للوردد وأنت..لعادل الياسري ـ قراءة شاكر مجيد سيفو

للوردد وأنت..لعادل الياسري ـ قراءة شاكر مجيد سيفو
لوعة الذات الشاعرة بالمعاني
يكتب الشاعر عادل الياسري في ديوانه للورد…. وأنت أوركسترا أحلامه الشعرية بعطر الورد ونشيده، ويبدو ولع الشاعر باستدعاء الورد استدعاءاً رومانسياً في كتابة جمالية أنيقة، تتأسس على قراءته الواضحة للحياة وانشغالته بتفاصيلها . هذه الكتابة التي توصف في آدأئها الكتابي على المعيوش اليومي والتعرّي اللفظي التي يتماهى جزئيا مع بنية الأنزياح التي تنضبط تحتها شعرية النص، وبهذا المعنى تؤدي الملفوظة غرضها الشعري التي استعار الشاعر في أكثر، من صورة جينالوجياه الحسية واللسانية، تتحرك بنيات الحكمة والوصف وآستنطاق المجهول بتعيّن المنظومات الدلالية للحواس وتراسلها، وتتمظهر الذات الشعرية في ولادة جغرافيا الأهواء الشخصية في حضور شعري مكتوب، يتناسل من ذاكرة الذات الشاعرة، وتفتيت ذراتها المخيالية في الذرى الزماني وبانوراما المكان، الدال المكاني الشخصي الحلة مدينة الشاعر، باحثاً عن عشبة الخلود ……وكان أنكيدو في دروبك» رحاّلاً يبحث عن عشبة تكوّرَ البقاء فيها» تكوّرت متاهة الحياة» لكنها الأفعى» بأوروك تقتنص المغامر» في لسانها السمّ» أنبتت فيك….» فينا رعافه» يا أيها الممتد لسرمد القدامى لسحنة» لوّنت مياهك العميقة… ص18ــ19 من نصه لك ينسدل رأسي بأحلامه يكتب الشاعر بقوة المعرفة، ثمّة فكر ومعرفة يتبطنان نصوص الشاعر ويخلص الشعري الى كشوفات وتحققات ثيمية موضوعاتية تتراكم في بؤرة الدال ويرشح المدلول عنها في صيغ القول الشعري،بقوة المعرفة والخزين القرائي إنّ المعرفة هي الملاذ الأخير للكائن الحنيني حسب إيف بونفوا، فالشاعر عادل الياسري تأسره فكرة الحنين والحنينية الى الورد الذي يستدعي تجلّي الذات كاشفاً أسرارها في سيميائية المكان .. الدال الشخصي أشتهى أن تكون الحمامة صوته» لتبث الذي منه» من هاجس قلَّب الكفَّ…،» لم تكن في أخاديدها رؤى،» أو أزاهير من روضة» للنحل في أفيائها» مغازات بها فرحُ العصافير…ص30ــ31 من نصّه يبحث في السرّ .
يدفع الشاعر بمشهديته الشعرية عبر متواليات تتراسل من خلال ثيماتها بما يمكن تسميتها، بالتخطيطات الأدراكية التي تتحول الى مشاهد يومية زمكانية بصرية تنتهي في بؤرة نصية شعرية حدسية في مراحلها التحولية في تمثل الوجود، مأخوذا بلغة متلهفة بالرغبات، رغبة الذات في الانتقال من حال الى حال، ورغبة التجاذبات مع الاخر رغبات غير منتظرة في التعرف على المرئي واللامرئي، في الزائغ والمنفلت في تمثل الومضة، في الأصغاء العميق لصوت الذاكرة في سكونية الرؤيا وسكنها، على حدّ تعبير أدونيس إنني أسكن الرؤيا إنّ نص الشاعر غريزي ملغوم بالرفض يتمثل عراقة اللغة وصوتها التاريخي الثوري لو صح القول، يتخيل الشاعر انه يتوارى خلف أسوارها العالية مساءً…،» به قلبّت صمتها» طرقات المدينة» رأت ظلا لمسألة» لم يَكن حلّها» في عش قبرّة» أو على تلة من رماد….» مساءً…،» به صبية آبوا للمنازل في إنكسار….» مساءً،» به ثلّة لم يرقها أن ترى زهرة» تعتلي صفحة الماء. ص34 مساءات وصباح الشعر كلام آخر لا ينحصر في القول، ثمة أسطورة للكلام تتراءى للشاعر عبر منعطفات الفوضى والتخييل والحلم وتعامد صورة الماء التي تستحيل الى فضة تحمي النفس من الجسد، الفضة التي يستعيد بها الشاعر رموزية الماء ونقائه وبه نقاء النفس والجسد، هي أسطورته اليومية التي تقوده الى التجدد، في حملهً الشعري وصلته مع الآخر، هي تجاوز العزلة، يتخيل أنه محمي بالخيال بالماء المحروس الذي كتبه عنه الشاعر صلاح ستيتية، بالإملاء الشعري الشديد في وضوحهِ، في صوره المترددة من منطقة الى اخرى، في تواطئهِ مع العناصر الأربعة النار والماء والهواء والتراب، إنّ ما يدفع به الشاعر هذا الهدوء للقول الشعري بالنسغ الجنيني والحنيني وهو يتظاهر باللعب بالفكرة الفرويدية والأفلاطونية، ويقترح لها تركيباً متجانساً ومتسعاً، مستعادا تارة وأخرى مخلّقاً ومبتكراً، تشتغل حيزها العاطفة والكلمة الجوهر كانت فضة الماء مفتاحاً» بكفيه يمسحُه» يرى سرّه» يرى الصورة الاولى لفاختة» تنغّم القلب» في البردي» والقصب المردد» أغنية سكن الحزن» دوزنها» واحّمر من دمها وترٌ» علقته الأصابع في غابة الناس» تلون المرايا» أفانين صورته» تمدّ له العيط» أطرافها» يستظل بها» فينسى هاجرة القيظ» حين تصادفه الطير ص46 فضة الماء مفتاحها يستحضر الشاعر صور النخل في تضاعيف نصوصه الشعرية في سعي منه للمزاوجة بين تعاقب الصور التنويعية في ثيماتها وخطابها الشعري كرسالة تهمس بسطورها في الروح الشعري وروح المعنى عبر التناغمات الآيقاعية الدلالية وبنى السرد، في التركيز والأيجاز والحذف والشدّ من جهة أخرى لتأسيس معادلة شعرية تتصاعد من جوانيتها الذوات المكرورة بالصوت في مألوفية الأشياء وأنغلاقها أحياناً لم تلق الطير ساعتها…،» أعشاشاً» أكل السر البيض المودع فيها» ولملم النخل ذاكرته» فآمتلأت سيدة في البستان بزهو الورد» افترشت فيء الصفصاف» كان الطائر المكلوم يرقبها» ويسأل النهر» هل حفظت مياهه» الرُّمم الاولى للغز الطفولة… ص51 لم ينسها ونخلها… تدفع نصوص الشاعر الى الكشف عن ثيماتها بهذا التواشج بين رؤى الحياة في معناها المشرق والرومانسي الشفاف المشعّ والمشبع بمفردة الورد على امتداد مساحة الديوان وتستثمر هذه المزاوجة بالمحاكاة وانتاج هوية النص الذي يتشرب سكون الأشياء وقلق التجربة والعبور الى ضفة المعنى وآصطياد المعاني التي تتلوع بها الذات الشاعرة..
AZP09

مشاركة