كن ثعلباً يا كاظمي – اياد السعيد

 

 

 

كن ثعلباً يا كاظمي – اياد السعيد

قد يكون تعلقي بعلم المثلثات هو ما جعلني اُ?حيط كل قضية أو ظاهرة بثلاثة أضلاع وأحدد زواياه حسب تفوق ضلع على آخر، خذ مثلا أزمتنا السياسية المستدامة أضلاعُها الجهل والجيران والتبعية أما التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة فأضلاعها الإقتصاد والفساد والخارج ، والحل من وجهة نظري يكمن أيضا في مثلث مضاد أضلاعه الإرادة والمصلحة والدهاء … وأنا أرسم هذه الثلاثيات تذكرت موقفا لمصطفى الكاظمي حين نفذنا إضرابا داخل شبكة الإعلام العراقي أيام تأسيسها الأولى وإختارني زملائي كي أمثلهم في التفاوض مع الشركة المتعاقدة لإحتساب أجور معقولة للعاملين ، دخلنا المفاوضات وكنتُ صلبا في طلباتي لإحراج الجانب المقابل لكننا خرجنا ولم نحقق شيئا .. فجاءت مشورة المدير آنذاك أحمد الركابي بان أستمع إلى ما ينصحني به الكاظمي وفعلا إنتحى بي جانبا وهمس في أذني وقال : في الجولة الثانية لا تتصلب ولا تفرّط بعمل زملائك فأغلبهم يريد العمل بأي أجر وهي فرصتكم لتؤسسوا إعلاما حرا لذا أنصحك بأن لا تركز على المستحقات المالية بقدر ما تطلب احتياجاتكم من معدات للعمل وسوف ترى كيف يتغير الموقف .. دخلنا مرة ثانية للتفاوض ولكن هذه المرة كان الخصم حاسما وهذا ما قرأته في ملامحه وحديثه ، طرحتُ إحتياجاتنا ومنها أثاث لغرفة التحرير فقال ممثل الشركة : أنا مدير المشروع ليس لدي كرسي للجلوس .. إبتسمتُ وكان ردي هادئا : لستَ محررا لتحتاج إلى منضدة وكرسي .. نهض الرجل وصافحني ووعدني بحل المشكلة كلها بجانبيها المالي والفني وعادت الحياة للبث . حين تسلم الكاظمي مهمة رئاسة الحكومة وصفه البعض بالمسكين ومهمته للإنتخابات فقط ، نعم أوافقهم الرأي بان أقوى شخص لا يستطيع مواجهة اللوبيات السياسية العميقة والمستأسدة لكن الدهاء والتفكير خارج الإطار المغلق كفيل بطرح رؤى جديدة فالوباء تعاضد مع الفاسدين والسياسيين لتكوين مثلث يعيق عمله داخليا أما في الخارج فثمة إختبار حقيقي له وسط تصارع المصالح الإقليمية بين زوايا مثلث الرياض وطهران و واشنطن ماسكة العصا ، هو يعرف جيدا أن لغة السياسة هي لعبة المصالح وليست مفاهيم الدين والعقائد التي يستخدمها تجار الحروب شعبيا وبراغماتيا للتجييش لأن ما يُطرح على طاولة المفاوضات هي مساومات المصالح فقط ويعرف أن الشعب ملّ من الرموز والتيجان والنموذج البالي لرئيس الحكومة بل عليه أن يقتطع حصة العراق من كل طاولة مفاوضات لضمان إستمرار الدولة كما ضمن بدهائه إستمرار البث مع زميله الركابي في لحظات حرجة .. هنا لابد من أن نحدّث مطالبنا ونعيد حساباتنا في أن يكون الرئيس بشخصية الثعلب الماهر المناور وليس المتهور الماكر لكي يدخل في جوف كل هذه المثلثات فيمزق أحشائها لاسيما أنه رجل مخابراتي ولديه معلومات رصينة عن كل محيطنا فنضمن أمن العراق وبناء إقتصاده ودولته من جديد بعد أن ضيعتها مهاترات الفاسدين .

مشاركة