لعبة التشدق بالديمقراطية
الزعامة ظاهرة ضرورية في كل شكل من أشكال الحياة الاجتماعية، لهذا السبب، ليست مهمة العلم البحث ان كانت هذه الظاهرة حسنة أو سيئة، أو أن الأولي أو الثانية هي السائدة. غير أن هناك قيمة علمية عظمي في الإيضاح، أن كل نظام من أنظمة الزعامة لا يتطابق وأكثر الطروحات الديمقراطية أهمية، في زمن (كثَرَ فيه الزعماء)، إذا أستبعدنا من تفكيرنا (نزعة) الزعماء في تنظيم أنفسهم وترسيخ مصالحهم، وإذا ما استبعدنا أيضاً من تفكيرنا العرفان الذي يمتن به الأفراد لزعمائهم، والطابع السكوني والسلبي العام الذي يطبع الجماهير، نتوصل من خلال الاستنتاج، أن سبب (الاوليغاركية) الأساس في الأحزاب الديمقراطية يمكن في الأهمية الفنية للزعامة..! مع الإدراك أن قانون الحتمية التاريخية للأوليغاركية (الأقلية) يرتكز أساساً في سلسلة من حقائق التجارب، فالقوانين (السوسيولوجية)، شأنها شأن كل القوانين العلمية الأخري، مشتقة من الملاحظة التجريبية، وهذا يوصلنا أن العملية التي بدأت نتيجة للأختلاف في وظائف الأحزاب تنتهي بمجموعة (معقدة) من الخصائص التي يكتسبها الزعماء من خلال (أنفصالهم) عن الجمهور، ففي البداية، يظهر الزعماء ظهوراً عفوياً، وتكون وظيفتهم ثانوية لا مبرر لها، لكن سرعان ما يتحولون إلي (زعماء محترفين) وفي المرحلة الثانية من التطور يصبحون (ثابتين) تصعب أزاحتهم..! بعد اتباع (تنظيم) يؤدي إلي سيادة (المنتخبين) علي (الناخبين) وهكذا بقية الإجراءات التي تصب في خدمة بقاء الزعماء..! أن تيارات التاريخ الديمقراطية تشبه الموجات المتعاقبة، وتتكسر دوماً علي الساحل نفسه، أنها متجددة دائماً، وهذا المشهد الدائم يعد مشجعاً ومحبطاً في الوقت نفسه، فعندما تحقق الديمقراطيات مرحلة معينة من التطور، نراها تمر بمرحلة تحول تدريجي، مُتبنية (الروح الأرستقراطية)، وفي كل الأحوال الأشكال الأرستقراطية، بعد أن تقاومها مقاومة شرسة أول الأمر واليوم يظهر أشخاص جدد يتهمون الخونة ويشجبون تصرفهم، وبعد مرحلة من صراع مجيد وقوة غير مجيدة، ينتهي الأمر بالأنصهار في الطبقة القديمة المهيمنة، وعندها يتعرض هؤلاء بدورهم إلي هجوم يشنه عليهم معارضون جدد (يتشدقون) باسم الديمقراطية، ويحتمل أن تستمر اللعبة القاسية إلي مالا نهاية!! وتدفع ثمن هذه اللعبة الجماهير التي لم تحسن الأختيار وتركت الآخرين الذين وثقوا بهم وأجلسوهم علي كراسي سلطة لا يستحقونها..!
معتصم السنوي
/2/2012 Issue 4128 – Date 21- Azzaman International Newspape
جريدة »الزمان« الدولية – العدد 4128 – التاريخ 21/2/2012
AZP02