كلمة الوريد‮… ‬سكين رماد‮ ‬- نصوص – شوقي‮ ‬كريم حسن

كلمة الوريد… سكين رماد – نصوص – شوقي كريم حسن

تغلق ابواب قبولها بغير ما رضا منين وتغادر تلك اللحظة الطفولية التي ظلت عالقة في ذاكرة اطماري.. كلما رأيت الى واحدة تقف عند الباب محدقة في فراغ الطريق ، تصورتها تلاحق خطوات فتى كنته ذات يوم، ما الذي دفعها الى مصير مظلم، لم ترتده غير قليل من الاناث الموجوعات القلوب؟ . كان أبي يحذرني من لقاء اولاد تلك العائلة التي ما كنا نعرف عنها شيئا غير ما يشاع وتلوكه اللالسن وتنسج حكاياته عقول تحاول فك طلاسم غرابتهم وابتعادهم عن مخاطر طرقاتنا المكتظة بالضجيج والصراخ و أحتجاجات النسوة اللواتي ما كن يعرفن كيفية تزجية اوقاتهن بغير العراك والتلوث بروائح المطابخ ، يقول أبي بحدة من اكتشف كفرا .

ـــ حاذروا ان تقتربوا من مرض اذا ما استشرى في بيت اوصلهم الى الموت الذي لامحالة منه!!

تقول أمي بخجل ـــ الا يمكن شفاؤهم من هذا ؟

يرد الاب ـــ بعض الامراض لا خلاص منها.. هم من اختار ولهذا لااريد لأولادي ان ينغمسوا بذات الطريق الذي يسيرون فيه… حاذروا ملامسة افكارهم… حاذروا !!

ترد أمي متسائلة ـــ مالهم ؟

ينظرها الاب بعينين جاحظتين امتلأتا برعب السؤال ، وارتباك الإجابة يشعل سيجارة ، ويمصها بعصبية من وجد نفسه محاطا بدوائر من الثعابين المطلقة لأجراس سمومها، تراقب أمي سحابات غيوم روحه التي جللها الانهزام، وتلوذ ارواحنا عند جدار هلعنا الباعث على التصور، كنت احاول رسم صور الابتعاد عنها، والكيفية التي يمكن ان اساعدها من اجل الشفاء، لكن عوالم أبي وقصصه كانت تعيدنا الى حيث الرعب والتخيل ، والهلع الذي ما نلبث أن نصحبه الى وسائدنا لنسكبه كوابيس وهمهمات وتبول، يقول ـــ بعض الامراض لا شفاء منها وخاصة تلك التي تصيب الرؤوس المؤمنة بعنادها.. وهؤلاء منهم يركبون امواج العناد محاولين تغيير اختيارات الناس وإجبارهم على ملاحقة الأكاذيب، يشاع انهم يحاولون قلب نظام الحكم.. الاب اعدم قبل شهور والإخوة اخذتهم السجون… ولم يبق سوى بنات تلوثت افكارهن بماء الإخوة مال النساء والسياسة.. مال الناس والسياسة… المشي الى جانب الجدار أسلم الايمان ان الغد أسلم الابتعاد عن مناطحة ثور الحكومة القوي أسلم تذكروا هذا جيدا… ابتعدوا عن طريق يقال به كلمة سياسة… عيشوا ايامكم برضا وقناعة!!

