ليتني لم أكن شاعرة

ليتني لم أكن شاعرة بلقيس ملحماعتذارا من حبي للعراق الذي يُمزق فؤادي ” أنا أول القتلى.. وآخر من يموت ” محمود درويش أعرف بأنني أحببتكَ بغتة فسقيتَ زهرتي الضائعة بقبلة عابرة وتركتها تنمو على ضفافك شهقة تلو شهقة حتى وهن هذا الهواء فأصبحت بغداد لا تكفي لعبور تنهيدة ولا لنوم نيزك نسي نفسه بعد السقوط ولا لدمعة تمرح في القميص كأنك توشي بالريح للغابة وتوصيها بي خيرا! تُطلق على جسدي سهام الرعشة وتقول للحافلة البطيئة: أغلقي فمك ولا تقذفي بأكياس الكادحين ثمة مفقودات ستجمعها ” أم كاظم ” من المشرحة ثمة مفقودات تنثرها ” أخت كاظم ” في حوض البكاء تقول للحافلة البطيئة: توجد حفرة كبيرة يُخطئ كل العشاق فيموتوا فيها! حتما سيركض الأطفال بقدم واحدة وأنا سأجمع أحذيتهم وأحفظها في ثلاجـــــة ريثما تتــــذكرهم الحـــفرة! سأبحث عن ثوب أبيض نادر هذه المديــــنة لا يوجــــــد فيــــــــها غير الســـــواد الأمر ببساطة أن الموت هنا يثرثر والنخلة خرساء الموت هنا يُعلق صورته حتى في البيوت المهجورة ودجلة مصاب بالعمى بالكاد لا يزور مرقد النعمان إلاَّ مرة كل عام الموت هنا يلسع السماء بحوافره وجسر الأئمة يخشى لو رفع رذاذ الأذان أن يغرق . ماذا جنيتِ عليَّ يا بغداد؟ لأني أحبك هذه الينابيع ليست جديرة بأسناني أنا أقضم حصى المقابر وأبيع وجدي في بازار الأحزان المُجفَّفة لأني أحبك أو أظن ذلك هجمت علي جيوش القصائد فرحت أغمسها في عتمة الليل أردد ما كنت تقوله للحافلة البطيئة وأنا ألوح بيدي لأطفال البرتقال لكني كنت أيضا بطيئة جدا تعثرتُ في أول ضوء ابتسم لي عميقا عميقا .. فقدت سمعي مع آخر أغنية لداخل حسن كانت تصدح ببطء أيضا بعيدا بعيدا .. مشيت في جنازة الفراشات والريح تحشد في رأسي كل هذه الزهور . ماذا جنيت علي بغداد! أمصُّ وجعي فتحبل كل هذه الزهور أموت أو لا أموت المهم أنني أول القتلى بك وأول الناجين بصدق النذور ..

مشاركة