خمسة لاعبين ساهموا في تتويج ميلان
لقب الدوري الإيطالي إنتصار شخصي لبيولي المُتّزن
{ ميلانو (أ ف ب) – يُعدّ الظفر التاريخي لميلان بلقب الدوري الإيطالي انتصاراً شخصياً للمدرب ستيفانو بيولي، العرّاب الدمث والهادئ للمواهب الشابة التي فرضت نفسها في الطريق إلى الـ”سكوديتو”.
في الدوري الذي عادة ما ينفجر فيه المدرّبون بهستيريا الغضب قبل المباريات وبعدها، يُعتبر بيولي شخصية متزنة نسبياً ونادراً ما تفقد أعصابها في العلن، ويحظى بتعاطف واضح من لاعبيه.
لقد تعامل مع خسارة ميلان لاعبين كباراً أمثال حارس مرمى منتخب إيطاليا جانلويجي دوناروما الذي غادر النادي إلى باريس سان جرمان الفرنسي كلاعب حرّ، من دون إثارة ضجة، وتكيّف مع الوضع لقيادة فريق نابض بالحياة يضم مواهب شابة على غرار ساندرو تونالي والبرتغالي رافايل لياو، والإنكليزي فيكايو توموري.
فوز ميلان بأول لقب له في الدوري منذ العام 2011? هو أول لقب كبير لبيولي كمدرب، ويعتبر بمثابة تكريم رائع تحقق وهو في السادسة والخمسين من عمره وبعد مسيرة تدريبية لم تؤشّر بالوصول إلى قمة مماثلة من قبل.
قبل وصوله إلى ميلان، اشتهر بيولي بكونه مدرباً لفيورنتينا عندما عُثر في آذار/مارس 2018 على قائد فريق الـ”فيولا” دافيد أستوري جثة هامدة في غرفة فندقية قبل مباراة أمام أودينيزي.
أظهر بيولي حينها قدرته على إدارة المسائل في أعقاب تلك المأساة العاطفية، ووشم رسماً لأستوري تخليداً لذكرى اللاعب الشهير.
قال بيولي العام الماضي “كنا سوياً لفترة قصيرة، لكنها كانت تجربة ستبقينا سوياً لبقية حياتي”.
وأضاف “في كل مرة أتلقى فيها مكالمة هاتفية غير متوقعة، أعيش من جديد صدمة لا أعتقد أن أياً منّا قد تجاوزها”.
منح الثقة
عندما وصل بيولي إلى ميلان في تشرين الأول/أكتوبر 2019? بعد ستة أشهر على استقالته من فيورنتينا، كان لاستلام زمام القيادة بعد ماركو جامباولو، المدرب غير المنتظم وآخر المدربين الذي مرّوا على “روسونيري” فـــــــــي السنوات الثماني البائسة التي تلت فوزهم بآخر ألقاب الدوري.
لم تكن التوقعات عالية بأنه يمكن لبيولي القيام بالكثير مع فريق فاز بثلاث مباريات وخسر أربعاً من مبارياته السبع الافتتاحية، كما أن عقداً حتى نهاية الموسم حينها لم يكن مؤشراً على قدر كبير من الإيمان من قبل إدارة ميلان.
لم تكن النتائج الأولية مشجعة أكثر مما كانت عليه تحت قيادة جامباولو: ثلاثة انتصارات فقط بين تعيين بيولي وعطلة الشتاء.
وربما كانت الخسارة المذلة بخماسية نظيفة في أتالانتا في آخر مباريات 2019? أسوأ اللحظات في مسيرة بيولي المهنية، وأثارت دعوات كبيرة لإقالته أيضاً. لكن بعد وصول السويدي المخضرم زلاتان إبراهيموفيتش خلال عيد الميلاد، تغيّر شيء ما.
مدعوماً في البداية من النجم السويدي الخارق، صعد ميلان إلى المركز السادس وتأهل إلى أوروبا، وأدت النتائج الجيدة في النهاية إلى عدم تعاقد ميلان مع الألماني رالف رانغنيك ومنح بيولي فرصة لدفع النادي إلى الأمام.
هذا الإيمان الذي تلقاه بيولي أتى ثماره للطرفين، له وللنادي، حيث احتل مركز الوصيف في الموسم الماضي وأعقبه الآن بلقب الدوري الذي لم يتوقعه أحد في بداية الموسم.
الآن أصبح بيولي وميلان جنباً إلى جنب في محاولتهما لإعادة أحد أكثر الفرق الأوروبية عراقة، إلى قمة اللعبة.
وكانت للتوليفة الناجحة بين عنصر الشباب والحرس القديم قد اسهمت في انشاء وحدة متماسكة تجاوزت وزنها وحققت اللقب، ونلقي الضوء على اللاعبين الأساسيين في تشكيلة اعادت المجد إلى ميلان.