تقول أمي بفرح من اكتشف شيئا مهما ـــ القناعة كنز لا يفنى !!يهز الاب رأسه ، مبتسما، فتروح بنظرات غريبة اليه، رأسي المتورم بالضجيج والأحلام والأوهام، يلم اكياس الاجابات عله يجد ما يفيده ، تظل كلمة سياسة ترعب جسدي كله ، وتؤرجح حياتي بين قهر اللحظة ونسيان الأيام الذي يقف هناك ، المجنون بالتمرد، الساكن عند ضفاف وحدته، يتوسلني، يشير اليّ لأساعده اشده الى بعضي الرافض بعضه، لكني اتلمس وهق الحبل الخشن، اتلمس تلك اللحظة التي لابد لها ان تنسي كل شيء، اليد المعروقة، المرتعشه من صقيع الأفكار حاولت الوصول الى زر الإنهاء ، ضعطة واحدة، واحدة فقط ، ثم انسحاب فوري الى هوة ظلام لاتسع غير فراغها المدوي ، لكن اليد تتراجع، والرأس يحترق بالتوسلات التي ما كنت اعرف لها مستقرا، اجدها تلوح ليّ، تقف عند بصيص الضوء الذي يخترق الباب نصف الموارب ، تشير الى الامتداد الشاسع الذي لم ار منه غير ركامات من الخراب، ثمة هناك حروب، ومدافن ، وتوسلات لأرواح ما كانت تريد الرحيل، ثمة هناك اشواق تتفيأ ظلال ألانتظار، ومئات من مواويل الشوق الساعلة لميراث الاهل غير العارفين بحقيقة ما يجري، الاحلام عزاء يتوزع بعدل ليلامس فرغات النفوس التي ترعت بوضوح الفشل، الوضوح شجر يابس ينتظر لحظة الاحتراق ،كنت مشغولا بخلاصي ، وكان الذي هناك مشغولا بالحصول على رشفة ماء تأخذه الى حيث دروب خلاصه، وحدها تثقب نهارات احزنها لتصنع دمى معتوهة تريد ان توقف نزيف الأعمار، وحدها ترتق ثياب الهم، لتكسي الامهات اردية احلام تتناسل بهاءات وحنين، تمط قدمي خطاها، لكن الحبل الراغب بالرقبه يسحبني اليه، احاول الخلاص، والكف عن الارجحة، ينهض الذي هناك متشمتا مطلقا جلجلة من الضحكات غير المتوازنة، كنت اطلقها حين اعلن عجزي، اتلمس ملامح جسدي، لان الجسد القابع الان الى جواري بدأ بالاستحواذ على برودة الارض وجفافها، كنت احدق إليه ، اتلمس الوجه الباض بالاسترخاء وأتمنى لو أن لحظتي تلك عادت بنا الى مسافات كنا قد تركناها وراءنا منذ زمن طويل، اشعرها تبتسم، واشعر الذي هناك يجس نبض قلبها الخدر، فاضربه بعنف، لااريد ان تتلوث صفاءات ألاستذكار لااريد أن تضيع علامات الهدوء التي نعيشها معا، عبء المحنة جعلني ابتعد الى حيث الزاوية المقابلة، بعد أن دثرت الجسد المسجى بدثار نومي،

قالت ـــ لا فائدة؟

قلت ـــ لا فائدة؟

قال الذي هناك . ـــ لا فائدة؟

المرأة التي اخذتني الى نيران توحشها ، وحدها.

قالت ـــ بل ثمة الكثير من الفوائد؟

لاادري ما الذي تقصد، فليس ثمة قدرة لنا بأن نعيد عقارب الساعة الى الوراء ، حيواتنا مجرد خردة ملقاة عند نواصي الطرقات، حيواتنا المتعددة الاتجاهات والمشارب كانت مجرد مزح لزجة لاتمنح غير البله والاستعباد ، حين ادونها مني، كانت تتمنع ، تحاول الهروب الى حيث تريد ، ليس ثمة ما يربطنا معا غير اصراري على ان تظل سيدة المكان الذي اريد ، منذ رايتها اول مرة وأنا اهيم في براري وجودها، تجلد رغباتي كل ليلة، وهي تهس بحنين الى ماض يراودها ما ان اضع راسي عند تلال صدرها الاشبه بتلال مدافن اجدادي القابعين هناك، ارتجاجات توهمني بالاستسلام ومواء يغطس جسدي داخل هذيانات الاشتهاء، اسحبها اليّ ، اجر انوثتها العارمة، اتوسلها بأن تقول شيئا، لكنها تغمض عينيها وثمة حزن شفيف يرتسم فوق المحيا الغارق بالاسترجاع ، كنت اراه يراود مكاني، اجس الجسد ، فأجد مطابع هيامه وقد انسكبت مثل عسل تاركة اثار ألابتهاج اهمس ، ـــ احبك ….

