لا مطبات جوية بعد الآن

fatih new 2016-11

توقيع

فاتح عبد السلام

بعد‭ ‬أن‭ ‬وقعت‭ ‬واقعة‭ ‬الحادي‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬سبتمبرالشهيرة‭ ‬واضطرب‭ ‬توازن‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬جراءها‭ ‬وشنت‭ ‬الحروب‭ ‬تلو‭ ‬الحروب‭ ‬بعدها‭  ‬،‭ ‬منعت‭ ‬شركات‭ ‬الطيران‭ ‬عن‭ ‬المسافرين‭ ‬حمل‭ ‬أية‭ ‬مادة‭ ‬جارحة‭ ‬أو‭ ‬مدببة‭ ‬أو‭ ‬قاطعة‭ ‬أو‭ ‬حادة‭ ‬لاسيما‭ ‬المعدينة‭ ‬منها‭ ‬،‭ ‬لكنّنا‭ ‬لانزال‭ ‬نجد‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬بكل‭ ‬رضا‭ ‬منها،‭ ‬تزود‭ ‬الركّاب‭ ‬في‭ ‬اثناء‭ ‬تقديم‭ ‬وجبات‭ ‬الطعام‭ ‬بسكاكين‭ ‬معدنية‭. ‬وكأنها‭  ‬لا‭ ‬تصلح‭ ‬إلا‭ ‬لنوع‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬الاستخدامات‭ !‬

اليوم‭ ‬يجري‭ ‬حظر‭ ‬حمل‭ ‬أجهزة‭ ‬الكومبيوترالمحمول‭ ‬واللوحي‭ ‬وبعض‭ ‬الهواتف‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬الرحلات‭ ‬المتجهة‭ ‬الى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وبريطانيا‭ ‬من‭ ‬مطارات‭ ‬محددة‭ ‬بالعالم‭ ‬وليس‭ ‬كل‭ ‬المطارات،‭ ‬ويسمح‭ ‬بوضع‭ ‬تلك‭ ‬الأجهزة‭ ‬في‭ ‬خزانات‭ ‬الأمتعة‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬خارج‭ ‬كابينات‭ ‬جلوس‭ ‬المسافرين،‭ ‬يعني‭ ‬أنّ‭ ‬الخطر‭ ‬المحتمل‭ ‬،الذي‭ ‬صدرت‭ ‬لأجله‭ ‬هذه‭ ‬القرارات‭ ‬الناسفة‭ ‬للغة‭ ‬الحياة‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭ ‬،سيبقى‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬الطائرة‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬أجزائها‭ ‬السفلية‭ ‬وليس‭ ‬العلوية‭. ‬

‭ ‬القرارات‭ ‬ببساطة‭  ‬تتجاهل‭ ‬وجود‭ ‬عقل‭ ‬مخطط‭ ‬ومدبر‭ ‬للعمليات‭ ‬الارهابية‭ ‬،‭ ‬ويمكن‭ ‬استخدامه‭ ‬في‭ ‬جعل‭ ‬الارهابيين‭ ‬ينطلقون‭ ‬بهذه‭ ‬الاجهزة‭ ‬الالكترونية‭ ‬من‭ ‬مطارات‭ ‬وعبر‭ ‬خطوط‭ ‬جوية‭ ‬غير‭ ‬مدرجة‭ ‬على‭ ‬لائحة‭ ‬المنع‭. ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬يحتاجون‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثمن‭ ‬تذاكر‭ ‬إضافية‭.‬

لا‭ ‬يوجد‭ ‬تفسيرمقنع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬ثقة‭ ‬بالأجهزة‭ ‬الامنية‭ ‬لتلك‭ ‬الدول‭ ‬صاحبة‭ ‬الخطوط‭ ‬الجوية‭ ‬المشمولة‭ ‬بالحظر‭ ‬أو‭ ‬انّ‭ ‬القرار‭ ‬كان‭ ‬يستهدف‭ ‬خطوطاً‭ ‬محددة‭ ‬بالاسم‭ ‬وجرى‭ ‬توسيع‭ ‬الحظر‭ ‬ليشمل‭ ‬آخرين‭ ‬لتضييع‭ ‬معرفة‭ ‬الجهة‭ ‬المقصودة‭ ‬في‭ ‬الحظر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سواها‭ . ‬أو‭ ‬انّ‭ ‬القرارات‭ ‬ذات‭ ‬صفة‭ ‬تدرجية‭ ‬وسوف‭ ‬تشمل‭ ‬لاحقاً‭ ‬جميع‭ ‬الرحلات‭ ‬الطائرة‭ ‬في‭ ‬العالم‭  ‬بعد‭ ‬نجاح‭ ‬مرحلتها‭ ‬الأولى‭ ‬واستيعاب‭ ‬صدمتها‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الناس‭ .‬

الآن‭ ‬،‭ ‬أول‭ ‬ما‭ ‬يفكر‭ ‬الانسان‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬المعنية‭ ‬،عند‭ ‬اقدامه‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬جهاز‭ ‬هاتف‭ ‬أو‭ ‬كومبيوتر‭ ‬جديد‭ ‬هو‭ ‬نوعه‭ ‬،إن‭ ‬كان‭ ‬مشمولاً‭ ‬بمواصفات‭ ‬المنع‭ ‬أم‭ ‬غير‭ ‬مشمول‭ ‬وأين‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يفيد‭ ‬منه‭ ‬وما‭ ‬جدواه‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬منحه‭ ‬متعة‭ ‬يتغلب‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬ملل‭ ‬الانتظارات‭ ‬في‭ ‬المطارات‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أدائه‭ ‬لمهمات‭ ‬وظيفية‭ ‬في‭ ‬انجاز‭ ‬اعمال‭ ‬مهمة‭ ‬خلال‭ ‬السفر‭. ‬ربّما‭ ‬تغير‭ ‬مزاج‭ ‬الشراء‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬الالكترونيات‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬،لاسيما‭ ‬ان‭ ‬طائرات‭ ‬العالم‭ ‬تحمل‭ ‬عشرة‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬الكوكب‭ ‬كل‭ ‬شهر،بين‭ ‬المطارات‭ ‬،‭ ‬ومعظم‭ ‬هؤلاء‭ ‬المسافرين‭ ‬من‭ ‬المتعلمين‭ ‬وربما‭ ‬النُخَب‭ ‬أيضاً‭. ‬وماذا‭ ‬عن‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬فتحوا‭ ‬عيونهم‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الاسلوب‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬حمل‭ ‬الآيباد‭ ‬في‭ ‬الحل‭ ‬والترحال‭ !.‬

هناك‭ ‬فائدة‭ ‬غير‭ ‬أمنية‭ ‬،‭ ‬لقرارات‭ ‬الحظر‭ ‬،‭ ‬حيث‭ ‬سيستعيد‭ ‬الكتاب‭ ‬اعتباره‭ ‬في‭ ‬الرحلات‭ ‬الجوية‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬ستولد‭ ‬علاقات‭ ‬اجتماعية‭ ‬وانسانية‭ ‬أوسع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعارف‭ ‬المسافرين‭ ‬‬،‭ ‬أو‭ ‬اضطرارهم‭ ‬للنوم‭ ‬وهذا‭ ‬يكسبهم‭ ‬راحة‭  ‬وهدوء‭ ‬بال‭ ‬لاسيما‭ ‬عند‭ ‬أولئك‭ ‬القلقين‭ ‬من‭ ‬المطبات‭ ‬الهوائية‭ ‬في‭ ‬أعالي‭ ‬السماء‭.‬

رئيس التحرير

لندن

مشاركة