توقيع
فاتح عبد السلام
الوهم في العراق يأكل رأس الكبير والصغير في المشهد السياسي . جميعهم موهومون بأن ما يقدمونه من طروحات سياسية يمكن تحظى باهتمام أحد من العراقيين أو ثقتهم .
إنهم في واد والعراقيون في واد آخر ، هذا هو توصيف الصورة قبل الدخول في أعماقها .
بعد خراب البصرة وانحشار العراق في عمق الازمات يأتي فلان وعلاّن بما يسميه مبادرة لحل أزمة العر اق ، من دون يعي للحظة واحدة ،انّ ما ورد في كلام مبادرته هو شروط اخلاقية تمت بصلة الى صميم الوطنية ،وانّ مَن يتذكّر هذه الاساسيات الآن يؤكد بشكل لايقبل الشك انه عاش طوال حكمه او وضعه السياسي في أربع عشرة سنة من دونها . هنا نواجه ثلاثة أسئلة متراكبة وعملية ، هي ، لماذا يبادر مَن لا يستطيع تطبيق مبادرته على نفسه ،الى التقدم بها للآخرين ؟
ولماذا يقدمون مبادرات غير مكتملة العناصر فضلاً عن غموضها ولفلفتها المصائب بكلمات واهنة فتثير مزيداً من الانقسام ؟
والسؤال الثالث ، لماذا يعرضون مبادرات ليس بيدهم سلطة تنفيذها أو حتى تنفيذ الجزء المتعلق بهم منها .
في المقابل لا أحد يستطيع أن يعطي اجابات شافية ، لكن هناك خيطاً يمكن ان نلمحه بوضوح في الافق ترمش عيونهم جميعاً نحوه ، ذلك الخيط هو ، التغيير الذي ستبادر واشنطن الى تبنيه في العراق الذي بات خارج (خدمتها) برغم مما نزفت دماً ومالاً وسمعةً لأجله ، وهذا في الاستراتيجية الامريكية لا يجوز ، كما يبدو ان الامر لا يحتمل الاستمرار في فكر الرئيس الامريكي الجديد دونالد ترامب .
لكن لماذا يتوهمون بأن الامريكان وهم يعيدون انتاج تعاملهم مع العراق من باب غير باب الاحتلال ، سقتنعون بكلام معاد مستهلك أجوف لا أرض له ولاسماء تظله من نفس شخوص المخاضة التي انتجت عراق الفوضى والفساد والرذيلة والفقر وامتهان الانسان؟
هذا السؤال بالذات له اجابة واضحة واحدة وقاطعة ، هي انهم لا يزالون يعيشون في الاوهام انتاجاً وتسويقاً واستهلاكاً، ويجترون ما يسمونه مبادرات ليستثنوا انفسهم من الورطة .
رئيس التحرير
لندن