مأساة المنطقة ـ سعد عباس
يتحدث تاريخ الصراعات والحروب في قرون ماضية عن استشراء وباء الشوفينية في أوربا، يوم كانت كراهية الشعوب لبعضها وسيلة لتحقيق أباطرة وملوك غاياتهم في الهيمنة والتوسع والاستبداد، بل وغدت هدفاً لديكتاتور مثل هتلر سجّل رقماً قياسياً في الشوفينية وفي احتقار شعوب وأمم، في آن معاً.
وبعد أن خُيّل لكثيرين أن العالم تخلص والى الأبد من هذا الوباء الخطير، بحكم التطور النوعي في منظومة القيم الإنسانية ومفاهيم الحرية ولوائح حقوق الإنسان وتجريم كل ما له صلة بالشوفينية والعنصرية والمفاهيم الاستعمارية، ظلت منطقة الشرق الأوسط وساحات ملتهبة أخرى في آسيا وافريقيا أسيرة هذا الوباء، إنْ في نظرة العالم الحرّ لها، أو في ارتهان شرائح واسعة فيها الى العلل ذاتها التي تحررت منها أوربا الحديثة بعد الحرب العالمية الثانية.
لذا، يمتلك أبناء الشرق الأوسط الحق في تحميل الدول الغربية القسط الأكبر من المسؤولية عمّا يعانونه جراء الاحتلال الإسرائيلي، لكنهم لا يمتلكون الحقّ في تحميلها أي قسط من المسؤولية جراء الحروب الباردة أو الساخنة بين أغنياء العرب وفقرائهم أو علمانييهم وإسلامييهم أو مسلميهم ومسيحييهم أو شيعتهم وسنّتهم أوعربهم وكردهم أو أي أقليات أخرى ، أو بين العرب والإيرانيين والأتراك.
ولذا، أيضاً، لا يحقّ لأبناء المنطقة أن يلوموا إلا أنفسهم وهم ينقادون برعونة الى مستنقع الكراهية فيما بينهم، وهو مستنقع لا يفقد الخائضون فيه القدرة على هزم خصومهم، فحسب، بل يفقدون أيضاً القدرة على توجيه الراهن وصياغة المستقبل.
أن تصبح إيران عدوّاً لفريق من العرب وتركياً عدوّاً لفريق آخر من العرب، مأساة ما بعدها مأساة لشعوب المنطقة كلها تتفاقم كل يوم في غياب العقلية الفاعلة في إيران وتركيا والبلاد العربية مقابل الحضور المهيمن للعقلية المنفعلة المرتهنة لهواجس خطر طائفي يعميها عن التكافل ضد أخطار أكبر تتهددها.
سؤال بريء
ــ ما أبلغ من تطرّفي أصدق توكيد على مجانبتي للحقّ ؟
جواب جريء
ــ يهتدي طالب الحقّ الى حلول في أغلب الأحيان، ولا يتحصلّ طالب الحلّ على حقّه إلا نادراً .
AZP02
SAAB