ليست أهلا للثقة
ان وسائل الإعلام إذا ما تحققت لها الحرية الكاملة فإنها سوف تصبح سلطة رابعة حقيقية تعمل على التكامل بين السلطات الاخرى التنفيذية والتشريعية والقضائية فالإعلام في الديمقراطيات العريقة يتكامل مع السلطات الثلاثة الأخرى من اجل أن تكون كل السلطات مسخرة في خدمة الصالح العام أما في الأنظمة غير الديمقراطية فان الإعلام يكون مسخرا في خدمة النظام السياسي الحاكم .
لذا نستطيع القول لا يمكن أن تكون هنالك ديمقراطية حقيقية بدون ديمقراطية الإعلام وبمعنى آخر أن ديمقراطية الإعلام هي التي تحقق ديمقراطية المجتمع إلا إننا نرى أن هنالك الكثير من العراقيل التي توضع أمام حرية الإعلام والتي تترك آثارا سلبية أمام مسيرة الديمقراطية الجديدة إن الإعلام الحقيقي بدا بعد سقوط النظام الدكتاتوري عام 2003 ولم يكن قبل هذا التاريخ إعلام بالمعنى الصحيح بل كان إعلاما مزيفا لا يهدف لخدمة المجتمع وإنما قدم كل ما يملك من دعم لخدمة الدكتاتور ونظامه الفاشي.
فالإعلام اليوم يجب أن يعمل على ترسيخ الوحدة الوطنية والأمان والتثقيف لنبذ الطائفية ومحاربة الفساد المالي والإداري والعمل على افشاء ثقافة الرأي والرأي الأخرفلم تكن مهمة الإعلام نقل الخبر بدقة وحيادية او البحث عن الحقيقة فحسب بل تعدى ذلك إلى مهام أخرى منها تأصيل الشعور بالانتماء الوطني وتحقيق اكبر قدر من المعرفة والقضاء على الخوف الذي تجذر في نفس العراقيين بسبب السياسات الدكتاتورية ونبذ العنف ومحاربة الطائفية وفضح الفاسدين ومن المهمات الرئيسة للإعلام في عهد الديمقراطية الدفاع عن حقوق الإنسان ومساندة كل من يتعرض للاضطهاد والعمل على مساندة الحرية وإسماع صوت المظلومين والمهمشين من أبناء شعبنا العزيز .
فالحرية هي القيمة الأساسية في المجتمعات الديمقراطية المتقدمة لاسيما حرية الصحافة وان عدم تحقيق هذه الحرية او الوقوف عائقا أمام تحقيقها سيؤدي الى تهديدها وبزوغ شكل جديد من أشكال الاستبداد وهذا يذكرنا بمقولة روسو الشهيرة (لا توجد إطلاقا ديمقراطية حقيقية) .
فالديمقراطية تتمفصل في أربعة أقطاب هي السلطة التشريعية والسلطة القضائية والسلطة التنفيذية والسلطة الرابعة وبما ان الأخيرة لم يشرع لها قانون إلى الآن فلا يمكن وصفها سلطة إطلاقامن هنا يكون مبدأ التكامل بين السلطات معطل بسبب غياب السلطة الرابعة إلا أن هذه السلطة إذا ما تضامنت مع الرأي العام فسوف تتحول الى سلطة أولى عندما تستطيع ان توقف قرار او تلغي قرار لإحدى السلطات الثلاثة وهذا لم يحصل في العراق برغم مرور اكثر من 7 سنوات على اقامة النظام الديمقراطي بالياته وليس بمفاهيمه مع الاسف الشديد .
قبل ايام ردت المحكمة الاتحادية الطعن المقدم من قبل 700 صحفي لقانون حقوق الصحفيين هؤلاء الصحفيون الذين اكدوا على ان هذا القانون يمس جوهر الحقوق والحريات الواردة في الدستور ويعيد انتاج اعلام السلطة مرة اخرى من خلال تفعيل قوانين النظام الدكتاتوري المجحفة بحق الحريات الصحفية بدلا من تعديلها او الغائها ويعني كذلك ان المحكمة الاتحادية وكما عبر عنها الزميل عدي حاتم رئيس جمعية الدفاع عن حقوق الصحفيين انها لا تعي ولا يمكن ان تكون مؤهلة للفصل في موضوعات كهذه كونها مازالت تفكر بعقلية قديمة وهذا دليل على عدم وجود سلطة رابعة في العراق وان رد الطعن من قبل المحكمة الاتحادية يعني بما لا يقبل الشك ان السلطات الثلاث لم تكن أهلا للثقة .
سلام خماط
AZPPPL