تهمس بغنج ودلال ، له لذاك الاتي من خلال وجودها ــــ احبك ؟

ارفس ثياب وجعي ، وامسح ليل انكساري عند ملاعب فخذيها ألجامحتين ، لكنها تلم انوثتها عن عمد، محاولة إهانتي الاخر كان يجول دون رادع ، الاخر كان يخط امانيه عند مراسي رغباتها التي تفوح بروائح الصمت / تتنهد الاثام عند صرير السرير الايل الى الفتنة وإعلان الجنون، اللحظات قحط ذكورتي التي تفضحها التوسلات غير الراغبة بالانكفاء ، اجدها تغمض مسامعها متأوهة ، واجده مبتسما، راعفا ذل امتحانه عند شفتي مودتها الاخذة بالتصاعد، الكراهيات اسست معالم الامكنة التي تحيط بوجودنا كله، ماعادت الصورة القديمة تثير اهتمامي، كل ما كنت افكر فيه، هو أن احطم صروح الكبرياء وعظمة الاحساس بالعلو، اجدها دائما تصرخ عند ضريح فشلي ـــ القدر هو الذي جعلني اعيش واياك تحت سقف واحد.. أنت من ارتضيت الامر.. أنت قبلت ان يشاطرك جسدي رجل اخر حتى ولو كان ذاك الرجل حلاما.. كأن عليك أن تعرف أن احلام النساء حجر صوان لاتكسره هزهزات انهزام مثل هذا… كان الامبراطور صورة صمتي الذي لااستطيع مقاومته لكنه الان بعيد… غائر في اعماق نسيانه .. وعليك أن تعرف ان المحال اقرب اليك..!!

ـــ برغم كل هذا. لايمكن ان ابدلك بأنثى مهما كانت .. أنت مودة الاكتشاف الاول… والهمس الاول… وضجيج الاختيار الاول.. حين رأيتك اول مرة عرفت أن لاخلاص مهما كان الامر.. أعرف أن خساراتي كبيرة ، لكني ادمنت تلك الخسارات.. ادمنت وجعي وخلوتي وليلي الذي لااعرف كيف يبدأ عند ذاك الصمت الذي يشيد معابد الهمس كل ليلة ، والى اين يمكن أن ينتهي، لااظنك لاتعرفين اني عارف باكتشافك السر.. لكني وددت ان العب معك تلك اللعبة التي تحبينها.. الاكتشاف ماخذ مني غير التقرب اليك.. لا فائدة من ابتعاد تعرفين جيدا انه ضرب من مخيلة جامحة صوب بوادي الفشل.. الاقتراب ديمومة وجودنا معا… لااكترث لكل كراهيات الدنيا… لاني معجون من طين القبول والطاعة والاستسلام ، حين اتصدر حبور النفوس المراقبة لزمن الصرير والهبوط الى عالم العتمة ، امسك بكل خيوط الرضا، اجدني ابتسم دون ارادة مني، والعق شفتي دون ارادة مني، واجس ما بين فخذي دون ارادة مني، وحدها التوسلات المحمومة تأخذني اليك مهما كانت مهمة ألاختيار ، اعترف لك انها الوحيدة التي ابعدتني عنكن اجلستها عند حائط الترقب ناثرا شعرها المائل الى الاخضرار بأتجاه هالة الوجه المشعة بياضا،وجوه الموتى الماخوذين ببرهة التدلي، تاخذ لون الفضة وبريق الشمس التموزية، حاولت معرفة السرلمرات عدة، فتحطمت سفن معارفي عند أول بوابات الاجابة، كانت تنظر اليّ بذات عدم الاهمال القديم، واجدها تهمس لمجهول لااعرف من اين اتت بهن اضع اليد اليسرة بهدوء عند حضن التأمل ، واترك اليسرى سائبة وكأنها تحاول التجديف، الصورة تبهر ذكورتي الواجه تمنيا ومسرة، اجس نبض الفضة، وأعاود الهمس بلذة عشاق الحدائق الخاتله عند جدائل اشجار الاس والصفصاف ، ـــ ليتك تقولين شيئا.. أود لو ترفضين الصعود الى بواخر الصمت.. مثلك يجب أن يتحدث في لحظة كهذه (( اقبل اليد بتقديس الاهي .. ثم اعيدها الى ما كانت عليه )) رائحة الانفاس تقمط جسد الارض / انفاس معطوبة بالتمني/مسروقة باكف الخوف / الوجوه العارفة بلعب الشيطان.. توقد الكوانين/ وترقب المساءات التي غدت مزدحمة بالانين/ نرسم جبين الفوضى / علم بدوائر صفر.. وخطوط باهتة ملساء مثل افاع عاجزة تلونها الاخضرارات الوادة بالرحيل صوب الدم / تخشى احلامنا الحروب/ تخشى الحروب قلوبنا التي عرفت كرنفال السرور/ أن كان حبك قد من قبل / قد صدقت الحرب/ وكنت من الخاسرين/ أن كان قلبك قد من دبر/ فاخترلا منفاك، او بئر رحيلك، ولربما طامورة سجن، تنام بين وحشة الليل وهذيانات ما قبل انفتاق روح الشمس لتسكب فوق الجباه فضتها العرمة/ أن كانت المناقي قبور خلاصنا/ فعلام لا تغدو الامال محض خيال / ايا…… ابن… ال……/

