لميس البيضاني
في عراق يعاني أزماته المتكررة، تتصاعد أصوات أربعين مليون عراقي، يتساءلون بحرقة: لماذا لا يرد وزير الكهرباء؟ تلك الأصوات التي تتكسر عند أذنه الصماء، حيث يمتنع الوزير عن الرد على وسائل الإعلام وعلى كل من يسأل عن الأسباب الحقيقية وراء أزمة الكهرباء المستمرة.
ولكن لنتأمل قليلاً، لماذا يلتزم الوزير الصمت؟ ليس لنجاحه أو لثقته في نفسه، بل لأنه غارق في المشكلة التي يبدو أنه لا يجد لها حلاً. الأعذار انتهت، فلم يعد هناك عذر لم يُسوق من قبل وزراء الكهرباء المتعاقبين. ننتقل من فشل إلى فشل، من فساد إلى فساد، من سوء إدارة إلى ما هو أسوأ، وكأننا ندور في دائرة مفرغة من الخيبات.
في ظل درجات حرارة متطرفة، يصرخ الشعب العراقي، لكن الوزير لا يسمع. وكالعادة، نرى الاجتماعات، البيانات، التصريحات، والوعود، لكن في النهاية، تظل الكهرباء تتهاوى. يبدو أن الوزير أكبر من هؤلاء الملايين، ليس بحكمته أو إنجازاته، بل بالكذب والوعود المعسولة، وبمحاولاته المستمرة للتغطية على فشل وفساد لا ينكره أحد.
نرى يوميًا صورًا لمواطنين يعانون من انقطاع الكهرباء، أطفال لا يستطيعون النوم، مرضى في المستشفيات يتألمون، وأعمال تتعطل.
في المقابل، نرى الوزير محاطًا بمكيفات الهواء، مستمتعًا براحة لا يعرفها المواطن البسيط. يظل صامتًا، متجنبًا المواجهة، كأنه يقول: “دعهم يتحدثون، فالكلمات لا تصنع الكهرباء.”
أزمة الكهرباء ليست مجرد مشكلة تقنية أو اقتصادية، بل هي أزمة أخلاقية وإنسانية قبل كل شيء. فكيف يمكن لمسؤول أن يغض الطرف عن معاناة شعبه؟ كيف يمكنه أن يبرر فشله المتكرر ويستمر في منصبه؟ الإجابة بسيطة: الفساد وسوء الإدارة يوفّران له الغطاء اللازم للاستمرار.
إن صمت الوزير ليس مجرد تجاهل للأزمة، بل هو صرخة مكتومة تعكس حجم الفشل والفساد المستشري في أروقة الحكومة. إننا أمام مشهد كئيب، حيث تتجلى كل معاني الخيبة والإحباط في عيون المواطنين الذين لم يعودوا يثقون بأي وعود تُطلق من أفواه المسؤولين.
في الختام، لن يتغير شيء ما لم يتغير نهج التعامل مع أزمات الشعب العراقي. لن يتغير شيء ما لم تكن هناك محاسبة حقيقية للمسؤولين عن هذا الفشل الذريع. فصمت الوزير هو صدى لصمت ضميره، وضجيج معاناة الشعب لن يهدأ حتى تتحقق العدالة والإنصاف.