أوليفيه جيرو
انتقل إلى “سان سيرو” في الصيف الماضي ليلعب دور “الكومبارس” للمهاجم المخضرم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش، إلا انه تحول إلى عنصر أساسي في ميلان بعدما استسلم جسد النجم السويدي ابن الـ 40 عاماً لقساوة السنوات.
برغم أن المهاجم الدولي المخضرم الفرنسي (35 عاماً) لم يسجل سوى 11 هدفاً، في أوّل موسم له في الدوري الإيطالي، لكن أهمية بعض هذه الأهداف تكمن بكونها حاسمة في مسار الفوز بلقب السكوديتو. ولم تتوقف انجازات جيرو عند هذا الحدّ، بل سجل الهدف الوحيد في مرمى نابولي في أوائل آذار/مارس في المرحلة 28? ليعتلي أبطال أوروبا سبع مرات صدارة الدوري، إضافة إلى هدفيه أمام ساسوولو في آخر مراحل الدوري.
رافايل لياو
هو احد لاعبين اثنين في صفوف “روسّونيري” نجحا في تخطي حاجز العشرة أهداف (11) في الدوري هذا الموسم بالتساوي مع جيرو، ليعكس مدى تطور هذا الجناح الدولي البرتغالي في “سيري أ”.
وعد وجوده على الجهة اليسرى جنباً إلى جنب مع الظهير الفرنسي تيو هيرنانديز مدمراً للمنافسين، كما أن وتيرته في الملعب ومراوغاته أرهقت دفاعات الخصوم، ليضيف إلى رصيده التهديفي عشر تمريرات حاسمة.
ساندرو تونالي
بلغ مشجّع نادي الصبا في ميلان تونالي سن الرشد هذا الموسم، وأصبح لاعب الوسط الذي كان يأمل النادي اللومباردي في أن يصبح عليه، عندما تعاقد معه على سبيل الإعارة من مواطنه بريشيا في أيلول/2020.
أقدم تونالي على خفض راتبه الصيف الماضي من أجل جعل انتقاله دائماً بعد موسم أول عادي في “سان سيرو”، قبل أن يتفجّر تألقاً هذا الموسم.
مقارنة بلاعب خط الوسط السابق أندريا بيرلو عندما كان لا يزال يرتدي قميص بريشيا، قال تونالي إنه يرى نفسه اقرب إلى فائز آخر بمونديال 2006 وهو جينارو غاتوزو.
تطور ابن الـ 22 عاماً ليصبح أكثر نشاطاً في خط الوسط وأضاف الأهداف إلى سجله، ليدوّن اسمه كصاحب هدف الفوز في الوقت القاتل (90+2) على لاتسيو 2-1 في المرحلة 34 إضافة إلى ثنائية من ثلاثية الفوز على فيرونا 3-1 في المرحلة 36 وهي أهداف حاسمة لميلان في طريقه للتتويج.
مايك مينيان
قد يكون الوقوف بين الخشبات الثلاث لوراثة البطل الأوروبي المتوج حديثاً جانلويجي دوناروما مهمة صعبة أو حتّى مستحيلة لأي حارس مرمى في العالم، لكن مينيان هو لاعب فرنسي آخر تألق في صفوف ميلان عندما دعت الحاجة.
تفجرت موهبة ابن الـ 26 عاماً دفاعاً عن عرين بطل إيطاليا، حيث قام ببعض التصديات الكبيرة في المباريات التي دفعت طريق مدينة ميلانو إلى لقب البطولة، لا سيما في الفوز بالديربي في شباط/فبراير الذي قلب السباق على اللقب رأساً على عقب.
لم تقتصر مهمـــــــــــات مينيان على صدّ الكرات، بل مرر كرة هدف فوز لزميله لياو ضد سمبدوريا في الأسبوع التالي، ليبرهن انه يملك كل صفات الحارس العصري.
فيكايو توموري
كانت إصابة سايمون كاير في ركبته والتي انهت موسمه بمثابة ضربة قوية لميلان، لكن في غياب قائد الدنمارك، تولى الانكليزي توموري مسؤولية خط الدفاع وشكّل ثنائياً متفجراً مع الشاب الفرنسي بيار كالولو.
منذ اصابة كاير في مباراة الفوز على جنوى 3-صفر في أوائل كانون الاوّل/ديسمبر، اهتزت شباك “روسونيري” 13 مرة (قبل الجولة 38) فقط في الدوري، وهي أدنى حصيلة في “سيري أ” خلال تلك الفترة، في حين أن تألق توموري في قلب دفاع ميلان جعل منه من أشد المقربين إلى قلب جماهير سان سيرو.