنصرة المظلوم.
حذام اسماعيل العبادي – بغداد
AZPPPL