لا تستهينوا بالوباء – جاسم مراد
كل المراجع الطبية والصحية والدينية، العالمية والوطنية تحذر بشدة من التساهل والتهاون في التقيد بضرورات الحماية من وباء الكورونا، والحماية ليست حالة إعجازية وإنما هي كمامة وما ارخصها والتباعد من التجمعات وغسل اليدين، هذه الممارسات تفي بضرورات المواجهة لهذا الوباء العالمي، وفي العراق نعتقد كما هو معلوم لم تتوانا وزارة الصحة وكل فرقها الطبية وأجهزتها الساندة كذلك وسائل الاعلام من العمل الدؤوب لحماية الناس من هذه الجائحة.
في أوروبا والمدن التي نعيش فيها، هناك تضامن شعبي قل نظيرة مع الأجهزة الطبية وتعليماتها، لكن رغم ذلك هناك إصابات كبيرة وواسعة حصدت مئات الأرواح بسبب الاستهانة بهذا الوباء كما حدث في الولايات المتحدة الامريكية التي جعلت منه عوامل صراعات سياسية واتهامات للصين كانت بعدم محلها وصدقيتها، أما العراق فهو البلد الذي تمكن في البدايات من الإحاطة لهذا المرض واستعمال كل الوسائل المتاحة لحماية المواطنين فكانت الإصابات أقل بكثير من البلدان الأوروبية والبلدان المحيطة بالعراق.
الان وان بدأ هذا الوباء ينتج جائحات متحورة اكثر خطورة من سابقتها لابد للمواطن أن يدرك الخطر عليه وعلى اطفاله وعائلته، وان أي استهتار بالتعليمات الصحية، يكون هذا الانسان مسؤولا وبشكل جدي عن ازهاق أرواح عائلته والمحيطين به، وبهذا يكون حسابه عسيراً أمام الله ومعتقداته الدينية.
الملاحظ رغم النداءات من المراجع الدينية نشاهد العديد بل الالاف من الزوار للعتبات المقدسة في سامراء وفي النجف الاشرف وكربلاء وباقي المدن الدينية، فالمحب لال البيت يجب أن يتقيد بارشادات ودعوات رجال الدين التي تمنع التجمهر، وليس ممنوعا لأحد أن يمارس الطقوس الدينية والزيارات في وقت يكون فيه مسموحا لتلك التجمعات.
ثم بات السلوك الفوضوي لاصحاب الفواتح والاعراس والتجمعات العشائرية، كأنه بالضد من الحظر ومن التحذيرات التي تطلقها اللجان الصحية في البلاد، فكل وصايا الأئمة تحذر من التجاوز على النفس الزكية ومن الممارسات التي تؤدي بالضرر لحياة الانسان، ناهيك عن تحذيرات المرجعيات الدينية، فلماذا الإصرار على تلك الممارسات في هذا الوضع الوبائي الخطير.
إن وزارة الصحة ولجانها الطبية وفيالق الأطباء قدمت الأرواح دفاعا عن حياة الانسان العراقي، وان أي استهانة بتوصياتها يعبر بشكل اكيد عن الخرق الواضح لإنتماء الانسان للإنسان، وتوكيد عن قصدية الاذاء وهذا بالتأكيد يحاسب عليه القانون والقضاء.
العراق وشعبه لا يتحمل المزيد من الإخلال بحياة المواطنين، فهو عبر كل الازمان قدم الكثير، وأن أي روح تزهق بفعل اللامبالاة يتحملها هؤلاء المتجاوزين على القوانين والوصايا الصحية.
إن الوطن يمر بمرحلة دقيقة إذ كان ذلك على مستوى الصراعات السياسية أو الحياة المعيشية المتردية، فليس بأمكانه أن يتحمل انتشار هذا الوباء بسبب وعوامل بشرية غير ملتزمة بالحفاظ على حياة العوائل والناس عموماً. بالتأكيد إن الاغلاق لمصالح واعمال الناس أمراً مؤذياً سيما هؤلاء الذين يشتغلون باجور يومية، وان الدولة مسؤولة في إيجاد المعالجات لهم عبر توزيع الحصة التوينية وزيادة مفرداتها أو البحث عن وسائل أخرى تمنع عنهم العوز والجوع، ويحاسب عند الله من يشبع بطنهوجاره ينام على وسادة الجوع والحرمان.