جفت ثمار الهلع، حين احتضنت الصدر البارز مثل كومة نرجس، وتلاهثت اعماقي ، ما كنت ادري أن لجسد الموت مثل هذا الاشعاع الغريب، احسستها تلامس ذكورتي المتخاذلة، ثمة دوما ما يخذل ذكورتي، كانت تضع الوسادة حدا، وحين اقبل رجاءاتها تدنو مني على حذر، اتوسد نفور صدرها لاشم عبق ألاشتهاء اهمس .ــ مالك تصدين قبولي ؟

ترد ـــ لااريد ان اعيش بما ليس فيّ ولا اقبل فيه… ربما يكون الجسد لك .. ولكن روحي مرهونة هناك عند ذاك البعيد… انت من اختار الامر وقبل… كان عليك ان ترفض مثل هذا الامتهان .. أن تقول لا ماان تجرأت وسمعت مني ما سمعت.. كيف يمكن لك ان تعيش مع انثى لا تعيش معك.. خذ ما تشاء ولكن ماتشاء لا يمنحك السعادة.. اعرف كم تحبني .. أعرف ولكن الافئدة التي اختارت لايمكن ان تتراجع البته !!

ـــ هاانت تقولينها علنا القلوب التي اختارت لايمكن ان تتراجع. ..لم تطالبينني بأن اتراجع وأنا غارق بذات وجودك .. لا يغفوا ليّ جفن.. ولا يستقر لي معنى… احلامي جافت ارض نباتها وغدوت وحيدا اغدو في طرقات النسيان علام كل هذا الصـد ارجوك اجيبي ؟!!

ـــ لا تفهم معاني أن تكون الانثى في غير مرادها.. لب الحقيقة انقلاب الهاجس الى بلاهة.. والبلاهة الى نسيان.. وأنت لاتحاول اجتياز بلاهتك باتجاه نسيانك,, الانحناء عيب ذكورتك التي تصر على اكتشاف مسارالدموع … ماذا لو احتفلت بجسد دونما روح.. ماذا لو تقلدت تاج الانتهاكات؟

/ كانت قد اكتشفت السر/ قد عرفت خطوي الغريب / وأيقنت انها لايمكن أن تعيد رنين ضحكاتها المسروقة قسرا من قبل ذاك الامبراطور الذي غدا مجرد شاهدة تعشق اعلان الجريمة / كنت الوذ به حين اشعر الانكسار / فبماذا عساني الوذ الان ؟ / انتبه الى نفسي/ والى رعاف الاجساد التي بدأت تشعر بالفجر وهو يودعها الى حيث برودة الثلاجات التي تترجم النسيانم اهتزت يدي/ محاولة اضاءة فحم الظلام المقيت / الليالي سر افتضاحنا الاعظم / وايقاع رتابة الوقت / اعدت كل التمتمات الى عنفوان صمتها / ودخلت عنوة دائرة التهريج / كانوا ينظرون صوبي / يلاحقون خطوات الجلاد / والمهرج / والشحاذ/ والغائب في لجج الذل/ حين تشعر بأن النوايا رماد / لابد لك من غربلة روحك الشاعرة بحاجة الى التطهير/ ولكن كيف يمكن لروحي التي تشبه النجاسات وتهيم في روح الشذوذ أن تتطهر؟ كيف يمكن ايقاف نزيف المحنة التي اراها تلاحق امكنتي وهي تحمل سكاكين الغموض/ حاولت فك اشتباك المعنى/ لكنها ما فاهت بكلمة واحدة / الدم يتصاعد / والاثام تتصاعد / والارض التي تمسك حظوظ الأساطير ما عادت تكترث لشي / تحولت الامال الى رماد / والمعابد الى مباغي/ والمناسك الى رغبات بالقيء والاستهانة/ الضياع وحده هو الحقيقة الراسخة/ التي تماسك خيبتين وتجعلني اطفو فوق بقايا وجودي الغريق/ ماعساني فاعل…؟ لاشيء…. لاشيء … سوى أني اعددت الرحلة الاخيرة لبكاء مر.. بكاء يؤرجح عمري كله بين ثنايا وجودي دون ان اهمس بشيء.