لعبة يتسلى بها البعض

المفكرون والنظريات السياسية

 

لعبة يتسلى بها البعض

 

 

يعد القرن العشرين عصر النظريات، لان عددا من المفكرين قد ظهروا وظهرت معهم نظرياتهم التي وضعوها لخدمة الانسانية جمعاء، وبالتحديد في اوربا واسيا وافريقيا، كان الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي مزريا في هذه القارات. الاقطاع في اوربا هو النظام السائد قبل الثورة الصناعية، كانت العبودية ظاهرة طاغية والاستغلال والظلم قائمان على قدم وساق، كانت الاغلبية هي الطبقة المسحوقة والمستغلة من الفئات القليلة والمستبدة  لذلك كان لابد من ظهور نظام جديد منقذ ومخلص للمجتمعات من الظلم والاستغلال، اما في افريقيا واسيا كان الوضع لايختلف كثيرا عن ماهو موجود وسائد في اوربا.

 

كانت الفئات القليلة الحاكمة والمنتفعة هي التي تسوس البلاد وفق ماتملي عليها مصالحها كان النظام الاقطاعي هو السائد في هاتين القارتين، وكانت أغلبية الدول في اسيا وافريقيا من ممتلكات الدولة العثمانية قبل الحرب العالمية الاولى، وبعد ان انتهت الحرب العالمية الاولى تغيرت الخارطة السياسية في العالم، ظهرت نظريات وافكار تدعو الى الثورة والتخلص من الظلم والاستبداد والاستغلال والقضاء على طغيان الفئات الحاكمة انذاك، من هذه النظريات هي النظرية الاشتراكية الاممية التي جاء ت بها الاحزاب الشيوعية في العالم، ومن زعمائها ستالين وليلين ومن المفكرين ايضا ماركس وانجلز وغيرهم، والنظريات الدينية الاممية كنظرية الاخوان المسلمين ومفكرها جسن البنا ومحمد عبده، والنظرية السلفية ومفكرها محمد عبد الوهاب، ونظريات قومية كنظرية حزب البعث العربي الاشتراكي ومفكرها ميشيل عفلق واكرم الحوراني ونظرية التيار القومي الناصري، والحزب القومي الاجتماعي ومؤسسه انطوان سعادة، وهناك مفكرون اخرون نادوا بوحدة العرب، مثل عبد الرحمن الكواكبي وبطرس البستاني وغيرهم، أن النظريات والافكار القومية التي عرفناها كانت تدعو الى وحدة العرب وتكوين قوة عظيمة من الدول العربية، للوقوف بوجه الاستعمار ومخططاته واطماعه التوسعية في الوطن العربي، فكانت نظريتا حزب البعث العربي الاشتراكي والتيار القومي الناصري هما المؤثرتان في جماهير الوطن العربي، وكانتا تدعوان الى الوحدة العربية وتكوين تكتل عربي يكون نواة للوحدة العربية الشاملة، تعرضت هذه النظريات التي سبق ذكرها في العالم والوطن العربي الى هزات وانتكاسات من الداخل و الخارج، الاسباب الداخلية هي عدم ايمان بعض العناصربكل ما جاءت به هذه النظريات السياسية، لان بعض الاهداف والمبادىء التي جاءت بها يتعارض مع المصالح الشخصية لبعض عناصرها، مما يثير حفيظة هؤلاء العناصر والانقلاب على هذه الحركات في الوقت الذي يرونه مناسبا، اما الاسباب الخارجية هي أن النظريات ومؤيديها وانصارها يهددون مصالح الدول الاستعمارية وامن اسرائيل، مما يحرك مخابرات الدول الاستعمارية والصهيونية بتغذية العناصر الماجورة للتصدي لهذه النظريات واصحابها والانقلاب من الداخل عليها، واذا لم توفق فسوف تشن الحرب لاجل القضاء عليها والمجيء بنظام دكتاتوري بديلا عنها، ظهرت انظمة في بلدان الوطن العربي جاءت عن طريق الانتخابات واصبحت انظمة دكتاتورية في ليلة وضحاها وتنصلت عن الشعارات والوعود التي قطعتها على نفسها، واصبحت الشعارات التي  نادت بها هي من اجل الوصول الى السلطة، اما امال الجماهير وطموحها فكانت كانت في مهب الريج او خبر كان، وانقلبت السلطة كالوحش الكاسر على جماهيرها التي اوصلتها الى هرم السلطة، في بداية القرن الحادي والعشرين ظهر مصطلح جديد على الساحة السياسية الا وهو مصطلح اللعبة السياسية وهذا يعني ان السياسة اصبحت لعبة يتسلى بها السياسيون، واصبحت الاهداف والمبادئ ومصلحة الشعب تباع وتشترى، والذي يدفع اكثر او يكذب اكثر هو الذي يصبح سيدا، ثم يسخّر كل امكانيات البلد لمنافع اصحاب النفوذ والمتعاونين معهم والله في عون الفقراء والمساكين.

 

 

 سمير الدليمي – بغداد