
سيول (أ ف ب) – أعلنت كوريا الشمالية الأربعاء أنها وضعت بنجاح في المدار قمرا اصطناعيا للتجسس، وذكرت وسائل إعلام رسمية أن الزعيم كيم جونغ أون اطلع على صور لقواعد عسكرية أميركية في غوام، أرسلها قمر الاستطلاع الأول لبيونغ يانغ.
ونددت واشنطن وسيول وطوكيو بعملية الإطلاق التي تتحدى العقوبات، وهي ثالث محاولة هذا العام لوضع قمر اصطناعي في المدار، والمحاولة الأولى منذ لقاء كيم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قاعدة فضائية روسية في أيلول/سبتمبر.
وبعد فشل محاولتين في أيار/مايو وآب/أغسطس، ذكرت وكالة الأنباء الكورية الشمالية أن صاروخا أطلق في ساعة متقدمة الثلاثاء و”وضع بدقة قمر الاستطلاع مليغيونغ-1 في مداره”.
وقالت الوكالة إن القمر الاصطناعي “يبدأ رسميا مهمته الاستطلاعية اعتبارا من الأول من كانون الأول/ديسمبر بعد إنهاء 7 إلى 10 أيام من عملية إجراء تعديلات بسيطة” مضيفة أن القمر بدأ إرسال صور.
وأوضحت الوكالة أن الزعيم الكوري الشمالي “اطلع على الصور الجوية لقاعدة أندرسون الجوية وميناء أبرا وقواعد عسكرية أميركية أخرى ملتقطة من الجو فوق غوام في المحيط الهادئ تم تلقيها عند الساعة 09,21 في 22 تشرين الثاني/نوفمبر”.
– عينان وقبضة –
استنكرت كل من واشنطن وسيول وطوكيو عملية الإطلاق التي تنتهك سلسلة قرارات للأمم المتحدة تحظر على كوريا الشمالية اجراء تجارب بالتكنولوجيا البالستية، المستخدمة في إطلاق صواريخ وعمليات إطلاق أقمار اصطناعية.
وردا على ذلك، علّقت سيول الأربعاء بشكل جزئي اتفاقا عسكريا مع بيونغ يانغ من العام 2018، وقالت إنها ستستأنف عمليات المراقبة على حدودهما.
وقالت قيادة الأركان المشتركة الكورية الجنوبية إن القمر الكوري الشمالي “تم تقييمه على أنه دخل المدار من خلال تحليل شامل لمعلومات مسار الرحلة وظروف مختلفة”، مضيفة أن “تحديد ما إذا كان القمر الاصطناعي يعمل سيستغرق وقتا”.
من ناحيتها، قالت اليابان إنها ما زالت تحلّل عملية الإطلاق وإنها “لا تؤكد في الوقت الراهن ما إذا كان القمر الاصطناعي قد وضع في المدار”، بحسب الناطق باسم الحكومة هيروكازو ماتسونو.
ومتحدثا في مركز عملية الإطلاق في بيونغ يانغ، قال كيم جون أون إن تطوير القمر يعني أن بلاده لديها “+عينان+ تنظران من مسافة طويلة جدا و+قبضة+ تضرب من مسافة طويلة جدا”، في إشارة محتملة إلى صواريخ كوريا الشمالية البالستية المحظورة العابرة للقارات، والتي تقول بيونغ يانغ إنها يمكن أن تضرب البر الرئيسي الأميركي.
وشدد كيم “مجددا على أنه من الضروري تشغيل المزيد من صواريخ الاستطلاع” من أجل تعزيز “وسائل الضرب العسكرية (للبلاد) … وأيضا للدفاع عن النفس”.
لم تستنكر الصين، حليفة بيونغ يانغ والداعم الاقتصادي الرئيسي لها، عملية الإطلاق لكنها قالت إن الوضع “معقد وحساس”، حسبما ذكرت الناطقة باسم وزارة الخارجية ماون نينغ في إحاطة صحافية.
وقالت إن “على جميع الأطراف المعنية التزام الهدوء وضبط النفس (…) والتزام الاتجاه العام لتسوية سياسية وبذل المزيد للمساعدة في التخفيف من حدة التوترات”.
– ثقة في النجاح –
دأبت سيول منذ أسابيع على القول إن بيونغ يانغ التي تملك السلاح النووي، بلغت المراحل الأخيرة للتحضير لمحاولة أخرى لإطلاق قمر اصطناعي للتجسس.
وقالت وكالة الاستخبارات في سيول هذا الشهر إن بيونغ يونغ تلقت على ما يبدو مشورة فنية من روسيا مقابل إرسال 10 شحنات أسلحة على الأقل لحرب موسكو في أوكرانيا.
وذكرت وسائل إعلام رسمية كورية شمالية آنذاك إن محاولة الإطلاق في أيار/مايو باءت بالفشل “بسبب بدء التشغيل “غير الطبيعي” لمحرك المرحلة الثانية، بينما نُسب فشل المحاولة في آب/أغسطس إلى خطأ في “نظام التفجير الطارئ”.
وألمح بوتين خلال لقائه كيم في أيلول/سبتمبر إلى أن بإمكان بلاده مساعدة بيونغ يانغ في بناء أقمار اصطناعية.
واتهمت كل من سيول وواشنطن بيونغ يانغ بشحن أسلحة إلى روسيا، وحذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن هذا الشهر من العلاقات العسكرية بين كوريا الشمالية وروسيا “المتنامية والخطيرة”.
ويبدو أن عملية إطلاق القمر ستؤذن ببدء سباق في الفضاء في شبه الجزيرة، على ما يقول خبراء، في وقت تخطط سيول لإطلاق أول قمر اصطناعي لها لأغراض التجسس بواسطة صاروخ سبايس إكس، في وقت لاحق هذا الشهر.
وقال الاستاذ المساعد في معهد دراسات الشرق الأقصى في جامعة كيونغنام ليم إيول-شول إن “كيم جونغ أون أظهر رغبته في أن تكون له اليد العليا في التفوق العسكري، من خلال محاولته إطلاق أول قمر اصطناعي للاستطلاع العسكري في مداره قبل كوريا الجنوبية”.
أضاف “بالطبع، ستكون هناك على ما يبدو فوارق في أداء الأقمار الاصطناعية”.
ومن شأن نجاح أي عملية لوضع قمر اصطناعي في المدار أن تحسن قدرات كوريا الشمالية في جمع الاستخبارات، خصوصا بشأن كوريا الجنوبية، وتوفر بيانات بالغة الأهمية في أي نزاع عسكري، على ما يرى خبراء.