لبنان وعنق الزجاجة

لبنان وعنق الزجاجة
عبد الله القاق
اغتيال العميد وسام الحسن رئيس فرع المعلومات اللبناني يضع لبنان أمام منعطف مفصلي فإما إعادته إلى زمن الوصاية بمعزل عن هوية الوصي، أو قلب الطاولة سياسيا تمهيدا لاستعادة المبادرة السياسية في مشهد اغتيال الشهيد رفيق الحريري الذي تجلى في انتفاضة الاستقلال، هذا المشهد الذي يعيد ولو نسبيا المظلة الأمنية أوالتوازن الأمني الذي اختل بعد اغتيال الحسن، شريطة أن تكون ردود الفعل المحلية والعربية والدولية على المستوى المطلوب.
والواقع أن الهدف الأساسي من اغتيال الحسن هو تفويت الفرصة على لبنان من استعادة سيادته وقراره الحر بعد الاحداث السورية، وحرمان القوى السيادية من التأسيس على هذه اللحظة لإعادة السلام إلى لبنان.
وربط المعلقون السياسيون بين استشهاد رفيق الحريرى وبين الحسن الذي أصبح شهيدا كبيرا على الطريق نفسه الذي سار عليه الرئيس الراحل رفيق الحريري، طريق السيادة والاستقلال والعزة الوطنية في 14 فبراير 2005، كما أن لبنان فقد الضابط الشجاع الذي لم تثنيه الحملات ولا التهديدات عن مواصلة عمله الامني، في تفكيك عشرات شبكات التجسس الاسرائيلية، وإلقاء القبض على رموزها وأفرادها وزجهم في السجون لحماية ظهر المقاومة والامن الوطني اللبناني ككل.
هذا وقد شكّلت حادثة اغتيال رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللبناني العميد وسام الحسن حالة من الخوف والهلع لدى اللبنانيين من مختلف الطوائف والتوجهات السياسية، وما لبثت أن توالت التحليلات والاتهامات حول المستفيدين من قتله، وكان هذا الحدث الأبرز الذي خيّم على الوضاع اللبنانية وما تبع ذلك من تداعيات أمنية وسياسية، حيث وقعت إشكالات أمنية أولها وأهمها في منطقة شمال لبنان، حيث حصل تبادل لإطلاق نار بين باب التبانة السنية وجبل محسن العلوي، إلى جانب تكرر ظاهرة قطع الطرقات في العديد من المناطق اللبنانية بالاطارات المشتعلة. أما سياسيا فثارت الاستنكارات لبنانيا، عربيا ودوليا. وطالبت قوى من 14 آذار برحيل الحكومة الحالية محمّلة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مسؤولية مقتل العميد الحسن.
والواقع ان العميد الراحل الحسن وهو الرجل الذي كان يعرف، ترك اللبنانيين على مفترق لا يعرفون معه إلى أين هم ذاهبون. من يستطيع غداً أن يوقف هجمة الانفعالات وسيل الاتهامات التي قد تطال أطرافاً داخلية، كما ألمح بعض قادة السياسة في لبنان؟ من يستطيع أن يلم الشارع الملتهب بالغضب والانتقام والاتهام؟ من بإمكانه أن يغلق أبواب الجحيم التي فتحت أبوابها في أكثر من مدينة وبلدة وحي وشارع من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب مروراً بالعاصمة والبقاع والجبل؟
ما من قوة في لبنان، قادرة على لجم التدهور ووقف التداعيات، إلا اذا ظل الاستقرار مطلباً دولياً وإقليمياً والواضح ان اغتيال العميد الحسن اشبه بجريمة اغتيال الرئيس الحريري لانها جريمة لا تشبه بردود فعل الشارع كل الاغتيالات السابقة، ما عدا جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ولعل وظيفة هذه الجريمة لا تشبه في ظروفها، إلا جريمة اغتيال الرئيس الحريري .
نعم، فقد سقط الحريري شهيداً، يوم أقصى نفسه أو أقصي عن السلطة، فكان الاستشهاد قوة دفع جعلت عمر كرامي يستقيل من رئاسة الحكومة، مع ارتفاع أول صوت في مجلس النواب منادياً باستقالته، لتكر بعدها سبحة انهيار سلطة الوصاية و أجهزتها اللبنانية.
وقد اتهم وليد جنبلاط وسعد الحريري نظام الرئيس السوري بشار الأسد بتنفيذ الجريمة واكدا ان يد الغدر نالت من الجمهورية مرّة ثانية، وقصفت واحداً من أبرز أعمدة أمنها وأمانها، ومنطقة من أعزّ مناطقها، وصار في قدرة الطاغية بشّار الأسد وزمرة المجرمين والقتلة التابعين له التفاخر بأنّهم أنجزوا أخيراً ما عجزوا عن إنجازه على مدى سنوات، وأن يطمئنوا في تالي الأمر إلى أنّ أبرز الأبطال الذين واجهوا مؤامراتهم وإجرامهم وتفجيراتهم ومخططاتهم راح من طريقهم، وذهب لملاقاة ربّه ضمن قافلة شهداء الحرّية والسيادة والاستقلال .
هذا ولم يتأخّر أو يتردّد الرئيس الحريري في توجيه الاتهام إلى الأسد مباشرة بالوقوف وراء جريمة اغتيال الشهيد الحسن وعاهد في مداخلة له عبر تلفزيون المستقبل وأخرى عبر محطة العربية بأنّه لن يسكت ولن يهدأ، وقال أنعي لكل اللبنانيين باسمي وباسم عائلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وباسم تيار المستقبل وكل الأحرار في لبنان أخي وصديقي ورفيق دربي، العميد الشهيد وسام الحسن، رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي .
ويرى اللبنانيون ان العميد الحسنكان صمام أمان كبيرا، كما كان يشكّل لهم الطمأنينة بعدما كشف الكثير الكثير من الشبكات الإجرامية، وسجل الكثير من الإنجازات وآخرها كشف مخطط نظام الحكم السوري للقيام بتفجيرات واغتيالات في لبنان، عبر ميشال سماحة الموقوف وغير ميشال سماحة
ويرى المراقبون ان وسام الحسن شهيد تليـق به الحياة تحدث فيها عن أن العميد الراحل كان يتوقع واحدا من الاحتمالين كنهاية لحياته، يوم أمس، واشار المراقبون انه لم يختر وسام الخيار بإرادته. لكن فاجأه الموت وهو قاصد مكتبه. غادر ذلك المنزل المشؤوم في الأشرفية. وهذا المنزل لم يحمل لوسام سوى سوء الطالع. قبل أشهر، عرف الحسن أن منزله السري في الأشرفية قد انكشف. صار البيت ساقطاً أمنياً ، لكنه لم يغيّره. ولم يبدل عاداته اليومية. قال له كُثر المنزل مكشوف. اتركه، لكنه لم يكن يعير هذه النصائح أي اهتمام .
وادانت الصحف اللبنانية عملية اغتيال الحسن وقالت… نجحوا في اغتيال وسام وقالت كان يقدّر الحسن حجم توقيف سماحة، وعمل المجرمون على تنفيذ العملية باحتراف، حتى أقرب حلفاء النظام لم يستطيعوا التشكيك. كان يدرك أنه الآن الرجل الأول على لائحة الاغتيال.
AZP07