توقيع
فاتح عبد السلام
بعد أن وقعت واقعة الحادي عشر من سبتمبرالشهيرة واضطرب توازن العالم كله جراءها وشنت الحروب تلو الحروب بعدها ، منعت شركات الطيران عن المسافرين حمل أية مادة جارحة أو مدببة أو قاطعة أو حادة لاسيما المعدينة منها ، لكنّنا لانزال نجد كثيراً من الشركات بكل رضا منها، تزود الركّاب في اثناء تقديم وجبات الطعام بسكاكين معدنية. وكأنها لا تصلح إلا لنوع واحد من الاستخدامات !
اليوم يجري حظر حمل أجهزة الكومبيوترالمحمول واللوحي وبعض الهواتف على متن الرحلات المتجهة الى الولايات المتحدة وبريطانيا من مطارات محددة بالعالم وليس كل المطارات، ويسمح بوضع تلك الأجهزة في خزانات الأمتعة التي تكون خارج كابينات جلوس المسافرين، يعني أنّ الخطر المحتمل ،الذي صدرت لأجله هذه القرارات الناسفة للغة الحياة الجديدة في القرن الحادي والعشرين ،سيبقى على متن الطائرة لكن في أجزائها السفلية وليس العلوية.
القرارات ببساطة تتجاهل وجود عقل مخطط ومدبر للعمليات الارهابية ، ويمكن استخدامه في جعل الارهابيين ينطلقون بهذه الاجهزة الالكترونية من مطارات وعبر خطوط جوية غير مدرجة على لائحة المنع. ربما لا يحتاجون أكثر من ثمن تذاكر إضافية.
لا يوجد تفسيرمقنع أكثر من عدم وجود ثقة بالأجهزة الامنية لتلك الدول صاحبة الخطوط الجوية المشمولة بالحظر أو انّ القرار كان يستهدف خطوطاً محددة بالاسم وجرى توسيع الحظر ليشمل آخرين لتضييع معرفة الجهة المقصودة في الحظر أكثر من سواها . أو انّ القرارات ذات صفة تدرجية وسوف تشمل لاحقاً جميع الرحلات الطائرة في العالم بعد نجاح مرحلتها الأولى واستيعاب صدمتها في نفوس الناس .
الآن ، أول ما يفكر الانسان في الدول المعنية ،عند اقدامه على شراء جهاز هاتف أو كومبيوتر جديد هو نوعه ،إن كان مشمولاً بمواصفات المنع أم غير مشمول وأين يمكن أن يفيد منه وما جدواه إن لم يكن قادراً على منحه متعة يتغلب بها على ملل الانتظارات في المطارات فضلاً عن أدائه لمهمات وظيفية في انجاز اعمال مهمة خلال السفر. ربّما تغير مزاج الشراء والتعامل مع الالكترونيات مع مرور الوقت ،لاسيما ان طائرات العالم تحمل عشرة بالمائة من عدد سكان الكوكب كل شهر،بين المطارات ، ومعظم هؤلاء المسافرين من المتعلمين وربما النُخَب أيضاً. وماذا عن الأطفال الذين فتحوا عيونهم على هذا الاسلوب من الحياة في حمل الآيباد في الحل والترحال !.
هناك فائدة غير أمنية ، لقرارات الحظر ، حيث سيستعيد الكتاب اعتباره في الرحلات الجوية ، كما ستولد علاقات اجتماعية وانسانية أوسع من خلال تعارف المسافرين ، أو اضطرارهم للنوم وهذا يكسبهم راحة وهدوء بال لاسيما عند أولئك القلقين من المطبات الهوائية في أعالي السماء.
رئيس التحرير
لندن